في واحدة أخرى من سلسلة الصفعات الجديدة للغزو المتخبط الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أكثر من 7 أشهر، أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أن قوات الهجوم الجوي الأوكرانية دخلت، أمس، بلدة ليمان الاستراتيجية التي ظلت معقلاً للقوات الروسية فترة طويلة، وهي تقاطع مهم للسكك الحديد في شرق البلاد.من ناحيتها، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها انسحبت من ليمان، وهي معقل شديد الأهمية لموسكو التي تستخدمها كمركز لوجستي ونقل لعملياتها في شمال دونيتسك.
وستمثل السيطرة على هذه البلدة الواقعة في منطقة دونيتسك التي ضمتها روسيا أمس الأول، نكسة جديدة كبيرة لخطتها للسيطرة على كامل منطقة دونباس الصناعية.وقال المتحدث باسم قوات شرق أوكرانيا سيرغي تشيريفاتي: «ليمان مهمة لأنها الخطوة التالية نحو تحرير دونباس. إنها فرصة للذهاب لما أبعد من كريمينا وسيفيرودونيتسك. ونفسيا، إنها بلدة مهمة جداً».وقبل ذلك، أفاد تشيريفاتي بأن الجيش يحاصر «نحو 5500» من الجنود الروس في هذه البلدة الواقعة بمنطقة دونيتسك، التي ضمتها روسيا أمس الأول، وهي معقل شديد الأهمية لموسكو.
وكان دينيس بوشيلين، المسؤول الانفصالي الكبير الموالي لروسيا، اعترف أمس الأول، بأن الجنود الروس في ليمان «يقاتلون وهم بحالة إنهاك وبأن الوضع هناك صعب».وفي أول رد فعل على سقوط ليمان، أعلن الرئيس الشيشاني، رمضان قديروف، أن «على روسيا استخدام أسلحة نووية تكتيكية» .
روسيا معزولة
وإضافة إلى إعلان أوكرانيا أن جيشها يطوق آلاف الجنود الروس في ليمان، وجدت روسيا نفسها معزولة ومعرضة لضغوط جديدة أمس، غداة ضمها رسمياً 4 مناطق أوكرانية، ما أثار وابلاً من الإدانات الدولية، ورفضاً من كييف المصممة على استعادة أراضيها.ورفض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) ودول أخرى مثل تركيا ضم هذه الأراضي الجديدة، وأعلنت كييف أنها ستلجأ إلى محكمة العدل الدولية.وفي تحذير شديد اللهجة أعلنت الولايات المتحدة أيضا أنها ستفرض عقوبات بالتوافق مع دول مجموعة السبع، على «أي بلد أو فرد أو كيان يدعم محاولات روسيا للاستيلاء بشكل غير قانوني على أراض أوكرانية».وأنجز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراسم الضم مساء أمس الأول، أمام عدة آلاف تجمعوا لحضور حفل موسيقي احتفالي في الساحة الحمراء بموسكو. وقال: «النصر سيكون لنا»، بينما يواجه جيشه صعوبات في أوكرانيا في الوقت نفسه.وقبيل ذلك في الكرملين، وقع بوتين على وثائق ضم المناطق الأربع، إلى جانب قادة المنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا دونيتسك ولوغانسك (شرق)، وتلك التي احتلتها القوات الروسية في زابوريجيا وخيرسون (جنوب).وفي خطابه بالكرملين، طالب بوتين كييف في خطابه بوقف «جميع الأعمال العدائية والعودة إلى طاولة المفاوضات».ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أي مفاوضات مع موسكو طالما أن بوتين هو الرئيس، وأشاد «بالنتائج المهمة» للهجوم المضاد لقواته، معلناً أنه «سيوقع على ترشح أوكرانيا لانضمام سريع إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)».وفي كلمة ألقاها بالبيت الأبيض، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن «بدعم جهود أوكرانيا لاستعادة السيطرة على أراضيها» وقال إن بوتين «لن يرهب» الولايات المتحدة وحلفاءها.وخاطب بايدن مباشرة نظيره الروسي موجها إصبعه إلى الكاميرا ليحذره من شن هجوم على أي من دول الحلف الأطلسي.وقال: «أميركا مستعدة بالكامل، مع حلفائنا في الناتو، للدفاع عن كلّ شبر من أراضي الناتو» وأضاف تأكيداً على تحذيره «سيد بوتين، لا تسئ فهم ما أقوله، كلّ شبر».ورداً على سؤال حول احتمال استخدام روسيا أسلحة نووية، أقر مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جايك ساليفان بأن «هناك خطراً نظراً للخفة التي يتحدث بها بوتين، وتلويحه بالتهديد النووي، بأن يكون يدرس ذلك»، محذراً: «كنا في غاية الوضوح حول العواقب التي ستترتب على ذلك».لكنه أضاف: «لا نرى حالياً مؤشرات على استخدام وشيك للأسلحة النووية»، مضيفاً أن «البيت الأبيض يراقب الوضع بعناية ويواصل التشاور الوثيق مع الحلفاء».اعتقال وضربات قاتلة
من ناحية أخرى، اعتقلت روسيا إيغور موراتشوف، المدير العام لمحطة الطاقة النووية في زابوريجيا، الواقعة تحت السيطرة الروسية في جنوب أوكرانيا، كما أعلنت شركة الطاقة النووية الأوكرانية «اينرغو-اتوم» امس.وقال بيترو كوتين رئيس «اينيرغو-اتوم»، إن «دورية روسية اعتقلت موراتشوف أمس الأول، أثناء توجهه من المصنع إلى بلدة إرنوغودار» التي تسيطر عليها روسيا. وأضاف أنه تم توقيف السيارة التي تنقل مدير المصنع وإخراجه منها ونقله «معصوب العينين إلى جهة مجهولة»، مشيراً إلى أن موراتشوف «يتحمل المسؤولية الكاملة والحصرية عن الأمن النووي». بدورها، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن «السلطات الروسية أبلغتنا أن موراتشوف محتجز مؤقتاً للاستجواب».وفي منطقة لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية في قطاع زابوريجيا قتل 30 شخصاً على الأقل، وجرح 88 في غارة روسية، حسب الشرطة الأوكرانية.كما عثر على جثث 20 شخصاً بعد هجوم استهدف قافلة سيارات تقل مدنيين قرب بلدة كوبيانسك في شمال شرقي أوكرانيا، حسبما أفاد حاكم منطقة خاركيف أوليغ سينيغوبوف، أمس، وقال: «هاجم المحتلون مدنيين كانوا يحاولون الفرار من القصف. هذه قسوة لا يوجد أي مبرر لها».حماية إمدادات الطاقة
وبينما تصاعدت المخاوف بشأن أمن إمدادات الغاز بعد الاشتباه في تورط روسيا بتخريب خطي أنابيب الغاز «نورد ستريم 1 و2»، ما أدى إلى تسربات ضخمة للغاز في بحر البلطيق، كثفت دول أوروبية الدوريات العسكرية لحماية إمدادات الطاقة في بحر الشمال وقبالة الساحل الإيطالي.ورحّب رئيس وزراء النرويج غوناس غار ستور بمساعدة ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا لزيادة الأمن، حيث قامت طائرات مقاتلة من طراز F35 بالتحليق فوق منصات النفط، وتم إرسال زوارق تحمل طوربيدات وفرقاطات للقيام بدوريات قرب مواقع إنتاج الطاقة في البحر. وأصبحت الدولة الإسكندنافية أكبر مورد للغاز الطبيعي لأوروبا منذ أن خفضت روسيا الإمدادات في أعقاب غزوها لأوكرانيا. وقالت إيطاليا إن أسطولها البحري سيزيد الإجراءات لحماية خطوط أنابيب الغاز، التي تنقل الإمدادات من شمال أفريقيا إلى أوروبا، والموجودة أسفل البحر الأبيض المتوسط، محذرة من أنها تخشى أن تحاول روسيا استهداف البنية التحتية للطاقة.وصرحت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر بأن الشرطة الألمانية تقوم بدوريات في بحري الشمال والبلطيق «على مدار الساعة وبكل القوات المتاحة»، متابعة: «نأخذ التهديدات الحالية على محمل الجد ونحمي أنفسنا».وقالت الولايات المتحدة، أمس الأول، إنها تعمل عن كثب مع النرويج ودول أخرى لزيادة جهود المراقبة.