إيران: قتلى في «احتجاجات مهسا»... والجامعات تنتفض
• الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل في مقتل الشابة الكردية
• بلينكن لطهران: يجب إنهاء اضطهاد النساء الممنهج
تأججت الاحتجاجات الإيرانية في عدة مدن وهزت أروقة أغلب الجامعات في طهران تنديداً بمقتل الفتاة الكردية مهسا أميني بعد احتجازها من «شرطة الآداب» بسبب مخالفتها لقواعد لبس الحجاب الإلزامي، في حين نددت الأمم المتحدة بقمع السلطات الإيرانية للمتظاهرين وسط أنباء عن سقوط 5 قتلى برصاص الأمن.
شهدت عدة مدن إيرانية تظاهرات غاضبة لليوم الرابع على التوالي، أمس، تنديداً بمقتل مهسا أميني بعد احتجازها من «شرطة الآداب» لمخالفتها قواعد لبس الحجاب الإلزامي، فيما هزت احتجاجات طلابية تخللها هتافات ضد النظام والمرشد الأعلى علي خامنئي أغلب الجامعات.وتأججت الاحتجاجات في عدة مناطق بالعاصمة طهران وكردستان ومحافظات أخرى ومدن كبرى على غرار مشهد وأصفهان وكرج ورشت غداة تقارير عن سقوط قتلى برصاص قوات مكافحة الشغب.وتجمع آلاف المتظاهرين في شارع حجاب، وسط طهران، ثم امتدت التجمعات إلى أجزاء أخرى من المدينة، خصوصاً شارع كشاورز وميدان وليعصر وساحة صادقية.
وليل الاثنين ـ الثلاثاء، شهدت مناطق كردية في مدينتي ديواندره وسنندج وسقز، مسقط رأس مهسا، إضرابات واحتجاجات واسعة، تحولت إلى أعمال عنف.ونقلت منصات معارضة عن مصادر تأكيدها أن 5 متظاهرين في ديواندره قتلوا برصاص رجال الأمن. كما تصدت قوات مكافحة الشغب لتجمع أهالي في ميدنة سنندج بالرصاص الحي.واعتقلت الشرطة عدة أشخاص وفرقت الحشود بالهراوات والغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى إصابة العشرات.وأظهرت مقاطع فيديو من مدينة رَشْت عاصمة محافظة جيلان، التي شهدت احتجاجات ليلية عمليات كر وفر بين المتظاهرين ورجال الأمن، من بينهم قوات «الباسيج»، فرار عناصر أمنية من أمام المحتجين الغاضبين.
احتجاجات الطلاب
وفي وقت حذرت أوساط إيرانية من أن حادثة مهسا كانت الشرارة التي أخرجت النار من تحت الرماد، امتدت الاحتجاجات الطلابية التي انطلقت، أمس الأول، بجامعات العاصمة إلى جامعات بعدة مدن أخرى أمس.وهتف طلاب في جامعات بينها «طهران» و«علم وصنعت» و«شهيد بهشتي» و«تبريز» و«علوم بزشكي» و«يزد» و«خوارزمي» بشعارات مناهضة لسياسات النظام. وأظهرت فيديوهات تم تداولها أمس، على مواقع التواصل احتجاجات بجامعة «علم وصنعت» هتف الطلاب المحتجون خلالها ضد عناصر قوات التعبئة الشعبية «الباسيج» الذين كانوا ينوون تعطيل تجمعهم.وخرجت مسيرة حاشدة بجامعة «بهشتي» في العاصمة تخللها اشعال طالبات النار في أوشحة الرأس، فيما أظهر فيديو تم بثه من جامعة «خوارزمي» في كرج، طلاباً يحملون لافتات ويرددون شعارات مثل: «لم تعد تخيفنا الأسلحة، على الملالي أن يرحلوا».تنديد دولي
وغداة تأكيد مصدر مطلع لـ «الجريدة» أن المرشد الإيراني أقال قائد «شرطة آداب» العاصمة وعلق أنشطتها سراً لتفادي الغضب الشعبي المتصاعد، أعربت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بالإنابة، ندى الناشف، في بيان، عن قلقها حول وفاة مهسا أميني ورد الفعل العنيف الذي جابهت به السلطات التظاهرات التي أعقبت الحادث.وقالت الناشف، في بيان، إن قوانين الحجاب الإلزامية لا تزال مصدر قلق في إيران، حيث يعاقب الظهور في الأماكن العامة دون الحجاب بالسجن.وأضافت: «على السلطات الكف عن استهداف ومضايقة واحتجاز النساء اللواتي لا يلتزمن بقواعد الحجاب»، داعية إلى إلغاء جميع القوانين واللوائح التمييزية التي تفرض الحجاب الإلزامي. ودعت الناشف في بيانها إلى وجوب «تحقيق سلطة مختصة مستقلة بشكل فوري ومحايد وفاعل في وفاة مهسا أميني المأسوية وفي الاتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة، بشكل يضمن خصوصاً حصول عائلتها على العدالة والحقيقة».رد بلينكن
في أقوى رد فعل أميركي على الحادث الذي سلط الضوء على ملف حقوق الإنسان بطهران، دعا وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، الحكومة الإيرانية لإنهاء «الاضطهاد الممنهج» ضد النساء وطالب السلطات بالسماح بحرية الاحتجاج السلمي.وكتب على «تويتر»: «كان يجب أن تكون مهسا أميني على قيد الحياة اليوم. وبدلاً من ذلك، الولايات المتحدة والشعب الإيراني حزينين عليها. ندعو الحكومة الإيرانية إلى إنهاء اضطهادها الممنهج للنساء والسماح بالاحتجاج السلمي».في السياق ذاته، نددت الأمم المتحدة، أمس، بوفاة مهسا أميني في الحجز بعد أن اعتقلتها «شرطة الأخلاق» الإيرانية وطالبت بإجراء تحقيق مستقل. كما أعربت الأمم المتحدة عن «قلقها» حيال «القمع العنيف» للمتظاهرين الداعمين لمهسا أميني في إيران.وكانت أميني المتحدرة من محافظة كردستان، أوقفت في 13 سبتمبر الجاري، خلال زيارة لأقاربها في طهران من قبل ما يعرف بـ «شرطة الأخلاق» بحجة ارتداء «ملابس غير ملائمة»، لكنها سرعان ما دخلت في غيبوبة بعد ساعات على توقيفها، لتنقل لاحقاً إلى مستشفى كسرى في طهران وتلفظ أنفاسها، الجمعة الفائت، بحسب ما أعلنت عائلتها، مما دفع العديد من ناشطي حقوق الإنسان في البلاد، والمنظمات الحقوقية إلى اعتبار وفاتها «مشبوهة»، متهمين الأمن بالتورط في مقتلها.انسداد النووي
على صعيد منفصل، وفيما يلف التشاؤم مصير المفاوضات الهادفة إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي الدولي مع إيران، قلل منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من التوقعات، بحدوث انفراج حول هذا الملف خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، قائلاً إنه لا يعتقد أن الاجتماع مع الرئيس الإيراني سيكون مثمراً.وأوضح بوريل أن الاتحاد الأوروبي كان يدفع جميع الأطراف المشاركين في المحادثات إلى قطع «الأمتار العشرة الأخيرة» من أجل إعادة إحياء الاتفاق الموقع عام والذي انسحبت منه واشنطن عام 2018، إلا أن الأمر لم يفض إلى نتيجة إيجابية بسبب الرد الإيراني الأخير. وأضاف في مقابلة مع «بوليتيكو»: «على مدى الأشهر الثلاثة الماضية كانت الخطوات تتقارب، لكنها تراجعت في الأسابيع الماضية ونحن الآن في طريق مسدود».إيران تصدر سندات ملكية بالجزر الإماراتية المتنازع عليها
في خطوة مفاجئة يتوقع أن تلقي بظلال قاتمة على مسار تحسن العلاقات المتنامي بين البلدين بالفترة الأخيرة، كشفت السلطة القضائية في إيران أنها أصدرت سندات ملكية رسمية خاصة بجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، المتنازع عليها مع الإمارات. وقال متحدث باسم السلطة القضائية إن الجزر الثلاث باتت في الدوائر العقارية الإيرانية باعتبارها أراضيَ مملوكة للدولة ضمن سندات تمليك رسمية وقانونية، بحيث يُدرج اسم إيران في الخانات المخصصة لاسم المالك لهذه الأراضي.وتتنازع إيران مع الإمارات على ملكية الجزر الثلاث، إذ تطالب أبو ظبي بإرجاعها، في حين تؤكد طهران أن ملكيتها للجزر الواقعة بمياه الخليج «غير قابلة للنقاش».وفي فبراير الماضي، أعلنت سلطات إيران افتتاح أول مطار رسمي في جزيرة طنب الكبرى بحضور قائد القوات البحرية بـ «الحرس الثوري» الأدميرال علي رضا تنكسيري، كما سيّرت أول رحلة بين طهران ومطار طنب الكبرى في خطوة قال تنكسيري إنها ستؤدي إلى تعزيز أمن الملاحة بالخليج وتنشيط حركة التجارة في المنطقة المحتلة من قبل بلاده.ورغم صغر مساحة الجزر الثلاث فإنها ذات أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة جداً للبلدين، إذ تشرف على مضيق هرمز الذي يمر عبره يومياً نحو 40 في المئة من الإنتاج العالمي من النفط، ومن يسيطر على هذه الجزر يتحكم بحركة الملاحة البحرية في الخليج.
جوزيب بوريل:لا أتوقع أي تقدم قريباً في مفاوضات النووي الإيراني