تسهم التطورات الجيوسياسية العالمية والمستويات المرتفعة من التضخم في لجوء رؤوس الأموال إلى بدائل أقل خطورة، وعلى رأسها الدخول في استثمارات عقارية تنافسية، ويلاحظ أن قيمة التداولات العقارية وصلت إلى مستوى استثنائي بثالث أعلى قيمة خلال 20 عاماً مسجّلة 2.2 مليار دينار في النصف الأول من عام 2022، ويأتي بعد قيمتها الاستثنائية في النصف الأول وفي «الثاني» من عام 2014، مدفوعة بعودة التداولات على العقار التجاري إلى مستويات مرتفعة، وزيادة ملحوظة في تداولات العقار الاستثماري، في حين تراجعت تداولات السكن الخاص، بعد أن لوحظ على نحو كبير في العامين الماضيين تملّك العقارات وخاصة السكن الخاص من الأفراد والأسر.وحسب تقرير صادر عن بيت التمويل الكويتي (بيتك)، ارتفعت التداولات العقارية في النصف الأول 2022 بنسبة 5 بالمئة عن النصف السابق له، وبنسبة 9 بالمئة، أي 176 مليون دينار على أساس سنوي، برغم تراجع الطلب عليها، متمثلاً في عدد صفقات بلغ 3.463 صفقة خلال النصف الأول 2022، منخفضاً 23 بالمئة عن النصف السابق له و41 بالمئة على أساس سنوي، مدفوعاً بتراجع الطلب على السكن الخاص عن مستويات مرتفعة في العام الماضي.
وانخفضت تداولات السكن الخاص خلال النصف الأول من 2022 إلى حوالي مليار دينار بنسبة 25 بالمئة عن النصف السابق له، مع تراجع الطلب عليه إلى 2.592 صفقة، بنسبة 32 بالمئة لنفس الفترة، في حين ارتفعت قيمة تداولات العقارات الاستثمارية مسجلةً 588 مليون دينار، بزيادة 29 بالمئة، مما يعزز تعافيها مواصلة مسارها التصاعدي بعد أزمة «كوفيد 19» وآثارها السلبية على القطاعات الاقتصادية، حيث ارتفع الطلب عليها إلى 687 صفقة بنسبة زيادة 21 بالمئة عن النصف السابق له.نشط التداول على العقارات التجارية إلى مستوى استثنائي غير مسبوق متضاعفة في النصف الأول من 2022 إلى 390 مليون دينار، أي أكثر من 4 أضعاف قيمتها في الأشهر الـ 6 الأخيرة من 2021، مع ارتفاع الطلب عليها إلى مستوى استثنائي سجل 109 صفقات مقابل 44 صفقة في النصف السابق له من 2021 الذي كان يعدّ من الأدنى خلال السنوات الـ 10 الماضية.
اتجاهات السوق
أكدت مسوحات وتقييمات «بيتك»، وفق بيانات التداولات العقارية، صمود القطاع العقاري وتعافيه أمام آثار الأزمة المالية لـ «كوفيد 19»، حيث يلاحظ حالة استقرار في أسعار السكن الخاص، وكذلك نشاط العقار الاستثماري والتجاري، وزيادة العقار الصناعي والمطل على الشريط الساحلي.يُلاحظ تباطؤ في ارتفاع أسعار السكن الخاص بنهاية النصف الأول 2022، مقارنة بمستوياته العالية منذ النصف الثاني من عام 2021، حيث ارتفع متوسط السعر لمناطق السكن الخاص في الكويت بحدود 17 بالمئة على أساس سنوي مقابل زيادة اقتربت من 19 و20 بالمئة قبل ذلك، في الوقت الذي ارتفع متوسط سعر المتر في العقار الاستثماري للمرة الأولى منذ نهاية عام 2020، مسجلاً زيادة سنوية 5.3 بالمئة فيما ارتفعت الأسعار في العقار التجاري 6.9 بالمئة بنهاية النصف الأول 2022 على أساس سنوي. لم تشهد أسعار الشاليهات تغيّراً مع هدوء الطلب على المناطق الساحلية واستقراره، منها مناطق الخيران وصباح الأحمد البحرية، وقد تدخل فئة العقارات المطلة على الشريط الساحلي والشاليهات في تصنيف وزارة العدل ضمن عقارات السكن الخاص، حيث أضحت من الأماكن المرغوبة للسكن، مما ساهم في زيادة أسعارها خلال الفترات الماضية مدفوعة بسعي المشترين إلى البحث عن مساحات أكبر وأماكن أكثر ترفيهاً، كما أن رغبة الاستثمار في الأنشطة الترفيهية أوجدت طلباً على بعض المناطق الساحلية من قِبَل المُلّاك والمؤجرين، حيث سجل متوسط سعر المتر في الشاليهات بنهاية الربع الثاني 2022 زيادة 21 بالمئة على أساس سنوي، وكانت شاليهات ومناطق بنيدر الأعلى ارتفاعاً على أساس سنوي يليها مناطق الضباعية والجليعة وميناء عبدالله بين مناطق الشاليهات على مستوى المحافظات.وتستمر أسعار العقارات السكنية في ارتفاعها مصحوبة بارتفاع مواز في مناطق الشاليهات والأماكن الترفيهية، فيما تباينت الزيادة في متوسط أسعار المناطق السكنية، فارتفعت بنسبة 5.9 بالمئة بمنطقة جابر الأحمد، مقارنة بالربع الأول، وبحدود 5.3 بالمئة بمنطقة الدوحة و4.5 بالمئة في الروضة كأعلى المناطق السكنية ارتفاعاً في العاصمة، مقارنة بالربع الأول، بينما ارتفعت بأعلى نسبة بين مناطق محافظة حولي، أي بحدود 3.3 بالمئة في منطقة بيان، وبنسبة 3.2 بالمئة في منطقة الزهراء والسلام وفي مشرف بحدود 2.9 بالمئة، وبأقل من ذلك في مناطق عدة؛ منها البدع والشعب عن الربع الأول.وفي محافظة الفروانية، شهدت المنطقة أعلى زيادة بين مناطق المحافظة قدرها 10.6 بالمئة تليها منطقة أشبيلية بنسبة 8.1 بالمئة عن الربع الأول، وفي «مبارك الكبير» بحدود 2.5 بالمئة لمنطقة الفنيطيس وأبوفطيرة السكنية والمسايل، وبحدود 1.6 بالمئة في القرين ومنطقة مبارك الكبير كأعلى مناطق المحافظة ارتفاعاً.أما في محافظة الأحمدي فقد ارتفعت الأسعار بمنطقة هدية بنسبة 7.4 بالمئة، تليها نسبة 7 بالمئة كما في الوفرة السكنية، بينما سجلت محافظة الجهراء زيادة بحدود 6.0 بالمئة في منطقة العيون والواحة، وكذلك في منطقة سعد العبدالله، تليها منطقة الجهراء بزيادة 2.1 بالمئة كأعلى المناطق السكنية مقارنة مع نهاية الربع الثاني 2021. كما سجّل متوسط السعر في العقار الصناعي زيادة سنوية نسبتها 11.1 بالمئة في نهاية الربع الثاني 2022، مع ارتفاع متوسط السعر في الأماكن الحرفية على مستوى الكويت بنسبة 16.8 بالمئة لذات الفترة.إجمالي التداولات العقارية في الربع الثاني من 2022
بلغت قيمة التداولات العقارية 1.2 مليار دينار خلال الربع الثاني، وفق بيانات ومؤشرات إدارة التسجيل والتوثيق في وزارة العدل، أي بزيادة 28 بالمئة مقابل تداولات قيمتها حوالي 952 مليون دينار في الربع السابق له، بالتالي زادت بنسبة 14.4 بالمئة عن تداولات الربع الثاني من عام 2021.ارتفع مؤشر متوسط قيمة الصفقة العقارية الإجمالية إلى 706 آلاف دينار في الربع الثاني، بزيادة 29 بالمئة عن الربع الأول، وتصل إلى 122 بالمئة على أساس سنوي.في الوقت الذي بلغ إجمالي عدد الصفقات المتداولة 1.729 صفقة في الربع الثاني، أي أقل 0.3 بالمئة على أساس ربع سنوي، كما يعد أعلى 48 بالمئة على أساس سنوي، مدفوعاً بزيادة سنوية ملحوظة لعدد الصفقات على العقارين التجاري والاستثماري.