صمد أمس وقف إطلاق النار الجديد بين أرمينيا واذربيجان، والذي أعلنه في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول، الأمين العام لمجلس الأمن الأرميني، أرمين غريغوريان، بعد مقتل 105 عسكريين أرمن و71 عسكريا أذربيجانيا في يومين من الاشتباكات الحدودية المرتبطة بالنزاع المستمر منذ عقود بين البلدين الوقاعين في القوقاز على منطقة ناغورنو كاراباخ التي تسكنها غالبية أرمينية.وبعد أن حذّر نائب وزير الخارجية الأرميني، باروير هوفهانيسيان، من أن تتصاعد الاشتباكات إلى مستوى الحرب فيما سيصبح ثاني صراع مسلح كبير في دول الاتحاد السوفياتي السابق، مارس رئيس الوزراء الأرمني، نيكول باشينيان، مزيداً من الضغوط على موسكو للتدخل في وقت ينشغل فيه الجيش الروسي بغزو أوكرانيا.
وفي كلمة أمام البرلمان، أمس الأول، قال باشينيان إنه طلب رسمياً المساعدة من روسيا ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي بموجب المادة الرابعة من اتفاق الدفاع المشترك التي تكفل تقديم المساعدات العسكرية، معتبرا أن «سيادة جمهورية أرمينيا خط أحمر بالنسبة لنا»، وموضحا أن «العدو احتل 40 كيلومتراً مربعاً من أراضي أرمينيا في مايو الماضي، واحتل 10 كيلومترات مربعة إضافية الآن».وأشار باشينيان إنه ألغى زيارة إلى مدينة سمرقند بأوزبكستان، حيث كان يعتزم حضور قمة رؤساء منظمة شنغهاي للتعاون، والتي من المقرر أن يلتقي على هامشها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان.وقد يؤدي نشوب صراع شامل بين أرمينيا وأذربيجان إلى خطر انجرار روسيا وتركيا إليه ويزعزع استقرار ممر مهم لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز، مثلما تعطل الحرب في أوكرانيا إمدادات الطاقة.وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن روسيا يمكنها «إشعال الاضطرابات» أو استخدام نفوذها في المنطقة للمساعدة في «تهدئة الأجواء».وروسيا التي تجمعها اتفاقية دفاع مشترك مع أرمينيا، هي القوة الدبلوماسية الأهم في المنطقة ولديها ألفان من جنود حفظ السلام في ناغورنو كاراباخ، بعد أن توسطت في الاتفاق الذي أنهى حرب الـ 44 يوماً بين البلدين عام 2020. في المقابل، تلقى أذربيجان دعماً قوياً وثابتاً من حليفتها أنقرة. فقد حمّل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس الأول، أرمينيا مسؤولة اندلاع المواجهات. وقال أمام حشد في أنقرة: «نرى أن الوضع الذي نحن فيه غير مقبول، وقد أتى نتيجة انتهاك الاتفاقية التي تم التوصل إليها بعد انتهاء الحرب بانتصار أذربيجان». وأضاف «سيكون لذلك بالطبع، عواقب بالنسبة إلى أرمينيا التي لم تنفذ شروط الاتفاقية وتظهر باستمرار موقفا عدوانيا».وقد غيّرت الحرب في أوكرانيا ميزان القوى بالمنطقة، في وقت تزداد عزلة روسيا. ويبدو أن الاشتباكات الأخيرة قضت كذلك على عملية تطبيع العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان التي يقودها الاتحاد الأوروبي الذي يرغب بشدة في استيراد مزيد من كميات الغاز من أذربيجان لاستبدال الإمدادات الروسية.وخلال محادثات بوساطة الاتحاد الأوروبي في بروكسل في مايو وأبريل، وافق الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان على «المضي قُدما في محادثات» بشأن معاهدة سلام مستقبلية.وفي حين تدلّ كل المؤشرات على أن التطورات قد تشكل ضغطاً على موسكو، يرى مراقبون أن موسكو قد تستفيد من الوضع الراهن، خصوصأ في ظل تغيّر موازين القوى لمصلحة أذربيجان، مما يعني أنه ستكون هناك حاجة غربية إلى تدخل روسي لدعم يريفان وإعادة التوازن، خصوصاً أن الأوروبيين لا يريدون هزيمة أرمينية مذلة أو سلاماً بشروط إذربيجانية، لكنّهم لا يستطيعون التدخل بسبب دورهم كوسيط وسعيهم لزيادة واردات الغاز من باكو.
دوليات
هدنة بين أرمينيا وأذربيجان... وضغوط متصاعدة على موسكو
16-09-2022