ترشيق قطاع النفط الذي تضاعفت تكلفة إنتاج برميل النفط لديه 5 أضعاف في 20 سنة، والتعليم الذي بلغ مستوى الإنفاق عليه مستوى دول متقدمة، ومستوى مخرجاته بمستوى دولة فقيرة متخلفة، وترشيق الحكومة الضخمة ذات الإنتاجية الضئيلة، كلها أولويات قصوى.

وفي آخر تعليقات شركة الشال للاستشارات على الأولويات الافتراضية، فأخطرها على الإطلاق تكرار خطيئة التعامل التاريخي مع المالية العامة، أي الانفلات المالي مع أول زيادة لأسعار النفط، والصياح عند انحسارها، وقد تضخمت النفقات العامة وتضاعفت 5.75 مرات منذ عام 2000 إلى عام 2022، وبلغ معدل النمو السنوي المركب خلالها %8.27.

Ad

نظافة البلد

وقال «الشال» في تقريره الأسبوعي إن تلك الحقبة المنفلتة للسياسة المالية لم يصاحبها أي تقدم في الإنتاجية، فالتعليم والخدمات الصحية والبنى التحتية والإسكان، وحتى نظافة البلد وتلوث بيئتها، كلها أسوأ مما كانت في حقبة الإنفاق الأقل. هي حقبة تسببت في حالة من فقدان الاقتصاد لتنافسيته، أو كما يطلق عليها علمياً حالة متقدمة من المرض الهولندي.

مستويات الإنفاق

ذلك ليس الأسوأ، الأسوأ أنها حالة غير مستدامة. وأضاف التقرير: حتى لو افترضنا قدرة راسمي السياسة المالية على خفض معدل النمو السنوي المركب للإنفاق العام إلى نصف ما كان عليه في الاثنتين وعشرين سنة الفائتة، أو بمعدل %4.14 للعشرين سنة القادمة، فسوف تصبح مستويات الإنفاق غير محتملة، ويبلغ مستواه في عام 2042 نحو 51.8 مليار دينار. وإذا أضفنا إليها أن النفط سوف يتعرض لهجمة شرسة في المستقبل من قبل الدول المستهلكة، بحق أو بدونه، ولأسباب سياسية أو بحكم التقدم التقني، وتحديداً في قطاع النقل، يمكن أن نعرف أهمية التبني المبكر للسياسات الاستباقية الهادفة إلى استدامة المالية العامة، وقد سبقتنا إليها بعض جيراننا.

وتابع: ولدى الكويت ميزة على ما عداها، فهي تستطيع أن تتبنى خطوة جوهرية باتجاه هدف استدامة المالية العامة بتقديم دخل استثماراتها من أجل تمويلها مع الالتزام بعدم المساس بأصلها وتغيير وظيفتها بما يمنحها وقتاً للتخطيط لتنويع مصادر دخلها دون ضغوط غير محتملة، ولكنه لن ينجح من دون وقف الهدر الضخم الناتج عن حجم حكومتها، ولن ينجح من دون مقاومة فساد الإنفاق بالبدء بالتنظيف لمن مارسه ويمارسه، ومن أعلى السلم، وحالاً. وفي الوقت متسع لإنقاذ البلد، وحتى ضمان تفوقه، وهناك متسع لإنقاذ من هم أمانة في عنق الجيل الحالي من صغار المواطنين ومن لم يولدوا بعد، ولكن إنقاذ البلد وتفوقه يظلان أمرا مرهونا بالجراحة الجوهرية على مستوى الإدارة العامة، والأهم ضمنها هو الشق التنفيذي في تشكيلها القادم.