كواليس توسيع صلاحيات «يونيفيل»: خطيئة لبنانية وخطأ فرنسي
بانتظار وصول الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، عاموس هوكشتاين، الى بيروت، ظهر الى العلن ملف خلافي جديد بين لبنان والمجتمع الدولي، متداخل مع ملف الترسيم، خصوصاً لدى الانتقال من الترسيم البحري الى البرّي. عنوان الخلاف هو آلية عمل قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، التي تم في آخر أغسطس المنصرم التجديد لمهامها، مع تعديل في صلاحيات عملها. فقد وردت، للمرة الأولى في قرار التجديد، عبارة حرية حركة قوات «يونيفيل» في المناطق الجنوبية من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، إضافة الى شمول نشاطها مناطق جديدة لم تكن تصل إليها من قبل.
ومنذ سنوات، تسعى الولايات المتحدة الى توسيع صلاحيات القوات الدولية، فيما تعترض روسيا والصين على ذلك، لكن في التمديد الأخير، قدّم الجانب اللبناني اقتراحاً يطلب فيه شطب البنود المتعلقة بالقرارين 1559و1680، في خطوة رآها في البعض مسايرة لحزب الله، وهي تعني عملياً مسّاً باتفاق الطائف وبالقرارات الدولية التي تطول حصر سلاح الحزب بيد الدولة.وقد أثار المقترح اللبناني اعتراضات واسعة، واعتبره البعض محاولة انقلابية من قبل الدولة اللبنانية على مواقفها الرسمية والقرارات الدولية، وسارعت الدول المعارضة للاقتراح اللبناني الى إعداد مقترح مضاد يتمسّك بهذه القرارات، بل ويوسّع نطاق عمل القوات الدولية، ومرّ القرار في مجلس الأمن دون ممانعة روسية أو صينية. ووفق المعلومات، فإنّ المقترح اللبناني الذي أحبط كان قد لاقى قبولاً فرنسياً على قاعدة تسهيل ما تريده الحكومة اللبنانية في المحافل الدولية، وهو ما أثار استغراب أوساط لبنانية وغربية، خصوصاً أن باريس تعتبر أحد عرّابي القرار ١٥٥٩، وبدا كأنها تنقلب عليه أو أنها تعطي إشارة تقارب لإيران. وفيما بعد، تراجعت باريس عن موقفها، وبررته بأن الدبلوماسي الفرنسي جديد في الأمم المتحدة، ولم يحسن التصرف مع هذا الأمر، وقد جرى تصحيح الموقف. وبالتزامن، كان يتم التحضير لعقد لقاء جديد بين الفرنسيين والسعوديين، وتحديداً اللجنة المشتركة المكلفة بمتابعة ملف توزيع المساعدات للبنان. وسيعقد هذا اللقاء في العاصمة الفرنسية قريبا، وسيتناول استكمال توزيع المساعدات والبحث في ملفات سياسية، بما في ذلك الاستحقاق الرئاسي.وعلى وقع هذه التطورات، لا بدّ من ترقّب نشاط قوات «يونفيل» في الجنوب، إذ إن هناك تأكيداً دولياً على ضرورة ممارسة مهامها من دون أي مضايقات من حزب الله، فيما الحزب سيمنع توسيع الصلاحيات، وسيصر على تضييق هامش حركة القوات الدولية، وهذا ما سيؤدي الى المزيد من الضغوط الدولية والدبلوماسية. في غضون ذلك، زار هوكشتاين تل أبيب، أمس، بعد أن مرّ على باريس، ومن المقرر أن يصل اليوم الى بيروت. ووفق المعلومات، فإن الإسرائيليين قرروا تأخير استخراج النفط من حقل كاريش الى أوائل شهر نوفمبر، أي بعد الانتخابات الإسرائيلية، مقابل أن تعلن شركة توتال الفرنسية استعدادها للعمل في الحقول اللبنانية، وبدء عمليات الاستكشاف، وهذا يحتاج الى حوالي شهرين لتكون الشركة جاهزة لبدء العمل، وبذلك يحاول هوكشتاين تجنّب أي تصعيد في الجنوب قد يحصل بفعل تهديدات الأمين العام لحزب الله.