دخلت الحرب الأوكرانية شهرها السابع، ولا تزال هناك شكوك حول مسار المواجهات خلال الفترة المقبلة، إذ يشير تحليل نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» إلى أنها «حرب استنزاف».

ويقول كاتب التحليل، مارك كاتز، بروفيسور السياسة لدى «جامعة جورج مايسون» والباحث غير المقيم في «المجلس الأطلسي»، إن «المؤشرات الأولية التي وضعها الرئيس فلاديمير بوتين لاستسلام الأوكرانيين أو الإطاحة برئاسة فولوديمير زيلينسكي، باءت بالفشل، وأن جزءاً كبيراً من تراجعه عن مخططاته يعود إلى الأسلحة التي مدها الغرب لكييف».

Ad

لكن في ذات السياق، يقول الكاتب، إن «القوات الأوكرانية لا يمكنها في الوقت الحالي أن تعيد جنود موسكو إلى حدود روسيا، فيما تبدو حرب استنزاف قد تطول شهوراً أو أعواماً إضافية»، واستشهد باعتراف زيلينسكي بأن القوات الروسية تحتل نحو 20% من بلاده.

ويرى الكاتب، أن «القدرات العسكرية لدى كييف وموسكو لا تشير إلى تفوق عسكري لطرف على حساب الآخر في الوقت الحالي»، مشيراً إلى أن «الحرب بينهما ستستمر حتى ينهار أحدهما أو يقرر الاستسلام في محاولاته هزيمة الآخر».

كما يرى كاتز، أن «الأوكرانيين مستعدون للقتال بقوة دفاعاً عن وطنهم ولديهم رئيس على استعداد لقيادتهم في القيام بذلك».

وعلى الرغم من أن القوة العسكرية الأوكرانية لا يمكن مقارنتها بتلك الروسية، لكن كييف استفادت من المساعدة العسكرية الغربية واسعة النطاق، خاصة الأميركية، التي مكنتها من تقييد القوات الروسية وتعطيل تقدمها، وفقاً لكاتز.

هجوم مضاد

وبعد أسابيع من الجمود النسبي في الحرب التي أودت بحياة الآلاف وشردت الملايين ودمرت مدناً وتسببت في أزمة طاقة وغذاء عالمية وسط عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، أعلنت أوكرانيا اختراق خطوط الدفاعات الروسية في أماكن عدة قرب مدينة خيرسون الجنوبية، التي تتمتع بأهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا باعتبارها «جسراً برياً» لشبه جزيرة القرم، التي ضمتها من أوكرانيا عام 2014.

وأيد مسؤول عسكري أميركي كبير فكرة أن أوكرانيا تصعّد هجومها في الجنوب، قائلاً، إن «البنتاغون لا يزال حذراً بشأن ما إذا كانت القدرات العسكرية الحالية لأوكرانيا كافية لتحقيق مكاسب كبيرة»، مشيراً إلى أنه «في غضون 24 إلى 36 ساعة القادمة، سيكون لدينا معرفة أفضل بمستوى هذا الهجوم».

وأفادت الرئاسة الأوكرانية، أمس، بأن «معارك عنيفة» تدور في «معظم أرجاء» خيرسون. وقال أوليكسي أريستوفيتش، كبير مستشاري الرئيس زيلينسكي، «يجب أن أشير إلى أن الدفاعات الروسية اختُرقت في غضون ساعات قليلة».

وأوضح أن القوات الأوكرانية «تقصف العبّارات التي تستخدمها موسكو لجلب الإمدادات إلى جيب من الأراضي التي تحتلها على الضفة الغربية لنهر دنيبرو في خيرسون».

وحضّ زيلينسكي بدوره القوات الروسية على الفرار من خيرسون، قائلاً إن الجيش الأوكراني يستعيد أراضي البلاد.

من ناحيتها، أفادت وزارة الدفاع البريطانية، أمس، بأن القوات المسلحة الأوكرانية صعّدت من معدل القصف المدفعي في عدة مناطق جنوب أوكرانيا، بينما واصلت ضرباتها الدقيقة بعيدة المدى تعطيل الإمدادات الروسية. وأضافت أن روسيا تبذل جهوداً منذ بداية أغسطس الجاري، لتعزيز قواتها على الضفة الغربية لنهر دنيبرو حول خيرسون.

على جانب آخر، نفى مسؤول نصبته روسيا في خيرسون، وقوع هجوم أوكراني، لكن وزارة الدفاع الروسية اعترفت لاحقاً بأن القوات الأوكرانية شنت هجمات في 3 اتجاهات، لكنها قالت إن هذه الجهود «فشلت فشلاً ذريعاً».

طائرات إيرانية

في غضون ذلك، نقلت طائرات شحن روسية عشرات الطائرات القتالية من دون طيار (مسيّرات)، إيرانية الصنع، لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا، بحسب ما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين.

وغادرت طائرات النقل، إيران في 19 أغسطس، محملة بنوعين على الأقل من المسيّرات، وكلاهما قادر على حمل ذخائر للإغارة على الرادارات والمدفعية وأهداف عسكرية أخرى، وفقاً لمعلومات استخبارية جمعتها الولايات المتحدة ودول أخرى.

واعتبرت الصحيفة أنه، بينما تؤكد هذه الخطوة العلاقات العميقة بين موسكو وطهران، فإنها تسلط الضوء أيضاً على معاناة روسيا في إمداد جيشها المنهك.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين أميركيين أنه في حين أن هذه الأسلحة يمكن أن تقدم دفعة كبيرة للجهود الحربية الروسية ضد أوكرانيا، فإن المسيّرات الإيرانية شهدت إخفاقات كثيرة في الاختبارات الأولية التي أجراها الروس.

بدوره، قال مسؤول أمني في دولة متحالفة مع الولايات المتحدة، وتراقب حكومته عن كثب عملية النقل، وتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أو جنسيته، أن «هناك عدداً قليلاً من الأخطاء في النظام»، مضيفاً أن «الروس غير راضين».

وأمس، اجتمع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في العاصمة التشيكية براغ، حيث تركّزت محادثاتهم على إعداد برنامج تدريب عسكري للجنود الأوكرانيين.