الصدر يوقف المعارك في ساعة ويطالب خصومه بالانسحاب
• التيار كرّس تعديل الدستور ومراجعة شروط مشاركة الأحزاب والفصائل في الانتخابات
• فكه حصار البرلمان لأول مرة منذ 30 يوماً لا يعني قبوله تسليم العراق لحكومة موالية لطهران
• «الإطار» يفض الاعتصام بعد ليلة دامية واشتباكات بالهاون والصواريخ ومشاركة قناصة حماية المالكي
وأد زعيم التيار الصدري ثورة أنصاره بعد تخليها عن السلمية وأمرهم بفك حصار البرلمان والانسحاب من المنطقة الخضراء، فيما ردّ خصومه في «الإطار» بخطوة تهدئة مماثلة وأرسلوا إشارات إلى استعدادهم لتنفيذ مطالب الصدر عبر مسار قانوني لحل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة لإنهاء أطول أزمة بتاريخ بغداد.
غداة ليلة دامية شهدت سقوط عشرات القتلى والجرحى في اشتباكات بين أنصاره ومسلحين محسوبين على خصومه بـ «الإطار التنسيقي الشيعي»، انسحب أتباع الزعيم العراقي مقتدى الصدر، بعد مضي دقائق على مهلة أطلقها لهم لإنهاء محاصرة مقر البرلمان ووقف المعارك العنيفة التي استخدمت فيها أسلحة رشاشة وقاذفات «آر.بي.جي» وصواريخ من المنطقة الخضراء وسط بغداد اليوم.وأمهل الصدر، في كلمة متلفزة، أنصاره مدة ساعة من الزمن، للانسحاب من البرلمان والمنطقة شديدة التحصين، منتقداً الثورة «التي لم تعد سلمية» ومهدداً بالتبرؤ من تياره في حال لم ينسحب ويوقف الاشتباكات.وقال: «ما يحدث ليست ثورة لأنها ليست سلمية. الدم العراقي حرام».
وأضاف: «الآن أنا أنتقد ثورة التيار الصدري كما انتقدت ثورة تشرين، ولو جرى حل الفصائل من قبل، كما طالبنا مراراً لما وصلنا إلى المشهد الحالي».وتابع زعيم المقاومة السابق ضد الولايات المتحدة، في خطابه: «هناك ميليشيات وقحة، نعم، لكن يجب ألا يكون التيار وقحاً». واعتبر الصدر أن «الحشد الشعبي، لا علاقة له بما يحدث، من اشتباكات». وقدم زعيم التيار الشكر للقوات الأمنية «بسبب موقفها الحيادي مع كافة الأطراف». واتهم الصدر من مقره بالحنانة في النجف، من أسماهم بـ «الميليشيا الوقحة» بالوقوف وراء الاشتباكات الدامية، مقدماً الاعتذار للعراقيين عما جرى، وقال إن «العراق هو المتضرر الوحيد من الفتنة أياً كان من المتسبب بها ومن بدأها».وجدد الصدر تأكيد قراره، الذي اتخذه أمس، باعتزال العمل العام، «اعتزالاً شرعياً» وليس سياسياً، وقال: «أنا مواطن عراقي، لا شأن لي بالسياسة». وفي وقت سابق، أعلن الصدر أنه بدأ إضراباً عن الطعام احتجاجاً على استخدام السلاح من قبل جميع الأطراف.
«الإطار» والعامري
وفي أول رد فعل من خصومه بـ «الإطار»، على خطوة خفض التصعيد، قرر التكتل الشيعي الواسع سحب أتباعه من موقع الجسر المعلق المؤدي إلى المنطقة الخضراء، داعياً أنصاره إلى البقاء في حالة جاهزية تامة.وثمن «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري دعوة الصدر لإنهاء مظاهر العنف وسحب أنصاره، داعياً حكومة مصطفى الكاظمي وقوى «الإطار» للتعاون مع التيار لتنفيذ مطالب الأخير في شكل قانوني بشأن حل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة. وقال العامري، إن «مبادرة الصدر بوضع نهاية للعنف المسلح مبادرة شجاعة وتستحق التقدير والثناء، وجاءت في لحظة حرجة يراهن فيها الأعداء على توسيع حالة الاقتتال بين الإخوة».ودعا الجميع إلى «الحذو حذو الصدر بخطوات مماثلة لحقن الدماء وقطع دابر الفتنة ولملمة آثار الازمة والسير قدماً للخروج من الانسداد السياسي».المالكي والحرب
من جهته، شكر زعيم «ائتلاف دولة القانون» رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، «الحشد الشعبي» والقوات الأمنية التي واجهت ما وصفه بـ«السلاح المنفلت والصواريخ التي لا تميز». وغداة تقرير عن هروبه من منزله بالمنطقة الخضراء، شدد الخصم اللدود للصدر على أن «القوة لا يمكنها أن تفرض واقعاً سياسياً على الآخرين». ورأى المالكي أن «من يشعل الحرب ليس هو من يوقفها أو يتحكم بمساراتها لجني ثمارها دون مؤثرات داخلية وخارجية».واختتم بالتأكيد على ضرورة نبذ العنف و«القوة اللاقانونية» والخروج على النظام وتخريبه، ولابد للقوى السياسية جميعها سواء كانت ممثلة بالحكومة او معارضة، من الاحتكام لمقررات صوت الشعب الذي يختزله مجلس النواب الشرعي عبر قراراته وقوانينه ومواقفه، والالتزام بأحكام السلطة القضائية والمحكمة الاتحادية باعتبارها الفيصل الدستوري في الخصومات.الكاظمي والخنجر
بدوره، وصف رئيس الحكومة خطوة الصدر بأنها «تمثل أعلى مستويات الوطنية والحرص على حفظ الدم».وقال الكاظمي: «كلمة الصدر تحمّل الجميع مسؤولية أخلاقية ووطنية، بالتوقف عن التصعيد السياسي والأمني وبدء حوار سريع».وفي حين ارجأت المحكمة الاتحادية العليا نظر دعوى حل البرلمان، كشف رئيس تحالف «السيادة» السني، خميس الخنجر، عن مساعٍ لـ «مبادرة عاجلة لوأد الفتنة»، معلناً دعمه لأي قرار بحل البرلمان وإعادة الانتخابات.سيطرة وانقسام
وبالتزامن تبادل التيار وخصومه بـ «الإطار» خطوات التهدئة، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، رفع حظر التجوال في بغداد والمحافظات الجنوبية التي شهدت توتراً مع هرع المدنيين إلى تخزين المواد الأساسية تحسباً لاندلاع حرب أهلية.وأفادت تقارير بأن الموانئ العراقية المطلة على الخليج، في البصرة، بدأت بالعمل بعد توقفها ليل الاثنين ـ الثلاثاء.وجاء ذلك في وقت عجزت السلطات الحكومية عن فرض سيطرتها على المنطقة الخضراء خلال الاشتباكات التي اندلعت عصر أمس، واستمرت أثناء إلقاء الصدر لخطابه، وسط حديث عن انقسام الجيش بين «الإطار» والصدريين. وتسببت الاشتباكات التي استخدمت فيها قذائف الهاون بين أتباع «الإطار»، الذي يضم فصائل وأحزاباً متحالفة مع إيران، وأنصار الصدر في سقوط نحو 25 قتيلاً و200 جريح.وصباح اليوم، أطلق مسلحون صواريخ على المنطقة الخضراء وجاب الشوارع مسلحون على متن شاحنات وهم يحملون أسلحة آلية ويلوحون بقنابل يدوية بينما التزم السكان بحظر التجول قبل رفعه. وهاجم أنصار الصدر 12 مقراً تعود لفصائل مسلحة وأحزاب وكتل سياسية في بغداد والبصرة وميسان والكوفة وبابل، أبرزها مقرات لمليشيات «بدر»، و«عصائب أهل الحق»، و«النجباء»، وحزب الدعوة بزعامة المالكي الذي اتهم بنشر قناصة، من عناصر حمايته الشخصية، على أسطح المقرات الرسمية في المنطقة الخضراء.