منذ أن تأسست منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) عام 1945، تقدمت أكثر من 170 دولة عضوة، من أصل 193 في هذه المنظمة، بطلب إدراج مواقع تاريخية وشخصيات وصور وتماثيل تراثية تجاوز عددها 960 إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي الثقافي، لاعتبارها تراثاً إنسانياً عالمياً وجزءاً من التراث المشترك للبشرية يستوجب تدخل اليونسكو للحفاظ عليها من الإهمال أو التلف أو الضياع، فالغريب أن كل الدول العربية، ومن بينها كل الدول الخليجية، باستثناء الكويت، تقدمت بطلبات إدراج متنوعة ضمن قائمة اليونسكو، والأغرب أن هناك دولا ليست حديثة الاستقلال فحسب، إنما هي حديثة النشأة، وصار لها موطئ قدم بين قائمة منظمة اليونسكو، إلا دولة الكويت التي تطبق على نفسها الآية الكريمة «وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»، فنحن لدينا آثار في جزيرة فيلكا تعود لقرون قبل الميلاد، وكان يفترض في الحكومات الكويتية المتعاقبة أن تنسق مع خبراء الأمم المتحدة لمساعدتها في الحفاظ على هذا التراث الإنساني، لأنها لم تعد ملكاً للكويت أو الكويتيين، ولم تعد مسألة الحفاظ عليها خياراً كويتياً بل عالمياً صرفاً يعاقب عليه القانون الدولي لو أبدت الكويت إهمالاً. قبل أكثر من 15 سنة تقريباً جرى لغط كبير حول مسلسل تاريخي ضخم بعنوان «أسد الجزيرة» كان يفترض أن يعرض على شاشة تلفزيون دولة الكويت في تلك الفترة، وبسبب تدخل أفراد وعائلات جاء ذكرهم في حلقات المسلسل، لم يعرض المسلسل في الكويت، على الرغم من أن كل الكويتيين شاهدوا هذا المسلسل على شاشة عدد من الفضائيات الخليجية في تلك السنة دون أن يقوم المخرج أو المؤلف بإجراء أي تعديل على سيناريو أو حوارات المسلسل ليناسب رغبة من لهم علاقة بشخصيات المسلسل، فقبل أيام نمى إلى علمي أن عائلة الفضالة الكريمة اعترضت على مسلسل أو فيلم وثائقي يحكي قصة حياة الراحل الكبير الفنان المبدع عبدالله الفضالة، فتوقف المنتج والمخرج عن مواصلة توثيق حقبة مهمة وشخصية مؤثرة في تاريخ الكويت الحديث.
حاكم الكويت السابع الشيخ مبارك الصباح الذي حكم الكويت خلال الفترة من 1895– 1915، هو في العرف التاريخي ليس ملكاً لآل الصباح الكرام، بل ليس ملكا للشعب الكويتي، بل هو ملك لتاريخ المنطقة لما كان له من تأثير على منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية وله امتداد إلى يومنا هذا، وكذلك الفنان المبدع عبدالله الفضالة، الذي حفلت حياته بإنجازات فنية وأدبية أثْرَت ثقافة المنطقة وأثَّرَت في ثقافة الإنسان الخليجي، هو ليس ملكا لأهله ولا للخليجيين، بل هو ملك للإنسانية جمعاء لما تركه من إنتاج فني وأدبي يفخر به الإنساني على امتداد هذا الكوكب، إلا أنه يجب احترام رغبة أسر هذه الشخصيات التاريخية إذا رغبت في حذف لقطة أو جملة إما لأنها غير صحيحة أو لتأثيرها في مكانة أسرها الحالية. ولهذا بالإمكان التعامل مع كتّاب أو مخرجي هذه الأعمال الفنية، مسلسلات كانت أو أفلاما، لإجراء تعديل في سيناريوهاتها أو حواراتها وإزالة عوائق قد تمنع نقل نصوص أو مشاهد أصلية كما هي، وعندما يتدخل كاتب أو مخرج أو قريب له علاقة بهذه الأعمال الفنية، لإجراء تعديل ما، فهذا من أجل تجنب أي تزوير في كلام المصدر الأصلي، وحتى لا يكون الأصل مختلفاً عما نقلته المسلسلات أو الأفلام.
اضافات
بقايا خيال: أين الكويت على قائمة التراث العالمي؟
02-09-2022