قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، إن روسيا لم تخسر شيئاً في المواجهة العالمية مع الولايات المتحدة بسبب الصراع في أوكرانيا، بل استفادت في الواقع من خلال وضع نهج سيادي جديد من شأنه أن يعيد لها نفوذها العالمي، مشدداً على أنه من المستحيل عزل روسيا. ووعد بوتين بتعزيز العلاقات مع آسيا والشرق الأوسط والمحيط الهادئ، معتبراً أن الغرب يفشل بينما آسيا هي المستقبل.
وبعد أيام من توقف شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط أنابيب «نورد ستريم»، نفى بوتين الاتهامات التي توجهها دول غربية لبلاده باستخدام الطاقة كسلاح، وصرح في خطاب أمام منتدى الشرق الاقتصادي في مدينة فلاديفوستوك الروسية المطلة على المحيط الهادي: «أعطونا توربيناً ونعيد إطلاق نورد ستريم غداً»، في إشارة الى اعتبار موسكو أن العقوبات المفروضة عليها بسبب غزوها أوكرانيا تسببت في نقص قطع الغيار. وأكد أن تحديد سقف محتمل لأسعار الغاز الروسي من قبل الأوروبيين سيكون «حماقة» و»حلاً آخر خارج السوق بلا آفاق».واقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أمس على الدول الأعضاء في الكتلة الموافقة على تحديد سقف على أسعار واردات الغاز الروسي، كجزء من الإجراءات العقابية لموسكو على خلفية غزوها لأوكرانيا.وقالت فون دير لايين لصحافيين إن «الهدف هنا واضح جداً. علينا قطع مداخيل روسيا التي يستخدمها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لتمويل حربه الوحشية على أوكرانيا».
تهديد عالمي
وفي كلمته أمام أمام قادة اقتصاديين وسياسيين آسيويين، شدد بوتين على أن روسيا نجحت في مواجهة «العدوان الاقتصادي الغربي الذي يقوض النظام الاقتصادي العالمي، فيما وصل الغرب إلى طريق مسدود في أزماته الاقتصادية والاجتماعية»، ورأى أن قرارات القيادات الغربية تتعارض مع مصالح شعوبها، وتهدد العالم بأسره، معبراً عن تأييده للتظاهرات التي ستنظم اليوم في ألمانيا ضد غلاء اسعار الطاقة.الدولار وقمة مع الصين
وإذ أشار إلى الاتفاق بين بلاده والصين على «استخدام الروبل الروسي واليوان الصيني في مدفوعات الغاز مع الصين بنسب متساوية»، قال إنه «حتى حلفاء الولايات المتحدة يقللون من حيازاتهم من الدولارات». ومن بين ضيوف المنتدى كبير المشرعين الصينيين لي تشان شو، ثالث أبرز شخصية حاليا في الحزب الشيوعي الصيني. ومن المقرر أن يلتقي بوتين الرئيس الصيني شي جين بينغ الأسبوع المقبل في أوزبكستان.أزمة الغذاء
ولفت الرئيس الروسي إلى أن «الدول الغربية تواصل التصرف بنهج استعماري فيما يخص موضوع تصدير الحبوب الأوكرانية»، وأن 3 في المئة فقط من كميات القمح التي خرجت من أوكرانيا ذهبت إلى الدول الفقيرة والبقية إلى الدول الأوروبية. وأعلن أنه سيبحث مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان تقييد وجهة صادرات الغذاء من أوكرانيا إلى الدول الغربية، مضيفاً أن «الأزمة الغذائية في العالم ستتضاعف، وهذا أمر مؤسف».الخطر النووي
وذكر بوتين أنه يثق بخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبتقريرهم «رغم الضغط الذي يتعرضون له من جانب واشنطن»، متهماً أوكرانيا بـ «خلق تهديدات للأمن النووي».وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أمس الأول في تقرير عن نتائج مهمتها في محطة زابوروجيه الأوكرانية النووية التي تسيطر عليها روسيا أن عدداً من الحوادث التي وقعت في المحطة قد انتهكت مبادئ السلامة النووية، وحذرت من استمرار القصف على المحطة، لما يمكن أن يؤديه ذلك من تلف في المعدات المهمة، ووقوع تسرب إشعاعي غير محدود. إلا أن تقرير الخبراء لم يحدد الجهة أو الطرف الذي يقوم بالقصف.وأكدت الوكالة استعدادها للبدء في مشاورات فورية بشأن إنشاء «منطقة أمنية» حولها، لمنع وقوع «حادث نووي» بسبب الأعمال العسكرية. وشدد بوتين على أن بلاده لم تبدأ أي عمليات عسكرية وحاولت حل الأزمة الأوكرانية بشتى الطرق السلمية مرارا وتكراراً لكن بعد كل فشل المحاولات «قررت روسيا بكل وعي الرد العسكري على التهديدات المحتملة القادمة من أوكرانيا»، متسائلاً: «أين كان القانون الدولي ولماذا لم يتذكره أحد حين دمروا العراق ويوغسلافيا وليبيا؟».ورد المستشار الرئاسي الأوكراني ميخايلو بودولياك على بوتين قائلاً، إن شكواه بشأن الاتفاق الحبوب «صادمة» لأن الاتفاق لا يمنح أي دور لموسكو في تحديد الوجهة التي يتم تصدير الحبوب لها. وقال بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن «الاتفاقات الموقعة في إسطنبول... تتعلق بأمر واحد فقط وهو حركة سفن الشحن عبر البحر الأسود». وأضاف «لا يمكن لروسيا أن تملي على أوكرانيا أين يتعين أن ترسل حبوبها، كما لا تملي أوكرانيا الأمر نفسه على روسيا». من ناحيته، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مؤتمر صحافي مع الرئيس الصربي في بلغراد أمس، إنه لا يعتقد أن سياسات الغرب «الاستفزازية» تجاه روسيا صائبة، بعدما اقترح الاتحاد الأوروبي وضع سقف لسعر الغاز الروسي.حرب عالمية
وبينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية سيطرة قواتها على مدينة كوديما في دونيتسك أحد اقليمي الدونباس الانفصاليين، دعا بابا الفاتيكان فرنسيس الأول إلى إيقاف الحرب في أوكرانيا. وقال في عظته الأسبوعية أمس أمام حشد من الجماهير في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان: «نشهد اليوم حربا عالمية، لنوقفها أرجوكم».