أثار قرار وزير التجارة والصناعة فهد الشريعان استمرار أعضاء مجلس مفوضي هيئة أسواق المال وإدارة شؤونها وممارسة اختصاصاتهم وواجباتهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار واستحقاقات، اعتباراً من 11 الجاري وحتى يوم سريان مدة المجلس الجديد الوارد في مرسوم تشكيله لتسليم الأعمال إليه وتعريفه بالإدارة التنفيذية للهيئة، قضية قانونية التكليف، إذ أدخل الهيئة وقراراتها في «ريبة» تتعلق بالطعن والبطلان، حيث إن تعيين أعضاء مجلس الهيئة يكون بمرسوم لا بقرار أو تكليف من الوزير، وهو ما قد يثير شبهة بطلان القرارات التي يصدرها المجلس المنتهية مدته القانونية.وتعقيباً على القرار، قال الخبير الدستوري أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي، إن اختصاص الموظف أو المكلف بخدمة عامة يرتبط بقرار إداري سليم، «ونحن هنا بصدد قرار إداري صدر بمرسوم لتعيين أعضاء مجلس الإدارة أو المفوضين، وفي حال انتهاء المدة في الأصل يصبح السند القانوني العادي لشغل هذا الاختصاص غير موجود، غير أن مبدأ استمرار المرافق العامة بانتظام واطراد يؤدي إلى صحة أعمال الموظف الفعلي، «وهنا لسنا بصدد تطبيق مفهوم الموظف العام استناداً إلى ذلك المبدأ القضائي الراسخ، ولكن هل من الممكن عرض هذا المسلك أمام القضاء باعتبار أنه خطأ من الاختصاص يأتي في إطار تسيير المرافق العامة بانتظام واطراد؟ وهل سيتم ذلك التسيير باتخاذ كل القرارات الإدارية أم بعضها؟»، مؤكداً أن هذه الأسئلة يحسم الإجابة عنها حكم قضائي.
من جانبه، ذكر أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بالجامعة د. خليفة الحميدة أن قرارات الهيئة، وإن كانت صحيحة وفق نظرية تسيير المرفق العام بانتظام واطراد، فهي معرضة للبطلان لانتهاء مدة العضوية المقررة لأعضاء مجلس مفوضيها، مضيفاً أنه سبق للقضاء الدستوري والإداري اعتماد نظرية تسيير المرفق العام عبر الموظف الفعلي وسلامة قراراته، «لكن من يقرر ذلك بالتأكيد هو القضاء في حال الطعن على تلك القرارات».وفي السياق، أفاد بيان من الهيئة بأنه بتاريخ 7 الجاري اكتمل عطاء مجلس مفوضيها الحالي بمرور السنوات الأربع المحددة بموجب المرسومين الأميريين رقمي 235/ 2018، و219/ 2019 الصادرين بتشكيله على هدي المادة 10 من القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء الهيئة وتنظيم نشاط الأوراق المالية. وأضاف البيان، أنه إزاء الطبيعة الخاصة للأعمال والاختصاصات الرقابية والقانونية للهيئة، وفي ضوء ما قرره القانون لمجلس مفوضيها من اختصاصات ومهام أساسية في تسيير وإنجاز هذه الأعمال باعتباره سلطة البت النهائي دون غيره في إصدار ما يلزم من قرارات يترتب عليها آثار موضوعية وإجراءات شكلية ومواعيد محددة لها تبعاتها القانونية على مراكز وأوضاع الخاضعين لرقابتها من بورصة الأوراق المالية ووكالة المقاصة والشركات المدرجة والشركات المرخص لها بمزاولة أنشطة الأوراق المالية والوظائف والمناصب واجبة التسجيل، فضلاً عن مواجهة الأخطار النمطية ومتابعة علاقاتها والتزاماتها مع الجهات الرقابية النظيرة والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة، فإن ذلك يقتضي ضرورة العمل على ضمان سير هذا المرفق العام بانتظام واطراد بمقتضى هذا المبدأ القانوني المستقر، تحقيقاً للمصلحة العامة وتقديم خدماته والنهوض بمسؤولياته على الدوام دون انقطاع أو تعطيل، ومنعاً لوجود فراغ تشريعي ورقابي.وتابع: من هذا المنطلق، وفي ضوء تكليف السلطة المختصة باستمرار كل أعضاء مجلس المفوضين في تسيير أعمال الهيئة وإدارة شؤونها وممارسة اختصاصاتهم وواجباتهم التي قرّرها قانون إنشائها رقم 7 لسنة 2010 وتعديلاته - مع ما يترتب على ذلك من آثار واستحقاقات - اعتباراً من 8/ 9/ 2022 وإلى يوم سريان مدة المجلس الجديد الوارد في مرسوم تشكيله لتسلّم الأعمال إليه وتعريفه بالإدارة التنفيذية للهيئة، وعلى سند من الفتوى القانونية الصادرة من إدارة الدراسات القانونية في هيئة أسواق المال، التي تقوم مقام إدارة الفتوى والتشريع وفقاً للمادة رقم 16 من قانون إنشاء الهيئة، وما ذهبت إليه الإدارة في حالات مماثلة باستمرار القياديين في أداء أعمالهم إلى حين صدور مرسوم بالتجديد أو بالإنهاء الصريح للخدمة بعد انتهاء مرسوم التعيين، على هدي من مبادئ الموظف الفعلي المستقرة فقهاً وقضاء، وما جرى عليه العرف في الحالات المماثلة بالوظائف القيادية بالدولة، وذلك كله حفاظاً على استقرار أسواق المال في دولة الكويت، وبعد العرض على مجلس مفوضي الهيئة باجتماعه رقم 33 لسنة 2022 المنعقد بتاريخ 11/ 9/ 2022، تعلن الهيئة استمرار المجلس في تسيير أعمالها وإدارة شؤونها وممارسة اختصاصاته وواجباته التي قررها القانون، اعتباراً من 8/ 9/ 2022 حتى تاريخ سريان مدة المجلس الجديد التي سيصدر بها مرسوم تشكيله.
لماذا التأخير؟
لم تكن هناك حاجة إلى الدخول في شبهة تعريض قرارات هيئة أسواق المال للطعن والبطلان، لاسيما أن تأخير مجلس الوزراء تسمية أعضاء مجلس المفوضين الجدد من شأنه أن يثير شكوكاً في السوق، ويتيح المجال للمتلاعبين للاستفادة من حالة عدم الاستقرار الحالية... لذلك فإن تعيين مجلس مفوضين جديد يتولى الصلاحايات القانونية كاملة أفضل، كما أنه يغني السوق عن شبهات لا داعي للدخول فيها.