موسكو تهدد بحماية مناطق سيطرتها في أوكرانيا بالنووي
موجة خروج من روسيا ودول أوروبية مستعدة لاستقبال الفارين من «التعبئة»
فيما لا تزال ردود الفعل الغربية تتوالى إزاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنفيذ تعبئة جزئية لجنود الاحتياط للقتال في أوكرانيا، كررت موسكو تلويحها باستخدام أسلحة نووية ولاسيما مع استعداد إدارات انفصالية في أوكرانيا لإجراء استفتاءات للانضمام إلى روسيا.
بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التعبئة العامة الجزئية لأكثر من 300 ألف جندي عل خلفية حرب أوكرانيا، وتحذيره الغرب من أن موسكو «ستستخدم كل الوسائل» المتاحة لها للدفاع عن نفسها بما في ذلك السلاح النووي، قال نائب رئيس مجلس القومي والرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، أمس، إن «القوات المسلحة الروسية ستعزز حماية جميع الأراضي بشكل كبير»، مضيفا أن «روسيا أعلنت أنها يمكن أن تستخدم لتحقيق هذه الحماية قدرات التعبئة وأي أسلحة أيضاً، بما في ذلك الأسلحة النووية الاستراتيجية والأسلحة القائمة على أساس المبادئ الفيزيائية الجديدة».وأكد ميدفيديف أن الاستفتاءات التي ستنظمها السلطات، التي عينتها روسيا وتلك الانفصالية «ستنظم في 4 مناطق شرق وجنوب أوكرانيا للانضمام إلى روسيا، وهي دونيتسك ولوغانسك ومدينة خيرسون وإقليم زابوريجيا»، مشدّداً على أن «الاستفتاءات ستعقد في موعدها ولا عودة للوراء»، مضيفاً أنه «على كل المؤسسات الغربية ومواطني دول حلف شمال الأطلسي أن يفهموا أن روسيا اختارت طريقها».ومن المتوقع على نطاق واسع أن تسفر الاستفتاءات، التي من المقرر إجراؤها اعتباراً من اليوم حتى 27 سبتمبر الجاري، في الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا، عن نتائج تؤيد بأغلبية ساحقة الانضمام إلى روسيا.
ولا تسيطر موسكو بشكل كامل على أي من المناطق الأربع، التي من المتوقع أن تحاول ضمها، وإنما يسيطر الجيش الروسي على نحو 60% فقط من منطقة دونيتسك و66% من زابوريجيا. ووصفت كييف وحلفاؤها الغربيون الاستفتاءات، بأنها «صورية».ونددت تركيا بمخطط روسيا «غير الشرعي». وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية، إن «أمراً واقعاً كهذا لن يحظى باعتراف المجتمع الدولي».
اعتقالات وازدحام
وبعد ساعات من خطاب الرئيس الروسي، دعا رئيس البرلمان الروسي (الدوما) فياتشيسلاف فولودين، أمس، النواب إلى المشاركة في الحرب. وقال: «يجب على أولئك الذين يستوفون متطلبات التعبئة الجزئية تقديم المساعدة من خلال المشاركة في العملية العسكرية الخاصة، ليست هناك حماية للنواب». في المقابل،، أفادت جماعة «أو.في.دي إنفو» المستقلة للمراقبة، بأن أكثر من 1400 شخص في 38 مدينة روسية اعتقلوا في احتجاجات مناهضة للتجنيد الإلزامي الجزئي الذي بدأ أمس.ولا تزال الاحتجاجات صغيرة نسبياً، وفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، لكنها منتشرة في جميع أنحاء روسيا. وقد أطلق بعض معارضي الحرب اسم «موغيليزاتسيا»، على دعوة التعبئة، وهي تعديل لكلمة تعبئة وكلمة «موجيلا»، وهي قبر، وتعني الكلمة الجديدة «التعبئة إلى القبور».حركة الاعتقالات قابلها، حركة مرور خانقة لليوم الثاني على التوالي على المعابر الحدودية مع فنلندا وجورجيا، فيما قفزت أسعار تذاكر رحلات الطيران المغادرة من موسكو لأكثر من 5 آلاف دولار، مع نفاد تذاكر معظم الرحلات للأيام المقبلة. وفي سياق الإجراءات الغربية أيضاً، علّقت النرويج، أمس، اتفاقية تسهيل التأشيرات مع روسيا مؤقتاً.من جهته، علق الكرملين على أنباء عن حدوث نزوح عبر المطارات الروسية ومعابر الحدود البرية قائلا إنها تقارير «مبالغ فيها».وأوضح أن وضع «العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا لم يتغير بعد الإعلان عن التعبئة الجزئية».ملاحقون
إلى ذلك، أكدت ألمانيا أمس استعدادها لاستقبال الفارين من الجيش الروسي، حسبما أعلن وزيران. وأوضحت وزيرة الداخلية الألمانية انه منذ اشهر عدة، استقبلت المانيا 438 معارضا للكرملين مهددين او ملاحقين من السلطات الروسية، وخصوصا صحافيين. وقالت أنيتا هيبر المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، إنه يجب على الاتحاد الأوروبي ضمان حق الدخول للمواطنين الروس الذين سيطلبون اللجوء تهربا من التعبئة الجزئية المقررة في روسيا.بوتين يعطي الأوامر
ونقلت شبكة CNN عن مصدرين أميركيين، أمس، أن «بوتين يعطي توجيهاته مباشرة للجنرالات بالميدان في تكتيك غير معتاد لدى الجيوش المعاصرة».ويرى خبراء غربيون أن قرار التعبئة ليس سهلاً على القوات الروسية، وسيصل المنخرطون في الصراع حديثاً إلى أرض معركة مفتقدين للتدريب والحماس.وقالت الخبيرة في الشأن الروسي في مركز راند كوربوريشن للأبحاث، دارا ماسيكوت، «لن يتمكنوا من فعل ذلك جيداً».وأضافت على تويتر «سيجمعون أشخاصاً ويرسلونهم إلى الجبهة مع تدريب غير كافي وإدارة لا تتمتع بالكفاءة وأجهزة في حال أسوء من مثيلاتها لدى القوات العاملة».ولكن يرى مايكل كوفمان من مركز أبحاث «سنتر فور اي نيو اميركان سيكوريتي» أنه لا يجب الاستخفاف بالخطر الذي يمثله وصول قوات روسية جديدة إلى خط المواجهة على إطالة أمد الصراع الدامي.وأضاف «يمكن لذلك أن يزيد قدرة روسيا على متابعة الحرب دون أن يغير على أي حال بمسارها أو نهايتها»، معتبراً أن أوكرانيا تحافظ على تفوقها في الميدان.ويتفق الخبراء على سوء نوعية التدريب العسكري الروسي الذي يقتصر غالباً على بضعة أسابيع مع معدات قليلة.وقال الجنرال السابق مارك هيرتلينغ القائد السابق للقوات البرية للولايات المتحدة في اوروبا «المشكلة أن القوات الروسية موجّهة ومدرّبة بشكل سيئ».وأضاف «تعبئة 300 ألف من الاحتياط بعد الفشل مع قوات تقليدية منهكة وميلشيات متنوعة وتجنيد سجناء واستخدام قوات شبه عسكرية مثل مجموعة فاغنر، سيكون أمراً صعباً جداً».وكتب على تويتر «نشر مبتدئين على خط المواجهة المدمّر حيث المعنويات في أدنى مستوياتها والجنود لا يريدون البقاء ينذر بكارثة جديدة». وأكد أنه «دليل جديد على ضعف روسيا».حجج سخيفة
وبعدما أعلن البيت الأبيض، أن «دول العالم لن تقبل بحجج بوتين السخيفة لتبرير استخدام سلاح نووي للدفاع عن مناطق الانفصاليين في أوكرانيا»، محذراً من «عواقب وخيمة» إن فكر بفعل أي شيء من هذا الصعيد، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة أجرتها معه شبكة «بي إف إم تي في» التلفزيونية، أن دعوة بوتين للتعبئة كانت «خطأ» وستؤدي إلى زيادة عزلة موسكو، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «واجبنا يحتم علينا التمسك بخطنا، أي مساعدة أوكرانيا مثلما نفعل على حماية أراضيها»، بمواجهة «الابتزاز» الذي اتهم بوتين بممارسته، لكنه قال ان المطلوب في نهاية المطاق التفاوض على حل للحرب. وبعد تلويح بوتين بأسلحة الدمار الشامل، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام الجمعية العامة في مقطع فيديو مسجل، عن 5 شروط غير قابلة للتفاوض لإرساء السلام، داعياً في كلمة للجمعية العامة إلى فرض عقاب عادل ضد روسيا. كما ناشد الأمم المتحدة لحرمان موسكو من حق «الفيتو»، وتشكيل محكمة خاصة حول روسيا وصندوق للتعويضات.وبينما واجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأوكراني ووزراء خارجية دول الغرب، بما في ذلك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، في مجلس الامن وفي كلمته في الجمعية عامة للامم المتحدة، أفادت وكالة «مهر»، بأن إيران وروسيا والصين ستجري تدريبات بحرية مشتركة شمال المحيط الهندي في « هذا الخريف «. ويمتد شمال المحيط الهندي إلى الخليج ومضيق هرمز، وهو ممر مائي رئيسي لصادرات النفط إلى الأسواق العالمية.صحف الغرب... خيارات بوتين تنفذ
خصصت صحف غربية عديدة افتتاحيتها للتعليق على خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الأول، الذي أعلن فيه التعبئة الجزئية، وهدد باللجوء إلى السلاح النووي في الصراع بأوكرانيا.وول ستريت جورنال: اعتراف بالفشلوقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، في افتتاحيتها التي عنونتها بـ«تصعيد بوتين اليائس في أوكرانيا»، إن تصعيد الزعيم الروسي الأخير لم يكن استعراضا للقوة، وإن إعلانه «التعبئة الجزئية» اعتراف بفشل حملة الكرملين العسكرية في أوكرانيا، وكذلك اعتراف بأن القوات الروسية الحالية منهكة وغير كافية.ورأت الصحيفة أن خطوة بوتين قد تفلح في تهدئة منتقديه المتشددين بروسيا مؤقتا، لكنها لن تفلح في ردع أوكرانيا، ولا ينبغي أن تردع الغرب عن تسريع مساعداته العسكرية للقوات الأوكرانية. واشنطن بوست: تغيير في التكتيكاتورأت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في افتتاحيتها التي نشرتها بعنوان «بوتين يصاب باليأس وعلى أوكرانيا والغرب الاستمرار في الضغط عليه»؛ أن بوتين ما فتئ يؤكد أن «عمليته العسكرية الخاصة» في أوكرانيا تسير وفق ما خطط له، لكن الحقائق على الأرض تقول خلاف ذلك منذ شهور، لذلك فقد اضطر إلى تغيير تكتيكاته العسكرية من دون الاعتراف بذلك.وأشارت إلى أن بوتين يمهد الطريق لضم المناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا، ما يسمح باعتبارها أراضي روسية ذات سيادة يجب على موسكو الدفاع عنها. إندبندنت: الخيارات تنفذوأفادت صحيفة «إندبندنت» البريطانية بأن الرئيس الروسي أراد من خلال خطابه إخبار الشعب الروسي أنه يخسر الحرب من دون أن يضطر إلى التصريح بذلك.وأضافت أن الوقت الآن يطارد بوتين، الذي بدأت خياراته تنفد، ويبدو أكثر يأسا بسبب ذلك، مضيفة ان إطلاق التهديدات بتدمير الحياة على الأرض من خلال إشعال حرب نووية أحد الخيارات القليلة التي ما زالت متاحة للرئيس الروسي.وأبرزت أن بوتين وضع نفسه في مأزق فإذا أقدم على تنفيذ تهديده النووي، فإن ذلك سيقابل برد أميركا التي توعدت بتدمير جيشه، وربما تدميره هو شخصيا، أما إذا فشل في تنفيذه فإن الشعب الروسي سيدرك أن بلاده أقحمت في صراع دموي مذل. تلغراف: هجوم الربيعأما صحيفة تلغراف، التي عنونت افتتاحيتها بـ«لا بد من مقاومة الابتزاز النووي»، فقالت إنه لا أحد يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي وبوتين يهدد بإقامة القيامة في كل العالم.وأشارت إلى أن بوتين يخطط لحرب طويلة، وقد يقوم بهجوم مضاد في فصل الربيع، إذ إن جنود الاحتياط لن يكونوا جاهزين للقتال قبل مضي أشهر.
خبراء يقللون من تأثير قرار «التعبئة»: يطيل أمد الحرب دون تغيير النتيجة