بعد الانتكاسات التي تعرّض لها الجيش الروسي خصوصاً في خاركيف شمال شرق أوكرانيا، وعقب إعلان التعبئة الجزئية، قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس، إنه جرى استبدال نائب وزير الدفاع الجنرال دميتري بولغاكوف المسؤول عن اللوجستيات في الجيش، وحل محله الجنرال ميخايل ميزينتسيف «60 عاماً»، الذي كان حتى ذلك الحين يترأس مركز مراقبة الدفاع الوطني.شغل ميزينتسيف عدة مناصب ضمن هيئة الأركان خلال مسيرته العسكرية الطويلة. وفُرضت عليه عقوبات غربية لدوره في حصار مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية التي احتلتها القوات الروسية في مايو.
وتُشكّل التعبئة تحدياً تنظيمياً كبيراً يتطلب استدعاء جنود الاحتياط لتجهيزهم وإرسالهم إلى مراكز تدريب ثم إلى الجبهة.غير أن الغزو الروسي لأوكرانيا سلّط الضوء على صعوبات لوجستية كثيرة لدى الجانب الروسي، حيث أشار المحللون إلى أوجه القصور هذه كأحد الأسباب خلف الصعوبات التي واجهتها القوات الروسية منذ بداية الغزو.وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن الرئيس أصبح أكثر انخراطاً في استراتيجية الحرب، ورفض طلبات قادته الميدانيين الانسحاب من مدينة خيرسون الحيوية جنوباً، مما أحبط الروح المعنوية لدى القوات الروسية التي انقطعت في الغالب عن خطوط إمدادها، وأصبحت تعتقد أنه يمكن تركها عالقة في مواجهة القوات الأوكرانية.وبالإضافة إلى منع الانسحاب من خيرسون، أثار بوتين شكوكاً بشأن الجهود الروسية لتعزيز موقفها في الشمال الشرقي قرب نهر أوسكيل، وهو ما وصل إليه الهجوم الأوكراني المضاد هذا الشهر. وحتى في الوقت الذي يطالب فيه بوتين باستراتيجية عدم الانسحاب، قال المسؤولون الأميركيون، إن الضباط الروس أنفسهم منقسمون حول كيفية الرد على الهجمات المضادة الأوكرانية. وبينما يعتقد بعض الضباط أنه ينبغي عليهم التراجع بشدة عن توجيهات بوتين قبل أن يخترق الأوكرانيون خطوطهم الحالية، يرى آخرون أن بإمكانهم الالتزام بتوجيهات بوتين.وفي الوقت نفسه، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس تعديلات تنص على عقوبة السجن حتى عشرة أعوام بحق العسكريين الذين يفرون أو يرفضون القتال في فترة التعبئة، الأمر الساري حالياً.وأفاد الكرملين بأن بوتين وقع أيضاً قانوناً يسهل منح الجنسية الروسية للأجانب الذين يقاتلون في صفوف الجيش فترة لا تقل عن عام، في وقت تسعى موسكو بكل السبل إلى تجنيد مزيد من العناصر للقتال في أوكرانيا.وأمس، ذكر نشطاء حقوقيون أنه تم اعتقال عدة أشخاص في روسيا، خلال احتجاجات جديدة، رداً على تعبئة جنود الاحتياط للقتال في أوكرانيا.
تأشيرات أوروبية
وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، أمس، إن أوروبا يجب أن تفتح أبوابها أمام الروس الهاربين من التعبئة مطالباً الدول الأوروبية بإظهار «انفتاح لهؤلاء الذين لا يريدون للكرملين أن يستغلّهم» بحسب ما أورده موقع بوليتكو وودعا إلى منحهم تأشيرة إنسانية.سريعاً جاء ردّ أوروبي من ليتوانيا، حيث قال وزير الخارجية، إن بلاده لن تمنح اللجوء للروس الهاربين من التعبئة. وفي تغريدة عبر حسابه في تويتر، قال غابرييليوس لانسبرييس «على الروس البقاء (في بلادهم) ومحاربة بوتين».ومنذ إعلان التعبئة تتواصل الأنباء عن استمرار خروج آلاف الروس من البلاد، هرباً من المشاركة في الحرب. وتضاعف عدد الأشخاص الذين عبروا الحدود الروسية-الفنلندية، مقارنة بالأيام والأسابيع الماضية، بحسب سلطات هلسكني. وفي جورجيا أشارت السلطات الأمنية إلى عبور كثيف للأشخاص والآليات من روسيا إلى جورجيا أمس الأول. وتظهر خدمة الخرائط في محرك البحث الروسي «ياندكس» طوابير من السيارات امتدت لمسافة 10 كيلومترات على معبر حدودي بين البلدين.«النووي» والاستفتاء
وبينما كشفت مصادر أميركية أن الولايات المتحدة تواصلت «سراً وبشكل خاص» مع موسكو وحذّرت القيادة الروسية من العواقب الوخيمة التي ستتبع استخدامها سلاحاً نووياً، دخل التصويت يومه الثاني في 4 أقاليم أوكرانية تحتلها روسيا في استفتاءات تمت الدعوة إليها سريعاً بشأن انضمام تلك الأقاليم لروسيا. ونشرت وسائل الإعلام الروسية الرسمية صوراً تظهر المزيد من المواطنين عند مراكز الاقتراع أمس. ويجري التصويت غير المعترف به دولياً ولم تجزه السلطات الأوكرانية، في المنطقتين الشرقيتين للوغانسك ودونيتسك وكذلك في زابوريجيا وخيرسون في الجنوب.وذكرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن «جماعات مسلحة» تجبر الأوكرانيين على المشاركة في الاستفتاءات. وتعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بفرض أعباء اقتصادية إضافية فورية وشديدة على روسيا في حال ضمها أراض جديدة.معركة السدود
على صعيد ميداني، حقق الجيش الأوكراني مكاسب قرب مناطق الاستفتاء شرقاً وجنوباً، كما حقق تقدماً ملحوظاً في محور ليمان شمال دونيتسك للمرة الأولى منذ مايو الماضي، بعد سيطرة الجيش الروسي على المنطقة. من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، أمس، أن روسيا قصفت سد بشينهي على نهر سيفيرسكي دونتس في شمال شرقي أوكرانيا مستخدمة صواريخ باليستية قصيرة المدى أو أسلحة مماثلة في أعقاب هجوم سابق استهدف سد كاراشونيفسكي على نهر كريفي ريه في وسط أوكرانيا، مضيفة أن القوات الأوكرانية تتقدم في اتجاه مصب النهرين.وقالت الوزارة، إن القادة الروس ربما كانوا يحاولون قصف بوابات السد لإغراق نقاط عبور عسكرية أوكرانية.تسميم العلاقات
وبعد يوم من إعلان كييف أنها ستخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران بسبب قرار طهران تزويد القوات الروسية بطائرات مسيرة، في خطوة وصفها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنها «تعاون مع قوى الشر»، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أمس، إن طهران سترد بالشكل المناسب.