أكد محافظ بنك الكويت المركزي باسل الهارون أن التشاور والنقاش ومشاركة التجارب تساهم في اتخاذ قرارات صائبة، وبناء استراتيجيات محكمة تعزز الاستقرارين النقدي والمالي.

جاء ذلك في كلمة الهارون أثناء اجتماع الدورة الاعتيادية الـ (46) لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية تحت عنوان «متطلبات وتحديات إعادة بناء هوامش رأس المال والسيولة لدى القطاع المصرفي بعد رفع حزم الدعم» في مدينة جدة.

Ad

وأوضح أنه «أسوة بدول العالم تعرض الاقتصاد الكويتي للكثير من التحديات إثر جائحة «كورونا»، حيث تم إغلاق الاقتصاد لعدة أشهر، وتعطلت سبل التجارة الخارجية، حيث قام بنك الكويت المركزي بجهود لترسيخ الاستقرار النقدي والمالي، ووضع تدابير بهدف التخفيف من تلك التحديات من خلال عمل آلية لمتابعتها وخطة للخروج الآمن منها».

وعلى صعيد الإجراءات النقدية، أجرى «المركزي» عدة تخفيضات في سعر الخصم خلال مارس 2020 ليبلغ سعر الخصم 1.5 في المئة، وهو المستوى الأدنى تاريخيا، بهدف تقليل كلفة الاقتراض على الوحدات الاقتصادية، وليمنع تحول مشكلات السيولة المؤقتة لدى تلك الوحدات إلى مشاكل دائمة في ملاءتها المالية.

وذكر الهارون أنه بعد تطبيق حزمة تدابير لمواجهة الجائحة استمر «المركزي» في متابعة حثيثة للتطورات الاقتصادية المحلية والعالمية، إضافة إلى الرقابة للقطاع المصرفي، ورصد مؤشرات السلامة المالية له، وقد أظهرت نتائج القطاع أن عددا لا بأس به من البنوك استغل المخففات التي منحها «المركزي»، مما ساهم في ممارستها لأعمالها بأريحية.

وأوضح أن «المركزي» طبّق آلية لتقييم نتائج ما اتخذه من إجراءات وتدابير وإعداد الدراسات ورسم (السيناريوهات)، وإجراء اختبارات الضغط لتحليل حساسية البنوك، والكشف المبكر عن الاختلالات، ومكامن الخطر المحتمل، والطرق المثلى لتداركها وعالجها.

وقال الهارون إنه مع نهاية الربع الثالث من 2021 أظهرت نتائج آلية التقييم سير القطاع المصرفي في اتجاه التعافي التدريجي، وتحسن الأوضاع الاقتصادية، وقدرة البنوك على الامتثال للمعايير الرقابية السابقة، حيث أوضحت بيانات القطاع المصرفي الكويتي أن

القطاع يتمتع بمصدات رأسمالية عالية تفوق الحدود، إذ بلغ معيار كفاية رأس المال 18.5 في المئة.

كما استطاعت بسهولة استيفاء متطلب معيار صافي التمويل المستقر ليبلغ 111 في المئة وانخفضت نسبة القروض المتعثرة حيث بلغت، 1.9 في المئة، ومن جانب الربحية فقد حقق القطاع صافي أرباح شارف مستويات ما قبل الجائحة.

وأكد انه في ضوء هذه المؤشرات تبين أن السياسة الحصيفة والنهج الاستباقي لبنك الكويت المركزي قد مكنا البنوك من العبور بسلام من واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية وساعدها على أداء دورها بكفاءة واقتدار خلال فترة الجائحة، مضيفا أن النتائج الإيجابية للقطاع المصرفي ومتانته وسلامة وحداته قد شجعت بنك الكويت المركزي على بدء العمل في برنامج رفع القيود والخروج الآمن من برامج الدعم التي قدمها سابقا لهذا القطاع حيث بدأ برسم خريطة الخروج من بيئة المخففات الرقابية في اتجاه العودة إلى المعايير الرقابية كما كانت عليه قبل الجائحة.

واشار الى ان رحلة العودة انطلقت خلال مرحلتين بدأت الأولى منهما في مطلع العام الحالي 2022 وذلك عبر سحب نصف المخففات الرقابية على أن تستكمل المرحلة الثانية من عملية السحب في مطلع العام المقبل 2023 والعودة الى الحدود الرقابية السابقة ما قبل الأزمة، مع الاستمرار في تقديم الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إبقاء وزن مخاطر محفظتها على ما هو عليه بعد التعديل.

وقال الهارون إنه على الرغم من اطمئنان بنك الكويت المركزي الى متانة وسلامة القطاع المصرفي والمالي فإن التطورات التي شهدها العالم أخيرا واستمرار المخاطر التي تحيط بآفاق الاقتصاد العالمي يدفعان الى ضرورة العمل على حماية اقتصاداتنا وقطاعاتنا

المصرفية والمالية من الصدمات الخارجية من خلال السياسات النقدية والإجراءات الرقابية الملائمة.

وذكر انه من بين هذه المخاطر تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي حيث أشارت توقعات صندوق النقد الدولي في شهر يوليو إلى تراجع النمو الى نحو 3.2 في المئة في عام 2022 لتنخفض إلى حوالي 2.9 في المئة في عام 2023 وذلك نتيجة لمجموعة من الصدمات أبرزها تباطؤ الاقتصادين الأميركي والصيني وتفاقم تبعات الأزمة الروسية - الأوكرانية والمخاطر الجيوسياسية في جنوب شرق آسيا وتصاعد حدة التوتر بين الصين وتايوان إضافة إلى استمرار الاختلالات بين جانبي العرض والطلب نتيجة الاضطرابات في سلاسل التوريد لكثير من السلع الأساسية وبخاصة الغذاء والطاقة.

وأشار إضافة إلى ذلك ايضا إلى مخاطر الارتفاع المتواصل في أسعار السلع العالمية وارتفاع معدلات التضخم لأرقام لم تصل إليها منذ عدة عقود وبخاصة في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الرئيسة.

وقال الهارون إنه في محاولة لاحتواء الارتفاع في معدلات التضخم التي طال أمدها واتسع نطاقها لجأت العديد من البنوك المركزية لاسيما الرئيسة منها إلى تشديد سياساتها النقدية وذلك من خلال سحب الحزم التحفيزية التي اتخذتها لعلاج التداعيات السلبية للجائحة وخفض برامج شراء الأصول ورفع أسعار الفائدة وهو الأمر الذي من المتوقع أن يترتب عليه تكاليف اقتصادية لا مفر منها تنعكس آثارها على مختلف قطاعاتنا وبوجه خاص المصرفية والمالية.