من ثقافة الأطفال المهووسين جنسياً إلى سرسرية الليبراليين
أتمنى ألا تأتي لحظة زمن نقول عنها «رب يوم بكيت منه... فلما صرت بغيره بكيت عليه»، تحف خالدة وثقافة سامية تنطق بالحكم العقلانية اتحفنا بها عدد من رموز معارضة «رحيل الرئيسين» حين رفعوا الشعار السابق وهم في أوج حروبهم الكبرى ضد رئيسي مجلس الأمة والحكومة السابقين، مثل هذا الشعار تصورنا وهماً أن عناترته سيقدمون برنامجاً يقلب حال البلد بكل أمورها من فساد سياسي، إلى أوضاع التعليم المتدهور والاقتصاد الأحادي المعتمد على سلعة النفط، إلى أزمة الإسكان والبطالة المقنعة والإدارات الحكومية الغارقة بالروتين، حتى أوضاع حقوق الإنسان كإخواننا البدون الذين تم حرمان أطفالهم من التعليم الخاص ما لم يقدموا أوراقاً ثبوتية معينة...تحية لهؤلاء القمم الجبلية للمعارضة في أول قطرات غيثهم، فلم نسمع منهم شيئاً من أحلام الأمس، وكانت قفزتهم الكبرى لعالم الحضارة والحداثة وحقوق الإنسان أنهم تسابقوا للبصم على وثيقة الأخلاق الحميدة التي خطها فولتيرات (جمع اسم فيلسوف الحرية الفرنسي فولتير) مشايخ كابول، وثيقة لا تدخل في بيوتكم وتحشر نفسها في أدق خصوصياتكم فقط بل هي كالبعوض تدخل تحت جلودكم، من أهم بنودها الحضارية «منع الوشم»، وهذا يكون على الجلد.
أيضاً النائب السابق والمعارض الكبير شعيب المويزري ارتدى ثوب عالم النفس الراحل سيجموند فرويد، وتحليله عن الغريزة الجنسية للأطفال، ولهذا يطالب بتحريم الاختلاط ليس فقط بالتعليم العالي، بل حتى في رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية...! شكراً دكتور شعيب فقد قلت ما عجز عن قوله كبار علماء النفس والاجتماع، بالتأكيد سيتعلم هؤلاء الكثير من ثقافتك المتجددة في أصول التربية، وسنرتقي السلم الحضاري عتبة بعد عتبة بفضل فكرك المستنير.معارض آخر صور نفسه في شريط سلفي وليس سلفياً في زمن مضى وهو يتحدث مهموماً في قاعة المغادرين مهاجراً إلى تركيا لكثرة قضايا الرأي ضده، يبدو أنه لم يطب له المقام هناك فرجع ليغرد بعدة تغريدات مخجلة، وصف فيها الليبراليين العلمانيين بالسرسرية، وأنهم دعاة للفساد الأخلاقي والدياثة، وهو في معرض تأييده الأعمى لما جاء في الوثيقة، لا مانع أن نكون «سرسرية» ثقافتك الضحلة إذا كنت من يروج للأخلاق الحميدة... يا خسارة... ورب يوم بكيت منه... واليوم ألطم على فقدانه...