يسترجع الباحث في العلاقات الكويتية البريطانية (بي إي أم) عيسى يحيى عبدالرسول دشتي عائلة ديكسون التي استوطنت الكويت قبل نحو 90 عاما، مضيفا: «من منا لا يعرف عائلة ديكسون التي سكنت الكويت منذ عام 1929، حيث تم تعيين الكولونيل هارولد ديكسون معتمدا بريطانيا لدى الكويت في تلك السنة، وكانت ترافقه زوجته السيدة فيولت ديكسون، وأحب الزوجان الكويت وأهاليها كثيرا وأحبهم أهاليها، وخلال فترة وجودهم ومعيشتهم بالكويت كونت هذه العائلة علاقة قوية مع الكثير من القبائل والعوائل في الكويت والعراق والجزيرة العربية، وقام الزوجان بتأليف عدة كتب مهمة جدا، وثقت جانبا كبيرا من تاريخ الكويت وبعض دول المنطقة».وتابع دشتي: «الجميع يعرف السيدة فيولت ديكسون، أو كما يسميها أهالي الكويت بأم سعود، ومازال البعض يحتفظ بذكريات اللقاء معها، والأغلب يعلم قصتها ودورها الكبير في إثراء وحفظ جزء من تاريخ الكويت من خلال مؤلفاتها ومقالاتها ولقاءاتها التلفزيونية، ولكن القليل جدا هو من يعلم ماذا حدث في آخر أيام حياة هذه السيدة المخلصة للكويت التي تمنت وأوصت بعد وفاتها بأن تدفن في أرض الكويت التي عشقتها وأحبتها كثيرا بجانب قبر زوجها الذي كان مدفونا في مقبرة الأحمدي، قبل أن ينقل جثمانه ويعاد دفنه في حديقة السفارة البريطانية عام 1991».
وأضاف: «هنا يحكي لنا حفيدها السيد ستيفن فريث (الابن الأكبر لزهرة ابنة المعتمد البريطاني الكولونيل هارولد ديكسون) حيث أخبرني عندما غزا العراق دولة الكويت في 2أغسطس 1990. لم تكن جدته السيدة فيولت ديكسون في منزلها (بيت ديكسون بمنطقة الشرق بمدينة الكويت) بل كانت في مستشفى شركة نفط الكويت في مدينة الأحمدي، لأنها قد أصيبت بجلطة دماغية».وأردف: «حيث في إحدى الزيارات للسيدة آن البسام بعام 1990 قبل الغزو العراقي على دولة الكويت، وهي صديقة قديمة للسيدة فيولت ديكسون، لأم سعود، وجدتها ملقاة على كرسيها في شرفة منزلها المطلة على نقعة الشملان بمدينة الكويت، بسبب إصابتها بالجلطة، وكانت السيدة فيولت في تلك الأيام تبلغ من العمر أكثر من 90 عاما، وكانت تعاني من أنها أصبحت تنسى بشكل متزايد في آخر أيام حياتها، وبعد نقلها للمستشفى في مدينة الأحمدي، وخلال فترة الغزو الغاشم لم تتمكن السيدة فيولت ديكسون من مغادرة المستشفى، وبالتالي كانت معرضة لخطر شخصي كبير من قبل الغزاة المحتلين، لذلك رتب مدير المستشفى السيد محمد عبدالرحيم مع السفارة البريطانية لدى دولة الكويت، نقلها إلى إنجلترا بأمان».وتابع: «في 22 سبتمبر عام 1990، نُقلت في سيارة إسعاف من مستشفى الأحمدي إلى مطار الكويت الدولي، ونُقلت جواً إلى لندن عبر توقف لمدة أربع ساعات في مدينة بغداد، ورافقها في تلك الرحلة ممرضتان هما السيدة فيلسي ريجو والسيدة فيرونيكا برنارد، كانت هذه الرحلة واحدة من العديد من الرحلات التي سمح بها العراقيون المحتلون لدولة الكويت لإجلاء النساء والأطفال المغتربين إلى لندن والولايات المتحدة، عند وصولها إلى لندن، تم نقل السيدة فيولت إلى دار لرعاية المسنين في غورينغ أون تيمز، وكانت هذه الدار بالقرب من مدينة ساوث ستوك، أوكسفورد شاير، منزل عائلة ابنها سعود، والمعروف والمسمى أيضا في بريطانيا السيد هانمر».
غزو ودمار
ويروي دشتي واقع الأيام الأخيرة للراحلة، حيث توفيت السيدة فيولت ديكسون في دار رعاية المسنين يوم 4 يناير 1991 عن عمر يناهز 94 عاما. ويذكر حفيدها السيد ستيفن فريث أنه لحسن الحظ كانت السيدة فيولت كبيرة في السن وضعيفة لدرجة أنها لم تستطع الفهم والاستيعاب الكامل للأمور المروعة التي كانت تحدث لحبيبتها الكويت في ذلك الوقت، وإلا فإنها كانت ستصاب بحزن وألم كبير جداً إن كانت تدرك ما حصل لدولة الكويت من غزو ودمار.وقال دشتي: «أقيمت جنازتها في يوم 15 يناير 1991 في كنيسة سانت أندرو، ساوث ستوك، وحضرها العديد من المعزين، بمن فيهم ممثلون عن سفارة دولة الكويت بلندن، وحضرها السيد ستيفن فريث حفيد السيدة فيولت، نجل ابنتها زهرة، حيث قرأ الدرس من كتاب التكوين. وألقى السيد كريستوفر غاندي الخطبة».وأضاف: «كانت مناسبة مؤثرة جدا، في كنيسة جميلة وفناء كنيسة يعود تاريخها إلى العصور الوسطى. ونُشر نعي السيدة فيولت في العديد من الصحف، بما في ذلك The Times وThe Daily Telegraph وThe Independent».وأردف دشتي: «أما بالنسبة لابنها الكبير سعود (أو كما يعرف في لندن باسم هانمر) ديكسون فقد توفي عام 2005، ودفن في نفس قبر والدته السيدة فيولت ديكسون. ويمكن أن تقرأ على شاهد القبر المشترك للسيدة ديكسون وابنها سعود في ساحة الكنيسة الجنوبية لستوك:السيدة فيولت بي ديكسون ديبي الكويت 1896-1991 أرملة HRP ديكسون أصدقاء العرب لمدة 60 عاما وابنها هانمر 1923-2005».زيارة الكويت
وتابع دشتي: «بهذه المعلومات القيمة التي وثقناها من حفيدها نكون قد عرفنا ماذا حدث لهذه السيدة التي أحبت الكويت وأحبها أهلها، ولكن للأسف بسبب الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت لم تتمكن ابنتها زهرة وابنها سعود وأحفادها من تنفيذ وصيتها بدفنها في الكويت بجانب قبر زوجها، ولكن قامت السفارة البريطانية لدى الكويت بعمل شاهد قبر تذكاري لها ووضع بجانب قبر زوجها في السفارة البريطانية، والسماح لأحفادهم بزيارة قبر جدهم الكولونيل ديكسون كلما سمحت لهم الفرصة بزيارة الكويت».