وسط استمرار الشلل السياسي بالعراق وغياب أي أفق لحل الأزمة بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري حول تعيين رئيس وزراء جديد وإمكانية إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، أحيا آلاف التشرينيين أمس في ساحتي التحرير والنسور وسط بغداد والعديد من المدن منها الناصرية، الذكرى الثالثة لانتفاضتهم الكبرى وغير المسبوقة ضد السلطة وفساد النخبة الحاكمة وسوء إدارة الخدمات العامة.ورغم منع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قوات الأمن من استخدام السبل غير قانونية في التعامل مع حراك تشرين، أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع والدخان لمنع المتظاهرين الذين اقتحموا حواجز جسر الجمهورية الحديدية وألقوها في النهر في طريقهم للمنطقة الخضراء، التي تعرضت لهجوم بالصواريخ خلال احتجاجات مماثلة على عقد جلسة البرلمان يوم الأربعاء.
وتبادل الطرفان إلقاء الحجارة والغاز والكرات الزجاجية وقنابل المولوتوف، مما أسفر عن إصابة 28 محتجاً و18 من عناصر شرطة مكافحة الشغب. في حين أفادت شبكة رووداو الكردية عن مقتل متظاهر وإصابة أربعة آخرين، بساحة التحرير.وهتف ثوار تشرين ومعظمهم من الشباب: «الشعب يريد إسقاط النظام» ورفعوا الأعلام العراقية وصور «شهداء» عام 2019، أثناء تجمعهم في ساحة التحرير الرمزية لإحياء ذكرى الاحتجاجات، التي اندلعت في أكتوبر 2019 في جميع أنحاء العراق، ولا سيما في الجنوب ذي الأغلبية الشيعية واستمرت عدة أشهر قبل أن يضعف زخمها تحت وطأة قمع تسبب في مقتل ما يقرب من 600 شخص وجرح 30 ألفا آخرين وقيود جائحة كورونا، وبعد ثلاث سنوات، لم يتغير شيء - أو لم يتغير شيء تقريباً.وخرج بعض المتظاهرين عراة الصدور وغطوا وجوههم بكوفية لحماية أنفسهم من استنشاق الغازات المسيلة للدموع، فيما حمل اخرون رفيقًا جريحًا على الاكتاف لإخلائه من الخطوط الأمامية.وقالت خلية الإعلام الأمني: «رغم الدعوات المتكررة لعدم السماح للمندسين بالدخول وسط المتظاهربن فإننا ومع شديد الأسف نلاحظ أن هناك عناصر خارجة عن القانون تواجدت واستخدمت أدوات ومواد غير قانونية أدت إلى إصابة 19ضابطاً ومنتسباً و9 مدنيين نتيجة استخدام الحجارة والكرات الزجاجية وقنابل المولوتوف»، مشيرة إلى أنها تمكنت من إلقاء القبض على متهمين من المندسين بحوزتهما كرات زجاجية وأدوات لرمي هذه الكرات على القوات الأمنية. واستبق الكاظمي ذكرى «ثورة تشرين» التي أطاحت بحكومة عادل عبدالمهدي وأوصلته للحكم، بالتأكيد على حق التظاهر السلمي والحفاظ على مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة، مطالباً الأمن بمنع استخدام الإطلاقات النارية وتقديم الحماية الكاملة للمحتجين، وداعياً وسائل الإعلام ومواقع التواصل الى «تجنب تداول الأخبار الكاذبة وخلق أجواء مقلقة تغذي إثارة الفوضى، وتسيء للسلم الأهلي».فمن جهة، يطالب الزعيم الشيعي النافذ مقتدى الصدر بحل فوري للبرلمان بينما يريد خصمه الاطار التنسيقي الشيعي وهو تحالف من الفصائل الشيعية الموالية لايران، تشكيل حكومة قبل اي انتخابات.وفي 29 أغسطس بلغ التوتر ذروته عندما قتل أكثر من 30 عراقياً خلال هجوم لميلشيات يدعمها الإطار التنسيقي الشيعي، الذي يتمسك بأحقية تشكيل حكومة قبل أي انتخابات، على معتصمي التيار الصدري، الذين يطالب زعيمهم النافذ مقتدى الصدر بحل فوري للبرلمان.وبعد عقود من النزاعات المدمرة وفي غياب الإصلاحات الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية الكبرى وتفشي الفساد، تعجز السلطات العراقية عن الحد من البطالة التي يواجهها أربعة من كل عشرة شباب. كما يعاني 42 مليون عراقي بشدة من عواقب تغير المناخ مع ازدياد الجفاف وشح المياه في بلاد ما بين النهرين.وعدا عن الأزمات المتعددة التي تهز العراق، يقف السياسيون عاجزين عن مواجهة توترات جيوسياسية لا تستطيع الدولة أن تخرج منها. ومن ثم، تقصف إيران وتركيا، الجارتان الكبيرتان، كردستان العراق لإضعاف حركات المعارضة الكردية المسلحة الإيرانية أو التركية الموجودة فيه.
دوليات
العراق: «التشرينيون» يعودون للشارع
02-10-2022