أكد المشاركون في جلسة «الأزمات الاقتصادية… بين الاحتواء الإيجابي والتكيف السلبي»، ضمن فعاليات اليوم الأول لـ «المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2022»، أن حكومات العالم تتعامل مع الأزمات الاقتصادية الأخيرة بسياسات خاطئة، وأن هذا النوع من التعامل قد يتسبب في دخول العالم في حالة ركود قوية.وجمعت الجلسة كلاً من: مالكوم ستيفنسون فوربس، الرئيس التنفيذي لشركة Forbes Media، ويونس حاجي الخوري، وكيل وزارة المالية في الحكومة الإماراتية، ود. إيهاب أبو عيش نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة في مصر، ود. شاشي ثارور الدبلوماسي الدولي السابق الكاتب والمفكر العام، وأدارها مروان الحل، مقدم البرامج في مؤسسة دبي للإعلام.
وأثنى المشاركون في الجلسة على التعامل الحكيم لدولة الإمارات مع الأزمات، لاسيما جائحة كوفيد 19، وتبعات أزمة ارتفاع أسعار السلع، مشيرين إلى أن التخطيط السليم والمبكر للأزمات في الدولة أثبت نجاحاً في التعامل مع التحديات في مهدها، وأسهم في استثمار الفرص الناشئة عن الأزمات.وقال يونس الخوري، إن العالم يعيد تكرار أزماته حتى بعد سنوات، لكن العبرة تبقى في كيفية الاستفادة من التجارب السابقة لتخطي التحدي، مشيراً إلى أن وزارة المالية الإماراتية وضعت بالتعاون مع صندوق النقد الدولي مشروع «المخاطر المالية»، الهادف إلى التعامل مع التحديات الاقتصادية الناشئة عن الأزمات المالية في مهدها وتحييد مخاطرها في وقت مبكر، وقد أثبت البرنامج نجاحاً كبيراً حتى الآن.وأضاف أنه «على الرغم من اتباع الإمارات للسياسة النقدية للدولار الأميركي، فإننا استطعنا تحصين أنفسنا من الأزمات من خلال التشريعات المتطورة، ووجود الكفاءات، وانفتاح الاقتصاد البالغ حجمه 450 مليار دولار (1.652 تريليون درهم)، وبناء الاحتياطيات النقدية الكبيرة، مما عزز مرونتنا في التعامل مع التحديات».
الدعم في الأوقات الجيدة
من جهته، قال مالكوم ستيفنسون فوربس، إن حكومات العالم لجأت لاتخاذ تدابير اقتصادية خاطئة في التعامل مع الأزمات الأخيرة، خصوصاً أزمة ارتفاع السلع الأولية وارتفاع التضخم، إذ لجأت إلى سياسات تقوم على زيادة الضرائب ورفع الفائدة وتخفيض قيمة العملة لكبح التضخم، متناسية أن هذا قد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي قوي.وأفاد فوربس، بأن الإمارات وجدت لنفسها مسلكاً مختلفاً عن التوجه العالمي، فعلى الرغم من ارتباط عملتها بالدولار الأميركي وما يعنيه ذلك من اقتفاء لأثر السياسة النقدية الأميركية حال رفع الفائدة أو خفضها، فإنها تمكنت من خلال التوجيه السليم للفوائض النقدية ودعم النظام المصرفي وتنويع أسواق التوريد من تجاوز التبعات الاقتصادية للتضخم بنسبة كبيرة وبشكل أكثر نجاحاً من العديد من الدول، حتى المتقدمة منها.من ناحيته، قال إيهاب أبو عيش، «إن الجمهور بطبعه متعطش للمعلومات حتى يستطيع أن يفهم ما الذي يحصل بالضبط»، لافتاً إلى أن بناء ثقة المواطن فيما تقوله الحكومة يحتاج إلى أفعال وليس تصريحات فقط، كما أنه بحاجة إلى رؤية جهود حقيقية تبذل على الواقع.واستهل شاشي ثارور، مشاركته بتعريف الاتصال الحكومي بأنه العملية التي تتواصل فيها الحكومات مع الجمهور والأفراد لتفسير قراراتها واستراتيجياتها وأفعالها، بهدف الحفاظ على السلم والأمان في أوقات الأزمات، وإدارتها بحكمة.من جانب آخر، أكّد أكاديميون وإعلاميون خلال جلسة «مناهج الإعلام: الواقع النظري وسوق العمل»، أنّ مناهج الصحافة والإعلام الأكاديميّة في دولة الإمارات تتّسم بالقوة والجودة العاليّة، إلّا أنّ هناك فجوة في مواكبتها بالشكل المناسب لمتغيرات ومستجدات سوق العمل، وترتبط هذه الفجوة بالجانب التدريبي والتأهيلي للطلبة والخريجين وإعدادهم، مشيرين إلى أنّ التعامل مع هذه التحديّات يكمن بالدرجة الأولى في تعزيز وترسيخ مبدأ العلاقة التشاركيّة والتعاون بين المؤسسات الأكاديميّة من جهة والمؤسسات الإعلاميّة من جهة أخرى.تعزيز المهارات
واستضافت الجلسة كلاً من د. حسين أمين أستاذ الصحافة والإعلام، ومدير مركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية والرقمية بالجامعة الأميركية في القاهرة، وعلي السعد نائب المدير العام في وكالة أنباء الإمارات بالإنابة، وخديجة المرزوقي رئيس تحرير دبي بوست، وأدارتها الإعلاميّة أميرة محمد.وقال د. حسين أمين: «هناك محاولات متواصلة وجهود مبذولة باستمرار في عالمنا العربي بشكل عام خلال العشرين عاماً الأخيرة، للموازنة بين المناهج الأكاديمية والتدريب العملي ومتطلبات سوق العمل». بدورها أكّدت خديجة المرزوقي ضرورة زيادة فترات التدريب الميداني لما لها من دور في تعزيز مهارات الطلبة والخريجين وسدّ أي فجوات ممكنة قد تشكل عائقاً أمام دخولهم سوق العمل، وقالت: «الطالب تقع عليه مسؤولية كبيرة، فإذا ما تمتع بروح المبادرة فإنّ الفجوة مع الأدوات الإعلاميّة الجديدة وسوق العمل تقل إلى حدّ كبير، كما أنّنا كمؤسسة إعلاميّة نهتمّ بالإبداع لدى الخريجين والطلبة لتدريبهم أو حتى توظيفهم».من جهته قال علي السعد: «يَدرس طلاب كليات الإعلام في دولة الإمارات أساسيّات العمل الإعلامي، وهذا برأيي مهم جداً لتخريج صحافي مقتدر، فالدراسات النظرية هي الركيزة الأولى في إعداده، ومن خلال ممارساتنا اليوميّة والتعامل مع الخريجين، نواجه تحديات مع بعضهم من حيث التطبيق العملي، ومواكبة تطورات الأدوات الإعلاميّة، وهنا لا بدّ من وضع موّاد تبحث تطوّرات المناهج والأدوات، كما اقترح أيضاً أن يتمّ تشكيل لجان متخصصة تعمل على دراسة كلة الفجوات ذات الصلة بين الجوانب الأكاديميّة والتدريب العملي، والخروج بتوصيات يتم ترجمتها عبر دورات وورش عمل متخصصة من شأنها أن تجد حلولاً فعّالة وسريعة».