برافو لرئيس الحكومة
توكلوا على الله و«تيَسروا»، الله يوفقكم إلى خارج أبواب الهيئات والمجالس الحكومية المباركة برواتبها وميزاتها الرهيبة واللهم لا حسد، ولكن ما ينغص البال ويكدره أن الكثير منكم وليس كلكم طبعاً -أنتم تدرون ونحن ندري معكم- لم يكن منكم صاحب خبرة وشهادة كعالم فذ وباحث عظيم بوكالة ناسا لعلوم الفضاء، وليس منكم من كان «سيو» CEO لشركات ومؤسسات أميركية ضخمة، فعلى ماذا تصبح رواتبكم خيالية وتصل إلى 14 ألف دينار وأكثر، تقتطع من خاصرة الدولة ومستقبلها وميزان عدالتها، أنتم في النهاية دخلتم من أوسع أبواب المحسوبيات والوساطات والمعارف العائلية والعشائرية وحزب «إن حبتك عيني ما ضامك الدهر»، وولجتم من أدق عروق الدولة العميقة.الدولة العميقة ليست فقط كما تصور أشباه المثقفين بأنها قاصرة تاريخياً في زمن مضى على وضع تركيا وهيمنة العسكر مع جماعاتهم على مفاصل الدولة، لا هي بكل مكان بعوالم الكرب المتخلفة ونحن منها، ولكن عندنا فلوس لا أكثر، فيها يتنحى حكم المساواة والعدالة، جانباً، ويحل مكانه حزب المظليين، أي فرق الباراشوتات الذين يهبطون على رقابنا من طائرات المعارف الأهلية.
قبل أيام بسيطة، تم نشر تقرير «الشال» متحدثاً عما يقارب الخمسين هيئة ومؤسسة حكومية لا جدوى منها، وأن اختصاصاتها متكررة، وأنها خلقت بداية للترضيات وتنصيب فقهاء «أهل المحبة» لنيل بركاتهم، أي لاعتبارات سياسية من غير أي جدوى اقتصادية، وكررت كلام «الشال» في مقال لاحق، الآن قرأنا خبر «القبس» عن حل مجالس تلك الهيئات والمجالس السرطانية، فبعضها انتهت مدة مراسيمها وحتى التي لم تنته حلت.«برافو» يا رئيس الحكومة، قرار رائع في مكانه المناسب في دولة لم تكن الأمور تسير فيها أبداً حسب المناسب، وإذا كانت هناك عودة لبعض تلك الهيئات فالسؤال: ما معايير تقييم الأعضاء المحتملين؟ وكم ستبلغ رواتبهم ومميزاتهم؟ وهل ستكون منبعاً للثروات كما كان معمولاً به مادام العمل العام يعد خدمة وتكليفاً وليس تشريفاً؟... هناك طريق طويل للعدل والمساواة وتنفيذ مبادئ الجدارة والكفاءة أمام الحكومة، واليوم وضعت قدمها في المكان الصحيح، فلتمض فيه بشجاعة رغم كل الأشواك التي ستكون في دروبها من جماعات المصالح وأهل الطالح.