بعد أسبوعين من الخسائر السريعة والمتتالية في شرق أوكرانيا وجنوبها، أعرب مسؤولون أميركيون عن مخاوفهم من لجوء روسيا إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي أو استعراضي لتعويض خسارتهم .
تحذير بايدن
ويعتقد بعض المحللين والقادة العسكريين السابقين أن «بوتين قد يلجأ إلى استخدام السلاح النووي للرد على النكسات في ساحة المعركة بأوكرانيا»، وفقا لـ «التايمز».وقال الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، فرانز ستيفان غادي، إنه كلما نجح الجيش الأوكراني في تحقيق مكاسب خلال المعارك، زادت مخاطر أن يأمر بوتين بـ «تفجير سلاح نووي تكتيكي». وتعد تلك الأسلحة ذات مردود أقل من الأسلحة النووية «الاستراتيجية»، وتهدف عادة إلى تدمير أهداف العدو في منطقة معيّنة دون التسبب في دمار واسع النطاق. وحسب ما قاله جادي، فقد تقرر موسكو تفجير سلاح نووي تكتيكي فوق البحر الأسود «لوقف الزخم الأوكراني».ويمكن أن تكون إحدى الطرق الروسية البديلة لمعاقبة الأوكرانيين «تفجير» محطة زابوريجيا النووية في جنوب البلاد، أو غيرها من البنى التحتية الحيوية، وفقا للخبير في الحرب الكيماوية، هاميش دي بريتون غوردون.وحذّر الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي من «التصعيد في أوكرانيا»، مؤكداً أنه «ستكون هناك عواقب إذا استخدم أسلحة كيميائية أو نووية في القتال». وقال بايدن، لقناة CBS، «لا تفعل. لا تفعل، ستغيّر وجه الحرب على عكس أي شيء حدث منذ الحرب العالمية الثانية».وردا على سؤال إذا استخدمت روسيا سلاحا كيماويا أو نوويا، قال بايدن: «سوف يصبحون منبوذين في العالم أكثر من أي وقت مضى، واعتمادا على مدى ما يفعلونه سيتمّ تحديد الرد».إلى ذلك أفاد تقييم للاستخبارات البريطانية بأن القوات الروسية تعزز مواقعها ضد الهجمات الأوكرانية المتواصلة في الشرق، مؤكدة أنها عاقدة العزم على الاحتفاظ بالسيطرة، حيث إن أحد خطوط الإمداد القليلة التي تسيطر عليها وحداتها يمرّ عبر هذه المنطقة.وإضافة إلى ذلك، يمتد الخط الدفاعي على طول حدود منطقة لوهانسك التي يعتبر «تحريرها» أحد أهم الأهداف المعلنة للحرب الروسية. وفي أحدث تقريرها اليومية عن تطوّر الحرب، شددت وزارة الدفاع البريطانية على أن «أي خسارة إقليمية جوهرية في لوهانسك سوف تقوض بشكل واضح الاستراتيجية الروسية». وتابعت: «من المرجح أن تحاول روسيا أن تدافع بقوة عن هذه المنطقة، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت قوات خط الجبهة الروسي لديها ما يكفي من الاحتياطيات أو المعنويات المناسبة لصد هجوم أوكراني منسق آخر». وخلال حربه في أوكرانيا، يواجه بوتين الآن مجموعة من الخيارات القاسية، والتي تتمثل في «إبقاء الالتزام العسكري الروسي في أوكرانيا محدودا، والحفاظ على مستويات القوات الحالية»، أما الخيار الثاني فهو «الأمر بتعبئة جماهيرية داخل روسيا»، وفقا لـ «فورين أفريز».ويشكل أيّ من الخيارين «تهديدا خطيرا لشرعية بوتين»، فإذا اختار الخيار الأول «فسيتخلى عن احتمالية النصر الروسي ويواجه خطر الهزيمة التامة»، مما قد يؤدي إلى «انشقاقات جديدة وخطيرة داخل نظامه»، حسب المجلة.وقد يبدو الإعلان عن التعبئة وزيادة القوة البشرية الروسية بشكل كبير «خيارا منطقيا» لبلد يبلغ عدد سكانه ثلاثة أضعاف سكان أوكرانيا، لكن «الكرملين» قد يواجه «معارضة محلية لحرب معظم الروس غير مستعدين لخوضها»، وفقا للمجلة.وفي أول تصريحات علنية له منذ خسارة قواته نحو عُشر الأراضي التي احتلتها في 7 أشهر، أقر بوتين بأن الحملة العسكرية بطيئة، لكنه تعهّد بمواصلتها حتى تحقيق جميع الأهداف الموضوعة، وهدد بتعزيز الهجمات على البنية التحتية المدنية الأوكرانية. وقال بوتين مبتسماً، لوسائل الإعلام الروسي على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون بأوزبكستان، «سلطات كييف أعلنت أنها تنفذ عملية هجوم مضاد حاليا. حسنا، لنرَ كيف ستمضي قُدما، وكيف ستنتهي الحال بها». وأضاف: «إذا تطوّر الوضع أكثر في هذا الاتجاه، ستكون استجابتنا، أكثر جديّة». وشدد على أن الهدف الرئيسي سيبقى «تحرير كامل أراضي دونباس»، التي تتألف من إقليمَي لوغانسك الخاضع بالكامل لسيطرة روسية ودونيتسك الخاضع جزئياً لها.ودافع بوتين عن الحرب، قائلا إنه يأمل نهايتها قريباً، رداً على تصريح لافت لرئيس الحكومة الهندي ناريندرا مودي، أشار فيه إلى أن «الوقت ليس وقت حرب». وخلال مؤتمر صحافي، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن روسيا تتعرض لـ «ضغوط». وتابع: «أعتقد أن ما نسمعه من الصين والهند يعكس مخاوف حول العالم بشأن عواقب العدوان الروسي على أوكرانيا ليس فقط على الشعب الأوكراني».في هذه الأثناء، أفادت مصادر بأن إدارة بايدن أجّلت تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى لتجنب رد روسي خطير. ونقلت شبكة NBC عن مصدرين أن كبار المسؤولين العسكريين نصحوا البيت الأبيض بعدم إرسال هذه الصواريخ، التي يتجاوز مداها 300 كلم، لأوكرانيا، خشية أن يؤدي ذلك إلى حرب أوسع نطاقا مع روسيا. إلى ذلك، أعلن مسؤولون أوكرانيون أنه تم العثور على مئات الجثث، بعضها مقيّد اليدين، مدفونة في مدينة إيزيوم المحررة من القوات الروسية، في تطور وصفه زيلينسكي بأنه دليل على ارتكاب الغزاة جرائم حرب، واعتبره البيت الأبيض أمرا بغيضا ووحشيا، وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمحاسبة مرتكبيها.وقال زيلينسكي إن الكثير من الجثث دفنت أيضا في مواقع أخرى بالشمال الشرقي، موضحاً أن «450 قتيلا دفنوا هناك. وهناك آخرون بعمليات دفن منفصلة لأشخاص عُذبوا. وأسر كاملة في مناطق معيّنة».وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: «هذا جزء مروّع من رواية متواصلة. كلما رأينا المد الروسي يتراجع من أجزاء احتلها في أوكرانيا، نرى ما الذي يتركه خلفه». وأعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن «صدمة كبيرة». وقال: «ستُحاسب روسيا وقادتها السياسيون وجميع المتورطين في الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي في أوكرانيا».كازاخستان تحاول عزل نفسها عن موسكو
أورد مقال في مجلة فورين بوليسي الأميركية أن كازاخستان، الحليف الأكبر لروسيا من ناحية الجنوب قبل الحرب الأوكرانية، تحاول حاليا وبهدوء تفكيك تحالف لم تكن تريده قط مع موسكو.وأوضح المقال، الذي كتبه الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي تيمور عمروف، أن رئيس كازاخستان قاسم غومارت توكاييف رفض علنا دعم الحرب الروسية على أوكرانيا، مضيفا أن كازاخستان لا تساعد روسيا حاليا في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية.وأشار عمروف إلى أن كازاخستان تدرك جيدا أنها مقيدة بحواجز لا يمكن التغلب عليها في علاقاتها مع موسكو، مثل اعتماد اقتصادها على روسيا للحصول على المواد الأساسية، كالطعام والملابس، لكن عزلة روسيا الحالية تجعل كازاخستان شريكا أثمن بكثير من أي وقت مضى، إذ تحتاج موسكو إلى مشاركة آستانا في عبء العقوبات، من خلال استيعاب بعض الشركات الروسية، والسماح بالتصدير الموازي للبضائع الخاضعة للعقوبات، أو منع الشركات الكازاخستانية من قطع العلاقات مع نظيراتها الروسية.وصوّت البرلمان الكازخستاني، أمس الأول، لمصلحة استعادة عاصمة كازاخستان اسمها القديم أستانا، بدلا من نور سلطان، وذلك بعد 3 سنوات فحسب من تغييره. كما وافق البرلمان بالإجماع أيضا على تعديل دستوري يقيّد ولاية الرؤساء المستقبليين بفترة واحدة مدتها 7 سنوات فقط. ولكن لا يزال يتعين على رئيس البلاد قاسم توكاييف التوقيع على التعديل ليصبح ساري المفعول، بيد أن هذه الخطوة تعتبر مجرد إجراء شكلي. يُذكر أن عاصمة كازاخستان كان قد تم تغيير اسمها من أستانا إلى نور سلطان في مارس 2019، تكريما للرئيس السابق نور سلطان نزارباييف، الذي تنحّى من منصبه بعد حوالي 3 عقود في السلطة. واجتاحت كازاخستان، التي يبلغ تعدادها 18.5 مليون نسمة والمجاورة للصين وروسيا، موجة من الاحتجاجات الدموية في بداية العام الحالي.