غداة تبادل إسرائيل وإيران تهديدات بشنّ ضربات مباشرة، وعدم الاكتفاء بـ «حرب الظل» الدائرة بينهما حالياً، على وقع تعثّر المفاوضات الدولية الرامية لإحياء الاتفاق النووي المقيد لطموحات الأخيرة الذرية، اندلع، أمس، حريق في حقل شاديجان النفطي بالأهواز بجنوب إيران، جراء عمل تخريبي. وقال مسؤول بشركة النفط الإيرانية إن قوات الدفاع المدني نجحت في السيطرة على الحريق دون تسجيل إصابات. وذكر المسؤول للتلفزيون الرسمي أن الحريق شبّ في ساعة مبكرة من صباح أمس نتيجة «عبث عناصر مجهولة». وأضاف أن «الوضع تحت السيطرة، ويجري حصر الأضرار وإصلاح البئر، لكي تعود إلى الإنتاج، ولا داعي للقلق».
اعتقالات خدائي
وتزامن الحريق الذي يأتي بعد فترة هدوء قصيرة أعقبت سلسلة ضربات واغتيالات إسرائيلية استهدفت منشآت عسكرية وذرّية وخبراء بالمجالين، مع تصريح المتحدث باسم السلطة القضائية، مسعود ستايشي، بأن السلطات اعتقلت عدة أشخاص في قضية اغتيال العقيد البارز بـ «الحرس الثوري» حسن صياد خدائي في مايو الماضي، في حادث اتهمت طهران فيه الدولية العبرية وحلفاءها الغربيين بتنفيذه.وقال ستايشي إن الأوامر القانونية اتخذت بحق العناصر الموقوفة لبدء محاكمتهم على ذمة اتهامهم بقتل خدائي، الذي كان يترأس وحدة في «فيلق القدس»، ذراع «الحرس الثوري» الخارجي، الذي اتهمته إسرائيل بالتخطيط لشنّ هجمات على إسرائيليين.وقُتل ما لا يقل عن 6 علماء وأكاديميين إيرانيين أو تعرّضوا لهجمات منذ عام 2010، وسقط العديد منهم على أيدي مهاجمين يستقلون دراجات نارية، في ضربات يُعتقد أنها تستهدف برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، الذي يقول الغرب إنه يهدف إلى تطوير القدرات اللازمة لصنع أسلحة ذرّية.رفض إيراني
في غضون ذلك، رفض المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرّية الإيرانية، بهروز كمالوندي، اتهامات مدير وكالة الطاقة الذرية الدولية، رفائيل غروسي، لطهران بعدم التعاون بشأن التحقيق المتعلق بـ 3 مواقع غير معلنة عُثر فيها على آثار يورانيوم مخصب، خلال افتتاح اجتماع مجلس حكماء المؤسسة التابعة للأمم المتحدة أمس الأول. وقال كمالوندي إن تصريحات غروسي «لا أساس لها وتفتقد الشرعية». وأكد أن خفض إيران السماح بعمليات التفتيش الدولية «يشمل فقط تعهدات الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى الكبرى عام 2015»، مشدداً على أن طهران ستتراجع عن خفض تلك الالتزامات إذا «رفعت العقوبات الأميركية والتزم الكل بتعهداتهم». وادعى أن «الجمهورية الإسلامية تعاونت بشكل تام، وأرسلت في هذا الخصوص ردودها على تساؤلات الوكالة الدولية، بل وعقدت اجتماعات تفاوضية لرفع الشبهات المثارة حولها». وجاء ذلك في وقت قال مستشار فريق التفاوض الإيراني، محمد مرندي، إن مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي لم تصل إلى نقطة الصفر «ومازلنا قريبين من التوصل إلى اتفاق»، رغم الضغوط الأميركية.استبعاد بلينكن
في المقابل، استبعد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، التوصل إلى تفاهم لإحياء الاتفاق المبرم عام 2015 على المدى القصير.وقال بلينكن، في تصريحات أمس، إن ردّ طهران على النص الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق المبرم عام 2015، والذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، يُبعد احتمالية التوصل إلى تفاهم على المدى القريب.وأضاف: «لا يمكنني أن أعطيكم جدولاً زمنياً سوى أن أقول مرة أخرى إن إيران لا تبدو مستعدة أو قادرة على فعل ما يلزم للتوصل إلى اتفاق».وفي وقت سابق، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض أن إيران لا يمكنها ربط إحياء الاتفاق النووي بالتزاماتها في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي.تحذير... وموت
في موازاة ذلك، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، من أن إيران ضاعفت من قدراتها لتخصيب اليورانيوم، بواقع 3 مرات.وقال غانتس في لقاء جمعه مع ممثلي أعضاء مجلي الأمن الدولي في الولايات المتحدة قبل مغادرته إلى إسرائيل، ليل الاثنين ـ الثلاثاء: «إن عدد أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي تمتلكها إيران أكبر بكثير من العدد المعلن. وفي منشأة بوردو، ضاعفت طهران قدرتها على التخصيب 3 مرات».وحثّ غانتس الذي التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا غرينفيلد، المجتمع الدولي بأسره على «أن يعد خططاً عملية وسياسية واقتصادية، وأن يتحرك في مجلس الأمن ضد إيران».ورأى الوزير الإسرائيلي أن «أكبر عامل مزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط هو إيران. وفي حال حصلت على مظلة نووية، فسوف يزداد الأمر سوءاً». في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن مسؤولاً إسرائيلياً رفيعاً ذهب إلى ألمانيا مع رئيس الوزراء يائير لابيد، أمس الأول، قال إن «معظم الأوروبيين والأميركيين يقولون إنه لن يكون هناك اتفاق نووي». ووصف المسؤول، المفاوضات الحالية بشأن إحياء الصفقة بـ»الميتة». وأضاف: «الآن لا توجد مفاوضات مع إيران».کما قال: «قدّمنا للأوروبيين معلومات تثبت أن الإيرانيين كانوا يكذبون بينما كانت المفاوضات جارية».وخلال رحلته إلى ألمانيا، قال لابيد أيضًا إنه قدّم معلومات «حساسة» ترتبط بالبرنامج النووي الإيراني إلى المستشار الألماني أولاف شولتس.