الحياة وأحوالها مشياً على الأقدام
![حمزة عليان](https://www.aljarida.com/uploads/authors/249_1666551729.jpg)
لن يسعدنا الحديث عن المشي على أطراف الأصابع، مثلما لا تسعدنا العلاقة مع الآخر ونحن كمن يمشي على البيض، سواء أخذنا قسطا من الراحة أم أكملنا الطريق، فقد تدربنا جيداً على الابتعاد عن أصحاب النكد والغم والهم. أحببت أن يكون المشي بطريقة سلسة ومريحة بعكس من أغوته الدنيا وأراد القفز فوق الزمن، لكنه سقط بعد حين ولم تنفعه السباقات نحو الأعلى وبسرعة الصاروخ لأن الصعود فيها غير طبيعي ولا تحكمه قواعد أو سلوكيات. كيف لك أن تشعر بعظمة الطبيعة وجمالها إن لم تمارس هواية المشي سيراً على الأقدام وفي الوديان، لحظة تعود إلى الأعلى ولحظات تهم بالنزول إلى الأسفل وأنت متصالح مع نفسك ومع البيئة التي ترتادها دون الخوض في مغامرات خطرة على حياتك وعيشك. من الوقفات التي سجلتها في ذاكرتي، تلك المتصلة بمراجعة الذات والصحوة على النفس والرؤية الصافية أمامك وأنت تسترجع شريط العمر وتسأل نفسك، ليتني مارست هذه الهواية منذ زمن، فقد يكون كفيلاً بجعلي أكثر سعادة. أن تمشي وأنت حافي القدمين، يعني أنك أطلقت لجسدك العنان، لكي يلهو مع حبات الرمل تدخل مسام الجلد وهي تدغدغ أعصابك وترغمك على الضحك العالي وأنت حر طليق، كما لو أن حياتك في العمل تسير على هذا النسق. كم هو شعورك بالسعادة وأنت تطلق العنان لخيالك كما أطلقت قدميك من قيود الجوارب والحذاء الذي يكتم على أعز ما لديك ومنحك إياه الله سبحانه وتعالى لتقف على أرجلك في مواجهة أعباء الحياة ومتاعبها. لن تحصد نتائج المشي على الأقدام سريعاً، ولكي يأتي الحصاد فإن عليك أن تعتني بالزرع وتسقيه، هكذا هي قوانين العيش على كوكب الأرض، بالرغم من قصر المسافات واختراع المواصلات الفائقة السرعة والطيران فوق السحاب، ستجني من المشي ما لم تستطع التكنولوجيا من توصيله باختراعاتها وجعلها في خدمتك. أنقل عن المؤلف قوله «عندما سمح للسجناء قديما بالحج، كانوا يقطعون المسافات وهم مكبلون بالقيود وحفاة الأقدام تقودهم رغباتهم في الحصول على الغفران، لما ارتكبوه من خطايا في حق الآخرين، قد يتعرض الحجاج للسرقة أو القتل وتسلب منهم أملاكهم أو يتعرضون للابتزاز»... غيروا حياتكم بالمشي قبل فوات الأوان.