«عبقرية محمد» للعقاد
أبدع الأديب والمفكر والصحافي المصري عباس محمود العقاد في الحياة الأدبية والسياسية، وذلك لثقافته الواسعة في العلوم الإنسانية والاجتماعية والأدب. فيسرد العقاد في كتابه «عبقرية محمد» مواقف عن ذكاء الرسول، صلى الله عليه وسلم، في الأمور العسكرية والسياسية والإدارية، فقد خاض النبي محمد حروبا كثيرة خلال فترة نبوته، وهي بالتأكيد حروب دفاعية ضد قريش واليهود والروم. فالإسلام كان يسعى دائما ألا يحارب بالسيف بل بالبرهان والإقناع، ولم يحتكم للسيف إلا في الأحوال التي أجمعت الشرائع على تحكيم السيف فيها، يقول الله عز وجل: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ»، وشرع الإسلام الجهاد وقال النبي في ذلك «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله».
وعن عبقرية محمد السياسية، (سياسة الخصوم والأتباع) فقد اتصف النبي بالوعظ العلني أو سائر الصفات من «عهد الحديبية» منذ بداية الدعوة إلى الحج حتى نقض الميثاق على أيدي قريش، فبين النبي في رحلة الحديبية أن دينه قد أخذ بكل وسيلة من وسائل نشر الدعوة، فخرج إلى مكة في رحلة الحديبية حاجا لا غازيا. كما اتصفت عبقريته الإدارية بحسن المساندة والمبايعة والاستقراض والتجارة وسائر شؤون المعيشة الاجتماعية التي قد اقتدى بها المسلمون وغيرهم من البشر، وكان النبي يوصي بالرئاسة فيما يتعلق بالعمل الاجتماعي الذي يحتاج إلى تدبير بقوله «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم». كذلك تجلت عبقريته في تدبير الشؤون العامة، فحين اختلفت القبائل في عهده بإقامة الحجر الأسود، وهو موقف شرف لا تتنازل عنه قبيلة لأخرى جاء محمد بالثوب ووضع الحجر الأسود عليه ودعا زعماء القبائل المختلفة ليتشاركوا فيه.يقول العقاد في كتابه عبقرية النبي محمد: «فإذا رجح بمحمد ميزان العبقرية وميزان العمل والعقيدة، فهو نبي عظيم وبطل عظيم وإنسان عظيم».