شاركت المملكة المتحدة بتأثر واضح في جنازة مهيبة للملكة إليزابيث الثانية «الفرحة» والمتفانية انتهت، بدقيقتي صمت في كاتدرائية ويستمنستر بحضور مئات قادة دول العالم في مراسم ترقى إلى مستوى شعبيتها العالمية.

داخل الكاتدرائية أشاد كبير أساقفة كانتبري جاستن ولبي بالملكة التي «كرست حياتها في خدمة الأمة والكومونولث» مشدداً على طابعها «الفرح». وأكد «كانت فرحة، حاضرة للجميع، وأثرت بحياة كثيرين».

Ad

عربة مدفع

ودخل نعش إليزابيث الثانية إلى كاتدرائية ويستمنستر بعدما نقل على أنغام مزامير القربى وقرع الطبول عزفها عناصر من البحرية الملكية من قصر ويستمنستر حيث كان مسجى منذ خمسة أيام. وحمل النعش الملفوف بالراية الملكية والذي يعلوه تاج الإمبراطورية ثمانية عناصر من الحرس الملكي ووضع على عربة مدفع في مسيرة إلى كاتدرائية ويسمتنستر.

ووصل النعش في مسيرة ومشى وراءه نجلها الملك تشارلز البالغ 73 عاماً وأبناء الملكة الآخرون آن واندرو وإدوارد ووريث العرش وليام الذي بات أمير ويلز والأمير هاري باللباس المدني نظراً إلى انسحابه من نشاطات العائلة الملكية في 2020. وانضمت إليهم داخل الكاتدرائية قرينة الملك كاميلا وزوجة وليام أميرة ويلز كايت وميغان زوجة الأمر هاري. وقد مشى الأمير جورج (تسع سنوات) والأميرة شارلوت (سبع سنوات) طفلا الأمير وليام وراء نعش الملكة لدى دخوله الكاتدرائية.

وانتهت المراسم بدقيقتي صمت في كل أرجاء البلاد ومن ثم النشيد الوطني الجديد «غود سايف ذي كينغ» (ليحفظ الرب الملك).

«كنت هناك»

بعد حداد وطني امتد 10 أيام تخللته مراسم تكريم وطقوس تعود لمئات السنين، شارك ألفا مدعو في المراسم الدينية من بينهم الرئيس الأميركي جو بايدن وإمبراطور اليابان ناروهيتو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

لم يسبق للندن أن جمعت هذا العدد الكبير من المسؤولين الأجانب منذ فترة طويلة. وحضر أيضا ممثلون عن عائلات ملكية أوروبية من بينهم ملك بلجيكا فيليبي وملك إسبانيا فيليبي السادس وأمير موناكو ألبير.

في كاتدرائية ويستمنستر تزوجت إليزابيث عندما كانت لا تزال أميرة في سن الحادية والعشرين في نوفمبر 1947 فيليب ماونتباتن قبل أن تتوج فيها في الثاني من يونيو 1953.

وقد دقت ساعة كل دقيقة 96 مرة وهو عمر الملكة عند وفاتها قبل بدء المراسم في الكاتدرائية.

ويوم أمس كان عطلة رسمية في المملكة المتحدة ويمثل أكبر تحد أمني لشرطة لندن في تاريخها. وهذه أول جنازة رسمية وطنية تشهدها العاصمة البريطانية منذ تشييع وينستون تشرشل في 1965.

في لندن امتلأت الشوارع المحيطة بالكاتدرائية بالناس من شباب ومسنين وفضوليين ومؤيدين للنظام الملكي وقد ارتدوا الأسود أو حملوا علم البلاد. وقد أمضى الكثيرون ليلتهم لا بل أياماً عدة في المكان ليضمنوا موقعاً في الصفوف الأمامية.

وقالت مارغريت ماكغي (72 عاماً) التي أتت خصوصاً من أيرلندا الشمالية «عملت بجهد طوال حياتها وتفانت من اجل بلادها. لم تستسلم حتى النهاية».

وقال جاك البالغ 14 عاماً «سأخبر أولادي عن هذه اللحظة، سأقول لهم: كنت هناك».

أما بيثاني بيردمور المحاسبة البالغة من العمر 26 عاماً بعد ليلة من دون نوم «هذا جزء من التاريخ لن يكون هناك ملكة أخرى في حياتي».

وبين الحضور أشخاص وقفوا ساعات في طوابير امتدت على كيلومترات عدة في لندن للمرور أمام نعش الملكة عندما كان مسجى.

ونقل النعش في ختام المراسم الدينية في رحلة أخيرة إلى ويندسور التي تبعد 35 كيلومتراً غرب لندن. ووضع النعش مجدداً على عربة مدفع تابعة للبحرية الملكية تعبر شوارع وسط لندن حتى حتى قوس ويلنغتون حيث سيوضع في سيارة تنقله إلى قصر ويندسور. وشارك في هذه العملية اكثر من ستة آلاف عسكري.

وتراجعت صحة الملكة في الأشهر الأخيرة وراحت تعاني من مشاكل في التنقل وتوفيت في الثامن من سبتمبر في قصر بالمورال الملكي في اسكتلندا. وقبل يومين على ذلك، ظهرت مستقبلة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس التي ظهرت معها مبتسمة في آخر صورة قبل وفاتها. وكانت أكبر قادة العالم سناً. خلال حياتها عرفت الحرب العالمية الثانية وشهدت انهيار الإمبراطورية البريطانية.

وكانت عند وفاتها ملكة على المملكة المتحدة ورئيسة للبلاد في 14 دولة أخرى من بينها أستراليا وكندا ونيوزيلندا. ولم يخف بعض من هذه الدول رغبته بتغيير طبيعة علاقته مع النظام الملكي. خلال حياتها شكل مجموع رحلاتها الخارجية ما يوازي 42 جولة حول العالم.

ووريت الثرى مساء في مراسم عائلية في ضريح جورج الخامس المحاذي لكنيسة قصر ويندسور حيث عاشت في السنوات الأخيرة. وسترقد إلى جانب والديها وشقيقتها ماغريت وزوجها فيليب الذي توفي في أبريل 2021. وقد دام زواجهما 73 عاماً.

بعد زيارات منهكة استمرت 12 يوماً في الأقاليم الأربعة التي تتشكل منها المملكة المتحدة، وتخللها الاختلاط بالجموع، يضاف إليها الحزن الناجم عن فقدان والدته، يبدأ تشارلز الثالث البالغ 73 عاماً عهده فعلاً.

وكان البعض يحلم بعملية انتقالية سريعة مع أمير ويلز الجديد نجله وليام البالغ 40 عاماً. لكن تشارلز الثالث وعد على غرار والدته، بخدمة أبناء المملكة المتحدة طوال حياته.

وأضفت خطواته الأولى التي اتسمت بالسعي إلى المحافظة على وحدة الصف وقبول الجميع، الطمأنينة مع وجود كاميلا الهادئ إلى جانبه.

وارتفعت شعبيته بشكل كبير وباتت عند مستوى 70 في المئة على ما أظهر استطلاع جديد للرأي أعده معهد «يوغوف» فيما حصل وليام على 80 في المئة.

إلا أن التحديات الكثيرة لا تزال في بداياتها.

وعادنت الحياة إلى طبيعتها في المملكة المتحدة أمس، ويتوقع أن تحتل أزمة غلاء المعيشة والإضرابات صدارة الصحف.

عهد الملكة إليزابيث بالأرقام

فيما يلي ملخص لحياة الملكة البريطانية إليزابيث في أرقام:

• 40 هو رقم الملكة إليزابيث الثانية بين ملوك إنكلترا منذ اعتلاء الملك النورماندي وليام الفاتح العرش.

• 70 عاماً و7 أشهر ويومين مدة حكمها وهي الأطول في تاريخ ما أصبح يُعرف بالمملكة المتحدة.

•117 دولة زارتها خلال حياتها.

• مليون و661668 كيلومتراً هي المسافة التي قطعتها خلال سفرها.

• 4000 قانون وافقت عليه رفعه إليها البرلمانات المتعاقبة.

• 15 رئيسا للوزراء قامت بتعيينهم بدءاً من ونستون تشرشل حتى ليز تراس.

• 30 كلباً اقتنتها من فصيلتي كورجي ودورجي ينحدر معظمها من أول كلبة لها من فصيلة كورجي وكان يطلق عليها سوزان، والتي قُدمت لها عندما بلغت الثامنة عشرة من عمرها عام 1944.