أُعلن تشارلز رسميا، اليوم، ملكا جديدا لبريطانيا، في مراسم أقيمت بقصر سانت جيمس، حيث هتف رؤساء الوزراء السابقون والأساقفة وعدد من الساسة «حفظ الله الملك».

وفي كلمة أمام مجلس اعتلاء العرش، أكد الملك الجديد أنه يتعهد باحترام الدستور ودعم الحكومة وعمل البرلمان.

Ad

وقال تشارلز في بيان شخصي: «مع القيام بالمهمة الثقيلة التي كُلفت بها، والتي أكرّس لها الآن ما تبقّى من حياتي، أدعو الرب أن يرشدني ويوفقني»، وتعهّد بأن يسير على درب والدته الراحلة، وأضاف: «في تحمّل هذه المسؤوليات، سأعمل جاهدا لاتباع المثال الملهم الذي تم إرساؤه لدعم الحكومة الدستورية والسعي لتحقيق السلام والوئام والازدهار لشعوب هذه الجزر ودول الكومنولث والمقاطعات في جميع أنحاء العالم».وخلف تشارلز (73 عاما) والدته على الفور بعد وفاتها الخميس، لكنّ مجلس اعتلاء العرش اجتمع اليوم لإعلان تنصيبه، وكان ابنه ووريث عرشه وليام وعقيلة الملك كاميلا ورئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس من بين مَن وقّعوا على البيان اذلي وقعه تشالز بنفسه بعد ادائه قسم القيام بواجباته.

وفي وقت لاحق، من على منصة الإعلان، وهي شرفة تطلّ على فناء فريري بقصر سانت جيمس، تلا كبير الضباط النبلاء ديفيد وايت، برفقة آخرين في الملابس التقليدية الرسمية لمسؤولي المراسم الملكية، البيان الرئيسي، فيما علا صوت الأبواق.

ودوت طلقات المدفعية احتفالا بالتنصيب. كما أطلقت 41 طلقة مدفعية في هايدبارك ضمن المراسم.

ولاحقا، تم الإعلان عن التنصيب في عدد من شوارع لندن، وهتفت الجماهير وغنت احتفالا بالملك الجديد. كما تم الإعلان في مختلف مناطق المملكة المتحدة بوسائل مختلفة منها التقليدي مثل مكبرات الصوت والإلكتروني مثل تويتر.

وسيتم تتويج تشارلز كملك في موعد لاحق لم يتّضح بعد. وكانت هناك فجوة زمنية بلغت 16 شهرا بين تنصيب إليزابيث عام 1952 وتتويجها عام 1953.

وتعهّد الملك الجديد في كلمة متلفزة، الجمعة، بخدمة الأمة «بالولاء والاحترام والمحبة» في أول خطاب يوجهه للأمة كملك.

وقال تشارلز في خطابه إنه منح ابنه الأكبر وليام (40 عاما) لقب أمير ويلز، وهو اللقب الذي ناله الملك تشارلز نفسه لمدة تزيد على 50 عاما، ويناله ورثة العرش بشكل تقليدي. وأصبحت كاثرين (كيت) زوجة وليام أميرة ويلز، وهو اللقب الذي كانت الأميرة الراحلة ديانا آخر من يناله.

مستقبل الملكية

وتشارلز، الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه أقل شعبية من والدته، لديه الآن مهمة تأمين مستقبل المؤسسة المالكة، وهو ملك ورئيس المملكة المتحدة و14 دولة أخرى؛ منها أستراليا وكندا وجاميكا ونيوزيلندا وبابوا غينيا الجديدة.

وخلال الفترة الطويلة التي تولت إليزابيث فيها العرش، ظهرت دعوات لإقامة نظام جمهوري في بعض الأحيان، لكن في ظل المودة والاحترام اللذين تمتعت بهما إليزابيث، لم تتمكن الحركة الهادفة للتخلص من النظام الملكي من ترك انطباع دائم.

ويأمل الداعمون للنظام الجمهوري الآن أن تكون المؤسسة التي يبلغ عمرها 1000 عام أقرب خطوة نحو نهايتها.

تعازٍ حول العالم

ومع وفاة الملكة إليزابيث، (96 عاما) يوم الخميس، بعد جلوسها على العرش لـ 70 عاما، بدأ تنفيذ خطط وضعت منذ وقت طويل ومعدّة جيدا لفترة حداد تستمر أياما وجنازة رسمية ستقام في غضون ما يزيد قليلا على أسبوع.

وفي بريطانيا، بدأ الناس في التجمّع خارج القصور الملكية في الساعات الأولى من صباح اليوم، مع تدفّق الآلاف على قصر باكنغهام لتقديم الاحترام للملكة وخليفتها تشارلز.

وانهالت التعازي لوفاة إليزابيث، أطول ملوك بريطانيا بقاء على العرش من الداخل وحول العالم. وتم استخدام معالم تاريخية لتكريم مسيرتها، مع إضاءة مبان في أوروبا وأميركا وإفريقيا بألوان العلم البريطاني الأحمر والأبيض والأزرق.

وأعلنت بريطانيا فترة حداد حتى إقامة الجنازة الرسمية للملكة، التي وصفها حفيدها هاري ذات مرة بأنها «جدّة الأمة». ولم يُعلن الموعد، لكن من المتوقع أن يتم ذلك في فترة تزيد قليلا على أسبوع.

ومن المتوقع أن يصل زعماء من جميع أنحاء العالم إلى لندن لحضور الجنازة، بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن.

ووافق ملك بريطانيا الجديد، اليوم، على منح البنوك عطلة يوم الجنازة الرسمية لوالدته الراحلة.

طباع مختلفة وقالت أبرز الصحف العالمية الصادرة اليوم، إن خطاب تشارلز الثالث الذي وجهه أمس الى الأمة يمثّل «استمرارية النظام الملكي في البلد المنقسم»، لكنّها أشارت الى أن الملك البريطاني الجديد «سيكون مختلفاً عن والدته، ولديه أفكار وآراء عميقة حول العديد من القضايا الراهنة». وتطرقت بعض الصحف إلى «خطر تراجع مكانة المملكة المتحدة»، بسبب «أزمات ذاتية بدءًا من الخروج من الاتحاد الأوروبي، ووفاة الملكة، وتراجع النفوذ على المسرح العالمي».

وتوقعت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية «أسلوبًا ملكيًا جديدًا» بقيادة ملك أشار إلى رغبته في إعادة تشكيل دور عائلته في الحياة البريطانية. وأضافت: «ظهرت لمحة عن هذا الأسلوب الجديد، بعد ظهر الجمعة، عندما وصل تشارلز وزوجته الملكة كاميلا إلى قصر باكنغهام». وتابعت: «قفز الملك من سيارته للانخراط في بعض المرح الديموقراطي الواضح، وهو أمر أكثر نموذجية لسياسي في مسار حملته الانتخابية أكثر من كونه عضوًا في العائلة المالكة».

من جانبها، رأت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن الملك تشارلز سيكون «ملكًا مختلفًا» في كل النواحي عن والدته.

وعلى الرغم من أن الملك الجديد قال، الجمعة، إنه «يريد الموازنة بين التقاليد والتقدم، فإن العديد من مقربيه يعتقدون أنه سيغيّر المفاهيم الملكية، «أو على الأقل سيكسرها أحيانًا».

وأوضحت الصحيفة أن «السبب وراء ذلك هو أن تشارلز لديه آراء مختلفة، وأفكار عميقة».

وتابعت: «على سبيل المثال «الموضة السريعة»، و»الأسيجة» و»مواقف السيارات» و»الخضراوات والفاكهة العضوية»، فضلًا عن أنه أسس مراكز فكرية ومؤسسات وصناديق استئمانية أميرية لتعزيز «الحلول الشاملة للتحديات التي تواجه العالم اليوم».

ونقل التقرير عن كاتب السيرة الملكية ومؤلف كتاب «ملكة العصر»، روبرت هاردمان، قوله: «سيكون تشارلز ملكًا من نوع مختلف». وأضاف: «إنه مفكر عميق ورومانسي وعاطفي».

ووفقًا للصحيفة، قال منظمو استطلاعات الرأي إن «الكثير من البريطانيين لا يحبون تشارلز، لكنهم لا يكرهونه بشدة أيضًا».

في غضون ذلك، نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مراقبين أميركيين قولهم إن وفاة الملكة إليزابيث قد عمقت «دوامة الهبوط» في المملكة المتحدة على الساحة العالمية.

ونقلت الصحيفة، في تقرير عن مراقبين، قولهم إن «النظرة السائدة من الولايات المتحدة لبريطانيا ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي وما بعد وفاة الملكة هي أن الأخيرة باتت في الأساس دولة ذات نفوذ متدهور».

وقد تعاطف البريطانيون مع هذا الحب المثابر. ورويدا رويدا عادت شعبية الأمير لترتفع من دون نسيان تأثير ديانا.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد يوغوف في أغسطس 2021 أنه يتمتع بشعبية نسبتها 54 بالمئة، بعيدا وراء الملكة (80 بالمئة) والأمير وليام (78 بالمئة) وزوجة الأخير كيت ميدلتون (75 بالمئة) وشقيقته الأميرة آن (65 بالمئة)، أما شعبية كاميلا دوقة كورنويل فبلغت 43 بالمئة.