الوضع القانوني لأبناء المتجنس والترشح للانتخابات
أوضحت المادة (82) من الدستور في معية المادتين (80 و81) من الدستور أنه يُشترط للمرشح لعضوية مجلس الأمة أن تتوافر فيه جملة من الشروط، ومن ذلك شروط الناخب، وجاء القانون رقم (35) لسنة 1962 وحدّد شروط الناخب التي توجب أن يكون كويتي الجنسية، ومن لم يكن كويتياً بصفة أصلية وإنما متجنّس؛ فلا يجوز له الانتخاب؛ إلا بعد مضي 20 سنة على حصوله على الجنسية الكويتية، وبذلك فإن المتجنّس لا يمكن له أن يكون ناخباً إلا بمضي 20 سنة من تاريخ تجنّسه.وفي عام 1994، أصدر مجلس الأمة قانون رقم (44) لسنة 1994، وهو قانون يعتبر بكل المعايير القانونية مخالفاً للمقرر بالدستور وخطيئة دستورية، ذلك أن المذكرة التفسيرية للدستور في تفسيرها لنص المادة (82) منه، والتي تطرقت إلى شرط الجنسية باعتباره من شروط الترشيح أشارت إلى أنه «لا يجوز للمتجنّس أن يرشّح نفسه وفقاً لهذا النص مهما مضى على تجنّسه من الزمن»، إلا إذا أدخل القانون أبناء المجنّس ضمن الصفة الأصلية للجنسية حسبما تقرر المذكرة التفسيرية. وفي هذا السياق، لا بدّ من أن نشير إلى أن قانون الجنسية الصادر عام 1959 أي قبل صدور الدستور، حدّد مفهوم الجنسية بصفة أصلية، ثم جاءت المادة (181) من الدستور وحصّنت كافة الأوامر والقرارات والمراسيم والقوانين، التي صدرت قبل العمل بالدستور واعتبارها جزءاً متمماً لهذا الدستور ومحصّنة به، ومن ثم فإن تعريف المواطنة، والتي ترتدّ إلى عام 1920 كما جاءت في نص المادة الأولى من قانون الجنسية؛ إنما هي أساس ما يُعرف باسم الكويتي بالتأسيس أو الكويتي المؤسس، وأبناؤه ليسوا مؤسسين لعدم وجودهم في عام 1920، لكنهم أصبحوا، كونهم أبناء للمؤسسين، كويتيين بصفة أصلية، بمعنى أن الصفة الأصلية نابعة عن أصل وجود آبائهم باعتبارهم أصحاب الصفة التأسيسية والثابتة كونهم أبناءهم، وفكرة التعريف هنا جاءت بقانون الجنسية، وما ذكرته المذكرة التفسيرية للمادة (82) وهو جواز أن يأتي القانون ويُدخل أبناء المتجنس ضمن الصفة الأصلية أمر غير جائز، لأن هذه الصفة لا تثبت بتشريع لمجرد من الوصف القانوني، وإنما تثبت بحكم الميلاد وحقيقية الصفة وقتذاك وليس بصفة يوصف بها الشخص بعد ميلاده ووجوده، وهناك فرق بين الأمرين.
وبالرغم من ذلك، لو أردنا أن ندخل في بحث قانوني مجرد، لوجدنا أنه حتى - لو تجاوزاً - قبل ما قرره القانون رقم (44) لسنة 1994، فإنه لا محل لما قرّره في فقرته الثانية من المادة الأولى بجعل الكويتي ابن المتجنس يصبح كويتياً بصفة أصلية اعتباراً من تاريخ صدور هذا القانون، فهذا لغو تشريعي باطل؛ لأنه يرتد بأثر رجعي ويغيّر صفة ثبتت واكتملت، وتغيير الصفة، وتغيير الاسم، وتغيير أي أمر يتعلق بشخصية ما، نسميه الشخص القانوني أو (الشخص الطبيعي) لا يجوز إلا بحكم قضائي، وليس هذا أصلاً من اختصاص المشرع، ولا سلطة له بشأنه، فإذا جاء المشرّع كما في القانون رقم (44) لسنة 1994، وغيّر صفة المتجنس ابن المتجنس وجعله كويتياً بصفة أصلية، فإن هذا التغيير، فضلاً عن أنه بأثر رجعي غير جائز بحكم المادة (179) من الدستور، فإنه تغيير في الصفة، وهو من الأمور التي لا تجوز ولا يختص بها إلا القضاء حصراً ولكل حالة على انفراد، وليس حكماً عاماً كما جاء في القانون الذي يمثل انحرافاً تشريعياً وعبثاً بالتشريع وارتجالاً غير سوي، ولا بد أن يتم تصحيح هذا الوضع الخاطئ.ومن هنا فإنه على وزارة الداخلية والحكومة أن تتحرك وهي في خضم تصحيح المشهد السياسي بصورة عامة لمنع ترشيح من هو مولود لأب متجنس إذا كان يستند إلى القانون رقم (44) لسنة 1994 لبطلان ذلك، وإن كان هذا الابن حديث الولادة أي وُلد بعد عام 1994 فهو لم يكمل حتى الآن ثلاثين عاماً، فإذاً لا يوجد بين المتجنسين ولا من بين أبنائهم وفقاً لصحيح القانون والدستور على نحو ما ذكرنا من يجوز لهم الترشح لمجلس الأمة.