في وقت حافظت التظاهرات في إيران على زخمها نسبياً حتى أنها بدت مختلفة عن سابقاتها، لجأت السلطات الإيرانية إلى الأسلحة الثقيلة لإجهاض حركة الاحتجاج الواسعة المستمرة منذ أكثر من أسبوعين؛ التي اندلعت إثر مقتل الشابة الكردية مهسا أميني، بعد توقيفها من الشرطة بسبب «مخالفتها قواعد الحجاب». ورأى مراقبون ومحللون أن الاحتجاجات هذه المرة مختلفة عن تلك السابقة، التي كان تندلع لأسباب اقتصادية أو سياسية، إذ إنها المرة الأولى التي يتحرك فيها الشباب الإيرانيون بهذه الوتيرة، من أجل المطالبة بالحريات الاجتماعية التي يتعطشون إليها.
وقالت وسائل إعلام أميركية إن الشباب الإيرانيين باتوا أجرأ في تحدي النظام، وقد شاركت آلاف الإيرانيات في الاحتجاجات. وعلمت «الجريدة»، من مصدر مطلع، أن الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي، ترأس مساء يوم الجمعة الماضي، اجتماعاً لمجلس الأمن القومي الأعلى، عقب عودته من نيويورك، أعلن خلاله جملة قرارات متشددة لإجهاض الانتفاضة، قال إنه قام بتنسيقها مع المرشد الأعلى علي خامنئي، وهي ليست قابلة للبحث. وبحسب المصدر، أمر رئيسي بالسماح للقوات الأمنية استخدام القوة لـ «إخماد الفتنة»، وتم إعطاء الضوء الأخضر للحرس الثوري وأجهزة الأمن بإطلاق النار على أي محتج يهاجمها.
وذكر أن رئيسي منح أجهزة الأمن كذلك تفويضاً باعتقال جميع الشخصيات التي تحرض على التظاهر، من صحافيين وإعلاميين ورياضيين وممثلين وشخصيات جامعية أو سياسية أو اجتماعية أو ثقافية، وطلب إبلاغ مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الايراني بضرورة عدم إجراء أي نقاش حول أسباب الانتفاضة. ولفت إلى أن رئيسي أمر كذلك بفرض رقابة إضافية على جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ورصد أي شخص يعبر عن رأي أو موقف داعم للاحتجاجات، لمحاسبته وملاحقته، كما وجه بتهديد الطلبة بطردهم من الجامعات الحكومية، في حال تم ضبطهم في أي تجمع معارض، وأيضاً طرد فوري لأي موظف حكومي يشارك هو أو أحد أفراد عائلته في أي احتجاج. كما أمر بنقل جميع الموقوفين إلى مقر تابع للحرس الثوري في جنوب شرق طهران معروف بثكنة «قصر فيروزه»، على أن يتم تعيين عدد من القضاة الميدانيين في تلك الثكنة ليتم التحقيق مع الموقوفين ومحاكمتهم فوراً.ووجه الرئيس الإيراني كذلك إلى الطلب من السفارات الإيرانية خارج البلاد برصد كل الإيرانيين الذين يشاركون في أي تظاهرات في الخارج لتوقيفهم في حال عودتهم إلى البلاد.