هل الانتخابات القادمة باهتة؟
المؤشرات الأولية للانتخابات التي ستجرى آخر الشهر تفيد بأنها غالباً ستكون باهتة، وقد اشتكى العديد من المرشحين بمخضرميهم، قلقهم، ولذا أعلن العديد منهم عدم مشاركتهم. وبالمقابل فقد شارك غالبية المقاطعين بسبب الصوت الواحد، وهي من السمات المتكررة، فمنذ أول مقاطعة للانتخابات في 1971، يعود المقاطعون للمشاركة دون تغيير أسباب المقاطعة.هناك عدة عوامل تدفع باتجاه أن تكون الانتخابات القادمة بلا شخصية، أولها، هو أن السلطة وللمرة الأولى، منذ انتخابات 1963 تأخذ زمام المبادرة للإصلاح الانتخابي، لتكسب أرضاً، ليس على المستوى الشعبي فحسب، بل حتى الأصوات الناقدة تحولت للإشادة، فأعلنت إجراءات تجاوزت المطالب المعلنة، بتعيين رئيس وزراء جديد، وعدم التدخل في الانتخابات، وعدم التصويت للرئاسة واللجان، والتصويت وفقاً للبطاقة المدنية، والمناطق الجديدة، والتصدي للفرعيات وشراء الأصوات. كل تلك الإجراءات، إن تم تنفيذها، ستجعل منها مرحلة انتقالية، كونها تسعى إلى استعادة الثقة المفقودة بالحكومة. وفي السياسة، من السهل فقدان الثقة، ومن الصعب استعادتها. مبادرات الحكومة هنا تحولها تدريجياً من متهمة إلى فاعلة، بطريقة مختلفة.المسألة الثانية، شكلت انتخابات رئاسة المجلس منذ 1996 عنصراً محورياً في الحملة الانتخابية على مدى 26 عاماً مضت. كانت الحكومة تصوت بشكل علني في انتخابات رئاسة المجلس، أما بعد الإعلان عن امتناع الحكومة عن التصويت، مع أنه يحق لها لائحياً ذلك، اختفت بجرة قلم واحدة من أهم محركات العملية الانتخابية.
أما المسألة الثالثة فهي فردية العمل السياسي، وعدد المرشحين مازال في حدود المعدل العادي، وهي نقطة ضعف تقليدية، تلقي بظلالها على تعثر النظام السياسي. وحسب إفادة العديد من المرشحين، بأنهم يعانون من ارتباك حاد وشديد من المبادرة الحكومية، وتغيير طريقة التصويت. حتى أن المرشحين، والجادين منهم، لم يتجمعوا لإصدار تصور للمرحلة القادمة، فاتحين المجال للفراغ السياسي أن يلعب لعبته، وتتحول الساحة إلى طروحات هامشية، غير جادة، تشغل المجتمع. وفي الإطار الفردي فلربما تشهد الانتخابات القادمة تقدماً في وضع مشاركة المرأة، ويبدو أن هناك احتمالات تنافسية جدية لثلاث مرشحات كحد أدنى. علينا أن نتعامل مع الانتخابات القادمة كمرحلة انتقالية، من حالة الانسداد السياسي، إلى مرحلة قد تشهد انفراجاً.ومع أن هناك اختلالات كثيرة تحتاج معالجة، كالبيئة التي صدر فيها «حرمان المسيء»، ومن قبله في فبراير 2012 ما هو أخطر وهو «إعدام المسيء»، فهناك ضرورة لمعالجة الفساد التشريعي، وإنهاء الكثير من احتقانات الماضي.ومع أن الإجراءات هي إصلاحات انتخابية، إلا أنها في الطريق الصحيح، ويبقى الحكم على المستقبل مرهوناً بخطوات أكثر شمولية، تتعامل بجدية أكثر مع حقوق الناس ورفع الظلم، وقدرة البرلمان القادم بنوابه وحكومته على الإنجاز بما يفيد الناس.