رياح وأوتاد: هل يكتفى بالإعلام أم يجب البلاغ؟
كتب د.ناجي الزيد يوم الخميس الماضي أن المرشح عبدالله الكندري أكد وجود شبهات وتلاعب وعمليات نقل أصوات في دائرته، وأن الوثائق في حوزته، وعقب د. ناجي «لماذا لا يذهب للنيابة ويقدم الوثائق التي بحوزته».كما صرح أيضاً بوجود عمليات شراء الأصوات في الانتخابات الحالية الأخ أحمد السعدون والأخ عادل الدمخي وربما غيرهم، ولكن يبقى كلام د. ناجي بتقديم بلاغ هو الإجراء الصحيح، لأن قانون الإجراءات ينص في المادة (14) على «كل شخص شهد ارتكاب جريمة أو علم بوقوعها عليه أن يبلغ بذلك فوراً أقرب جهة من جهات الشرطة أو التحقيق»، وهو خطاب قانوني آمر، لذلك فمن المهم جداً أن يطبق جميع المواطنين مرشحين وناخبين هذا القانون من تلقاء أنفسهم. فلنتخيل لو أن جهات التحقيق استدعت كل مرشح لسؤاله عن حقيقة ما يقوله في مقره أو مقابلاته، فهل سيكون هذا مقبولاً عند المرشحين والناخبين؟ أم أنهم سيعتبرون ذلك من قبيل المطاردة وتكميم الأفواه وحماية الفاسدين؟ وما الفائدة المرجوة إذا اكتفى المرشح بالحديث الإعلامي ولم يتقدم بالبلاغ، وإذا لم تتحرك المباحث من تلقاء نفسها أو تجاهلت الندوات الإعلامية؟ هل سينجو الراشي والمرتشي؟أرى أن الأفضل والأولى أن يقوم أي مرشح أو ناخب شهد جريمة تزوير السكن أو شراء الأصوات بإبلاغ جهات التحقيق مثل الداخلية أو النيابة أو الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) بالإضافة إلى الإعلام إذا أراد، وبذلك تستقيم أمور الانتخابات ويحارب الفساد.
ومثل ذلك أيضاً قيام بعض المرشحين بالإعلان عن مبالغ وأرقام رواتب ومكافآت القياديين وأعضاء مجالس إدارات بعض الهيئات كما فعل الأخ حسن جوهر بإعلان أرقام فلكية لا تصدق عن مكافآت أعضاء مجلس التأمينات، كما ذكر آخرون أرقاما مختلفة لبعض الهيئات الأخرى وكثير من المبالغ التي ذكرت غير دقيقة، وللأسف لم تقم هذه الهيئات بالرد وبيان حقيقة قيمة المبالغ، وهل هي للمديرين التنفيذيين أم لأعضاء مجلس الإدارة، ولا أدري لماذا يسكت أعضاء مجالس الإدارات عن التوضيح رغم أن هذا الكلام يمس سمعتهم وقيمتهم؟! وأرى أن الأفضل والأولى أن يشير المرشحون والكتّاب بصفة عامة إلى التفاوت في المكافآت والرواتب دون ذكر مبالغ معينة تجنباً للوقوع في الخطأ إلا إذا كانت صحيحة قطعاً، مع التعهد بإقرار مشروع البديل الاستراتيجي للرواتب الذي يساوي إلى حد كبير بين المواطنين في مختلف الجهات الحكومية، وأن يشملوا فيه المكافآت السنوية للهيئات المستقلة والملحقة وغيرها بدلاً من ذكر مبالغ غير دقيقة، قد تثير الناس، ولكنها لا تؤدي إلى الإصلاح والتعديل.وهذا الكلام ينطبق أيضاً على كثير من أخبار الفساد والتجاوزات التي تصلنا عبر وسائل التواصل، خصوصاً الوهمية منها، ولا نعلم مدى صحة أو دقة هذه الأخبار، وقد تكون من قبيل الصراعات السياسية أو الخلافات بين الجهات المختلفة، وكان الأولى والأفضل شرعاً وقانوناً التأكد منها أولاً ثم إبلاغ الجهات المختصة مثل مجلس الأمة والتحقيقات والنيابة و«نزاهة» محملة بالأدلة أو الشبهات والقرائن قبل نشرها، وهذا طبعاً لا يعفي الجهات المسؤولة من تتبع هذه الأخبار وتعديل الأخطاء والتجاوزات إذا كانت الأخبار صحيحة أو الرد عليها إذا كانت كاذبة أو غير دقيقة.