لبنان: حراك حول سلّة شاملة للتسوية لتجنب الفراغ أو في الحد الأدنى إدارته
دخل لبنان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إذ بقي شهران على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون ومغادرته القصر الجمهوري. تضجّ البلاد بحركة سياسية تشمل ملفات مختلفة، أولها تشكيل الحكومة، وثانيها إقرار قوانين إصلاحية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وثالثها تسوية رئاسية تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد، وما بين هذه الملفات، هناك استحقاقات مرتقبة، أهمها ملف ترسيم الحدود، الذي ينتظر عودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.في ملف تشكيل الحكومة، تتواصل المساعي للوصول إلى صيغة توافقية، بهدف تجنب صراع دستوري يتعلق برفض رئيس الجمهورية تسليم صلاحياته لحكومة تصريف الأعمال، وسط ضغوط دولية تتقاطع مع ضغوط يمارسها حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري للتوصل إلى تشكيلة حكومية ترضي جميع الأطراف.وتشير مصادر متابعة إلى إحتمالين في هذا الصدد، إما أن يعاد إحياء الحكومة الحالية، أو الذهاب إلى تعديل وزاري يفرض فيه رئيس الجمهورية ميشال عون شروطه.
وفق المعلومات أيضاً، لن يدعو بري إلى جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في حال لم تتشكل الحكومة، لأنه بعد توجيه دعوة عقد جلسة لانتخاب الرئيس سيتحول المجلس النيابي إلى هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، بينما يحتاج المجلس قبل ذلك إلى الانعقاد لمنح الحكومة الجديدة الثقة.كذلك لا يريد بري عقد جلسة انتخاب رئيس قبل توفير حد أدنى من شروط التوافق، وهو أعلن أنه لن ينتخب أي رئيس يعمل على التفريق والتقسيم بين اللبنانيين، أو يكرس الخطاب الطائفي والمذهبي، في موقف موجه ضد ترشيح رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. عملياً فتح بري الطريق أمام البحث عن رئيس توافقي، هو يتلاقى في ذلك مع طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يريد انتخاب رئيس يحظى بعلاقات جيدة في لبنان ومع القوى الخارجية، وغير محسوب على محور، ومع وليد جنبلاط.في هذه الأثناء، تتواصل لقاءات نواب التغيير والنواب المستقلين للتوصل إلى مرشح رئاسي مشترك، فيما ستشهد الأيام المقبلة سلسلة لقاءات نيابية حول المرشحين الرئاسيين المحتملين، وسط تباعد في وجهات النظر بين بعض الكتل النيابية المستقلة والكتل الحزبية، يعزز التوقعات بأن تذهب البلاد إلى فراغ رئاسي.ولتجنّب الانزلاق إلى إنهيار سياسي ودستوري كبير لدى الوصول إلى الفراغ، فلا بد من تشكيل الحكومة لإدارة المرحلة، إضافة إلى أن هذه الحكومة تمثل حاجة وضرورة وطنية ودولية لمواكبة ملف ترسيم الحدود وإصدار المراسيم اللازمة بعد إنجازه. يشكل «الترسيم» رهاناً استراتيجياً بالنسبة إلى اللبنانيين، أولاً لتجنب حصول أي تصعيد أو تدهور أمني مع إسرائيل، وثانياً لما سيرسيه من تهدئة إقليمية تنعكس على الواقع الداخلي اللبناني وتترجم بعدد من الاستحقاقات، بما فيها تسهيل انتخاب رئيس توافقي. وتعتبر مصادر متابعة أن الاستحقاقات اللبنانية ستكون موضوعة ضمن سلّة كاملة لا بد من الاتفاق عليها بين القوى السياسية المختلفة، ترتبط بترسيم الحدود والوصول إلى تفاهم على القوانين الإصلاحية وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة في العهد الجديد.