انتخابات
يتباين السياسيون في تقدير دور سلطة الدولة على ضبط وتسيير حركة المجتمع، ما بين فرض سلطتها قسراً (الدكتاتورية) من طرف فرد أو طبقة حاكمة، أو التنظير بإلغاء دورها نهائياً (الشيوعية)، أو بإعطائها الدور الأدنى من المسؤولية الاجتماعية (الاشتراكية).في الكويت في معظم الأحيان تسببت تدخلات السلطة بلا روية أو حكمة في النشاط الاجتماعي العام في الكثير من التجاذبات والجدل السياسي حيال التدخل الحكومي، آخرها ما طرأ حول مدى ضرورة الاضطلاع الحكومي بالتغيير والتعديل في قانون الانتخاب، في حين المادة (80) من الدستور تمنح البرلمان الدور الأساسي والحصري في تشريع مواد القانون الانتخابي وتعديلاته.القرار الحكومي الانتخابي لم ينل كفايته من الدراسة والنقاش، ولو أسند إقراره للمجلس النيابي القادم لاستوفى مشروعيته الشعبية والنيابية وحُصِن من السجال المستنزف للوقت والجهد.
فالقرار الحكومي أضاف مناطق انتخابية جديدة، بعضها لا يشمل مناطق سكنية كمنطقة الشويخ الصناعية والمنطقة الصحية بالشويخ، وهي مناطق يمنع فيها بناء السكن الخاص! كما أن إضافة مناطق جديدة لبعض الدوائر الحكومية تسبب في كثافة مخلة بالكتلة التصويتية بين دائرة وأخرى، مما يلزم إعادة النظر بشكل موضوعي في التوزيع المناطقي لتحقيق العدالة بعيداً عن الحسابات القبلية والطائفية والفئوية. الانعطافة المستجدة في التوجه الحكومي نابعة من مجاراتها للتبدلات في الوعي السياسي الشعبي، خصوصاً الشباب وانفتاحه الإعلامي واستغلال قدراته على التوجيه والتأثير، مما اضطر الحكومة لخطوة «إصلاحية استباقية» لكسب بعض النقاط ترميماً للتشوهات التي عابت أداء الجهاز الحكومي لا سيما بعد فضائح طالت «الكبار» من قياداته المدنية والعسكرية والقضائية، كإجراء لتحسين صورتها الداكنة، وأيضاً، يدل هذا على أن التقدم في «الوعي الاجتماعي» له الدافعية الأساسية والزخم للتطور السياسي نحو المزيد من نقاء الممارسة الديموقراطية وتطبيق عملي لمضمون أثر السلطة الاجتماعية المتعدد الأشكال.إن السلطة الحقيقية والمعتبرة هي سلطة الجماهير، وهي مقدّمة مقاماً على سلطة الدولة، الأولى تعبر عن الإرادة والثانية تنفذ تطبيق تلك الإرادة الجماعية الديموقراطية، فحريتنا يجب أن تستمد من نظام شعبي لا شعبوي، وملكية القرار الشعبي-النيابي لا تقل قيمةً عن حق الملكية الخاصة، وكلاهما وجهان لعملة واحدة هي حق تقرير الوجهة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب مهما بدت اعتبارات صوابية القرار أو خطئه.