أشاد كثير من السياسيين بموقف الحكومة، الذي عبرت بموجبه أنها لن تصوّت لاختيار رئيس المجلس ولا أعضاء لجانه في المجلس القادم، وستترك ذلك لاختيار الأعضاء، ووصف ذلك القرار بأنه توجه إصلاحي، إلا أنني أرى من الأفضل قبل أن نحكم إن كان توجه الحكومة هذا إصلاحيا أم لا، أن علينا أن نعرف قبل كل شيء، لماذا أعطى المشرع الدستوري الحكومة هذا الحق؟ هل هو مجرد مجاملة للحكومة أم أن مصلحة الدولة كانت تتطلب ذلك؟ من المؤكد أن الآباء الذين صاغوا مواد الدستور، قد فكروا وناقشوا مطولاً كل مادة من مواد الدستور قبل إقرارها، ولا شك أن المشرع في إعطاء الحكومة ذلك، أراد أن يخلق نوعا من التوازن داخل الدولة، فراعى حقوق الحاكم والشعب، وأعطى كل ذي حق حقه لكي لا يطغى أحدهما على الآخر، فأعطى للحاكم صلاحيات واختصاصات واسعة تمكنه من تشكيل حكومة قوية حازمة، يستطيع من خلالها الحفاظ على أمن الدولة وعدم وقوعها في الفوضى والتشرذم، وإبعادها عن أخطار الحروب المحيطة بها، ولتتمكن تلك الحكومة أيضا من تنفيذ خطط التنمية المدروسة من قبل الخبراء والتي تهدف إلى النهوض بالدولة ومعالجة مشاكلها.
كما أعطى المشرع حقوقا واسعة للمواطنين وحملهم مسؤوليات واسعة للنهوض بمجتمعهم، وطالبهم باختيار ممثليهم في المجلس النيابي لمراقبة أعمال السلطة التنفيذية ومحاسبتها على أخطائها ومشاركتها في اتخاذ القرارات التي تهم الوطن والمواطن. لعلنا من هذا كله نستنتج أن الحكومات السابقة من زمن صاحب السمو الأمير عبدالله السالم إلى عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد كانت على حق لما شاركت في اختيار رئيس المجلس واختيار أعضاء لجانه، لأن الدستور أعطاها هذا الحق الذي تتطلبه مصلحة الدولة فلا غرابة في ذلك، ولأن من الواجب على رئيس الدولة أن يختار الرئيس والأعضاء الذين يرى أنهم سيتعاونون معه ويعينونه على تحقيق خطط التنمية وتصوراته المستقبلية، ولأن هناك أعضاء مع الأسف لا يبالون بخطط التمية، ولا مستقبل الأجيال القادمة، واهتمامهم ينصب في تحقيق مطالب ناخيبهم الذين يلتقون معهم في دواوينهم. ونخشى أن تكون معظم تلك المطالب شعبوية، وتنفيذها خطر على أمن الكويت الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وهناك من يرفع الصوت عاليا في الندوات شاتما ومحرضا ضد الحكومة وضد من يعارض آراءه ومطالبه، فأرجو من الله أن يحمي الكويت من كل شر.
مقالات
حكومة التيه الكويتية
28-09-2022