أكد المشاركون في جلسة ضمن فعاليات اليوم الأول من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2022، أهمية الارتقاء بالإنتاج الدرامي العربي، ليسهم بدوره في بناء الوعي وحماية الهوية، وتعزيز قيم المجتمعات واستعادة الصفحات المضيئة من التاريخ العربي في السرد المرئي على مستوى التلفزيون والسينما.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «الدراما ما بين البناء الفكري واللغوي» أقيمت في الدورة الـ11 التي حملت شعار «تحديات وحلول»، وشارك فيها: محمد خلف المدير العام لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، والفنان المصري د. أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، والفنانة أسمهان توفيق، والمخرج والمؤلف بيتر ميمي، وأدارتها الإعلامية والكاتبة لانا الجندي.

Ad

استُهلت الجلسة بعرض مشاهد من فيلم «خورفكان»، المستوحى من كتاب «مقاومة خورفكان للغزو البرتغالي سبتمبر 1507»، للشيخ د. سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وبدأ محمد خلف حديثه في الجلسة، متخذاً من فيلم «خورفكان» مثالاً ونموذجاً للدراما التي تجمع بين التشويق، ونقل رسالة هادفة للجمهور تكشف لهم صفحات من تاريخ وكفاح أجدادهم.

وتحدَّث المدير العام لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون حول دور المؤسسات الإعلامية الرسمية التي أسهمت في بلورة ملامح الدراما العربية، وقدمت في العقود السابقة أفضل الأعمال الاجتماعية والمسلسلات التاريخية التي شكّلت وعي الجمهور، وظل يحتفظ في ذاكرته بتلك الأعمال الجميلة حتى اليوم، واعتبر ذلك دلالة على أن الإنتاج التلفزيوني الرسمي نجح وسينجح في إنتاج دراما تجمع بين التشويق والقيمة الفكرية والفنية.

وأكد الحاجة إلى العودة لإنتاج مسلسلات تتناول الفترات التاريخية المضيئة والملهمة، لتتعرف الأجيال الجديدة من خلالها على ما يعزز وعيها ويحمي هويتها، ويجعلها تفخر بثقافتها المحلية، مشيراً إلى أن الترفيه ليس غاية الدراما، وأن التشويق في الأحداث يدفع الجمهور إلى متابعة الأعمال الدرامية.

وأوضح الفنان أشرف زكي أن للدراما دورا كبيرا في تشكيل وجدان الشعوب، وأن أعمالاً درامية وسينمائية في مصر كانت سبباً في تعديل بعض القوانين، من خلال ما تناولته من قضايا استطاعت أن تنقل عبرها نبض المجتمع.

وأضاف: «إن تأثير الدراما على الجمهور يفوق تأثير المقالات المطبوعة ونشرات الأخبار، وتطرق إلى تجربة الدراما المصرية في إنتاج الأعمال التاريخية»، وكشف عن استعدادات جارية في مصر لإنتاج مجموعة من أعمال الدراما التاريخية التي تستعيد من خلالها الدراما المصرية تجربتها في تقديم ما يرتقي بوعي الجمهور وما يضيف إلى المكتبة التلفزيونية العربية المزيد من الأعمال العظيمة.

بدورها، تحدثت الفنانة أسمهان توفيق حول قدرة الدراما العربية على حماية الهوية والقيم، من خلال الاحتفاظ بمسافة تحميها من الاستسلام لشروط السوق الاستهلاكية ومن تلبية طلبات المنصات التي لا تهتم بمراعاة ثقافة المجتمعات العربية.

وأشارت إلى أن وجود أعمال درامية دخيلة تستقطب المشاهدين العرب تتطلب من جهات الإنتاج الدرامي العربي العمل على إنتاج أعمال ومسلسلات تحمي مضامينها هوية الشباب، وترتقي بالذائقة العربية، مع أهمية التفكير في مخاطبة واستقطاب المشاهدين من الثقافات الأخرى بأعمال ترتكز على الثقافة العربية المحلية وتوظيف التقنيات الحديثة في الإنتاج لجذب المتلقي.

أما المخرج المصري بيتر ميمي، فانطلق في حديثه من حقيقة أن صناعة الدراما والسينما عندما بدأت اعتمدت على عنصر الترفيه في المقام الأول لإمتاع الجمهور. وتحدث عن تجربته في إخراج مسلسل «الاختيار»، الذي حظي بمشاهدات عالية على المستوى العربي.

وقال: «لابد من وجود الجانب الترفيهي في العمل الدرامي، وإذا أردنا مخاطبة جمهورنا أو الجمهور في الثقافات الأخرى، فيجب وضع اعتبار للمعايير الفنية والتقنية التي باتت تعتمدها المنصات العالمية»، لافتاً إلى أن المنتج العربي أصبح مطالباً بتلبيتها، بعد أن انفتح الجمهور المحلي واعتاد على مشاهدة مسلسلات وأفلام تستخدم تقنيات إنتاج وتصوير احترافية لا يقبل الجمهور في كل مكان بأقل من مستواها.

الأزمات الاقتصادية ومناهج الإعلام

قال المشاركون في جلسة «الأزمات الاقتصادية... بين الاحتواء الإيجابي والتكيف السلبي»، ضمن فعاليات المنتدى، إن حكومات العالم تتعامل مع الأزمات الاقتصادية الأخيرة بسياسات خاطئة، وإن هذا النوع من التعامل قد يتسبب في دخول العالم بحالة ركود قوية.

وجمعت الجلسة: مالكوم ستيفنسون فوربس الرئيس التنفيذي لشركة Forbes Media، ويونس حاجي الخوري وكيل وزارة المالية في الإمارات، ود. إيهاب أبوعيش نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة في مصر، ود. شاشي ثارور الدبلوماسي الدولي السابق الكاتب والمفكر العام.

وأثنى المشاركون في الجلسة على التعامل الحكيم للإمارات مع الأزمات، لاسيما جائحة «كوفيد-19»، وتبعات أزمة ارتفاع أسعار السلع، مشيرين إلى أن التخطيط السليم والمبكر للأزمات بالدولة أثبت نجاحاً في التعامل مع التحديات في مهدها، وأسهم في استثمار الفرص الناشئة عن الأزمات.

وفي جلسة أخرى، قال أكاديميون وإعلاميون إن مناهج الصحافة والإعلام الأكاديمية في الإمارات تتسم بالقوة والجودة العالية، إلا أن هناك فجوة في مواكبتها بالشكل المناسب لمتغيرات ومستجدات سوق العمل، وترتبط هذه الفجوة بالجانب التدريبي والتأهيلي للطلبة والخريجين وإعدادهم.

جاء ذلك خلال جلسة «مناهج الإعلام: الواقع النظري وسوق العمل»، واستضافت الجلسة: د. حسين أمين أستاذ الصحافة والإعلام ومدير مركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية والرقمية بالجامعة الأميركية في القاهرة، وعلي السعد نائب المدير العام في وكالة أنباء الإمارات بالإنابة، وخديجة المرزوقي رئيس تحرير «دبي بوست».