الحراك السعودي في لبنان يحمي «الطائف» دولياً: المشكلة ليست بالنظام
فعّلت الدبلوماسية السعودية حركتها على الساحة اللبنانية، إذ يقود السفير السعودي في لبنان وليد البخاري حركة سياسية متعددة الاتجاهات لكنها تصب في سياق استراتيجي واحد. فينشط البخاري على أكثر من خطّ، بينها «مبادرة جسور» التي يتخللها لقاءات مع مجموعات لبنانية وناشطين سياسيين وحزبيين ومناطقيين في إطار تفعيل الحركية السياسية للشباب اللبناني. ويتخلل هذا النشاط طرح عناوين سياسية تركز على مستقبل لبنان وكيفية خروجه من أزمته.كذلك، كثّف البخاري من لقاء مسؤولين وزعامات سياسية تحضيراً للاستحقاق الرئاسي، في حين تبدي المملكة اهتماماً مركزياً بالوضع على الساحة السنية وهذا يتأكد من خلال لقاء للنواب السنّة في دار الفتوى يوم السبت المقبل، يليه لقاء مع البخاري في دارته.بحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن السعودية تعود للعب دورها الأساسي والإستراتيجي في لبنان على قاعدة خروجه من الأزمة، لكن بشرط أن يساعد اللبنانيون أنفسهم، وأن يلتقوا على مبدأ موحد في خوض الانتخابات الرئاسية التي لا بد لها أن تنتج رئيساً قادراً على استعادة الثقة الدولية والإقليمية وثقة اللبنانيين، ويتمكن من وضع برنامج إصلاحي سياسياً وإقتصادياً.وتقول المصادر أن الرياض تشدد على ضرورة التنسيق بين حلفائها للاتفاق على مرشح رئاسي، وكذلك ضرورة منع حزب الله من إيصال أحد حلفائه.على إيقاع هذا التحرّك، أطلق السفير السعودي سلسلة مواقف ركّز فيها على اتفاق الطائف والحفاظ عليه، وهي نقطة نجحت السعودية في فرضها بالبيان السعودي ـ الأميركي - الفرنسي المشترك، وهذا بحدّ ذاته ردّ عملي على كل الكلام عن الإطاحة باتفاق الطائف أو الذهاب إلى تغييره أو تعديله أو البحث عن تغيير النظام ووضع عقد اجتماعي جديد يقوم على المثالثة بدلاً من المناصفة.
ونجحت السعودية في فرض هذا المضمون على البيان مع باريس وواشنطن ليشكل سقفاً لا يمكن لأحد تجاوزه، على قاعدة أن المشكلة بتطبيق النظام وليس في النظام نفسه. وبحسب ما تكشف مصادر دبلوماسية، فإن اللقاء الذي جمع ممثلين عن السعودية وفرنسا وأميركا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك تخلله بحث في إنجاز الإستحقاقات اللبنانية بمواعيدها. وهنا تمكنت السعودية من تثبيت معادلة إنتخاب رئيس قادر على التعامل مع الجهات الإقليمية والدولية، وهذا معيار جديد حول شخصية الرئيس المفترض كي لا يكون محسوباً على محور دون الآخر وألا يكون معزولاً عن العالم.والأهم من ذلك أيضاً هو ما تضمنه البيان حول وجوب الالتزام بالقرارات الدولية وخاصة القرار 1559 و1680 اللذين كانت هناك محاولة لبنانية لشطبهما من الأمم المتحدة في الفترة الأخيرة، وهذا مؤشر على استقطاب السعوديين الأميركيين والفرنسيين إلى موقفهم الثابت، والذي لا بد من انتظار كيفية ترجمته على أرض الواقع مع بداية الشهر المقبل إذ يفترض أن تتبلور الحركة السعودية أكثر.