ماذا تقول يا صاحب السعادة؟!
يوم الجمعة مساء؛ أي ليلة السبت الماضي، طوّقت قوات وزارة الداخلية عدة عمارات، مثل مجمع الوفرة والتعمير في منطقة بنيد القار، ثم أوقفت مواطنين (وليسوا وافدين مشتبهاً بهم بمخالفات قوانين الإقامة)، وأُمروا بتسليم بطاقاتهم المدنية ومراجعة إدارة المباحث الجنائية في اليوم التالي. حين يذهب هذا المواطن أو ذاك الذي تعرّض للإرهاب الرسمي من رجال الأمن إلى إدارة المباحث يتم تسليمه البطاقة الخاصة به، بعد أن يتم تصويره كـ «متهم بجريمة» بصورة أمامية وصورتين جانبيتين، ويتم إخباره بأنه تم تسجيل رقم سيارته... وانتهينا... أو لم ننتهِ.. لا جريمة ولا شبهات بجريمة، وليس هناك بلاغ محدد من أشخاص معيّنين ضد أفراد معروفين حتى يتم توجيه اتهامات ثابتة بقانون الجزاء، وتتم محاكمتهم بمعرفة جهة التحقيق المختصة والمخولة بتوقيف خلق الله حسب قانون الإجراءات الجزائية. ما هذا يا وزارة الداخلية... ما هذا يا سعادة الوزير؟ هل انتهت جولاتك التفقدية حتى يتفرغ جهاز المباحث الجنائية التابع لك لتربية البشر، وكأن الناس ليست لديهم كرامات؟!
ما شأنكم يا وزارة الداخلية بحياة البشر الخاصة؟ مواطن استأجر شقة للسكن بها أو ليلتقي فيها بمن يريد ويمارس حريته الخاصة مثلما يريدها، هو لم يقتل، ولم يسرق، ولم يرتكب أي جريمة، هو وشأنه وحياته الخاصة في مكانه الخاص، وهو ليس مكاناً عاماً... ولا توجد جريمة مشهودة.إذا كانت هناك شكوى من أشخاص محددين، فما عليكم سوى تلقّي الشكوى من أصحابها، والتوجه إلى المشكو ضدهم، بعد الحصول على الإذن بالتفتيش من جهة التحقيق، كما يتطلب قانون الإجراءات الجزائية، ثم مواجهة المتهمين بموضوع الاتهام، غير ذلك.. لا شيء غير إرهاب رسمي من سلطة الدولة ممثلة بجهاز المباحث الجنائية... لماذا تلك الإجراءات غير القانونية والمنتهكة لكرامة البشر والمتعدية على حيواتهم الخاصة؟هل هناك مَن ينتظر بركات جماعات المحافظين إخوان الوثيقة الأخلاقية التي بصمَ عليها عدد من مرشّحي اليوم؟ هل تريدون منهم كلمات الثناء والشكر على دولة الأخلاق الحميدة التي تشيّدونها اليوم على أنقاض حقوق الإنسان وحرياته؟... ألا يكفينا ثقافة طلاب المجد من بعض المرشحين وأئمة التسييس الديني التي تكبت أنفاسنا وتحاصرنا في أدق خصوصياتنا حتى تأتوا اليوم بدوركم وتذروا الملح على الجراح؟... ماذا تقول يا سعادة الوزير؟!