رياح وأوتاد: كيف نقيّم المجلس القادم... وعودة السلفيين
في نهاية كل دور انعقاد يجب أن نحصي القوانين الإسلامية التي شُرعت، وعدد حالات الفساد والتجاوزات التي اُكتشفت، وقيمة أبواب الهدر التي أُلغيت من الميزانية، وعدد حالات الوساطات التي أُوقفت، ومبالغ الإيرادات المالية التي أُضيفت إلى ميزانية الدولة، وكم هي مؤسسات القطاعين العام والخاص التي أنشأت الوظائف المنتجة للكويتيين.
تقييم المجلس القادم:
أولاً- التشريعات الإسلامية: يجب على الأعضاء أن يقوموا بعرض كل ما يقدم إليهم من اقتراحات على أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا واجب بنص الدستور والمذكرة التفسيرية التي جاء فيها أن نص المادة الثانية: «إنما يحمل المشرع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك ويدعوه إلى هذا النهج دعوة صريحة واضحة، ومن ثم لا يمنع النص المذكور من الأخذ عاجلا أو آجلاً بالأحكام الشرعية كاملة وفي كل الأمور إذا رأى المشرع ذلك».فكل اقتراح بقانون أو برغبة مخالف لهذا النص يجب أن يستبعده الأعضاء قربة إلى الله والتزاماً بقسمهم مهما كانت مسمياته براقة أو عالمية إذا كان مخالفاً للشرع الحنيف.ثانياً- الالتزام بالدستور وقانون اللائحة الداخلية للمجلس: ففيهما كل ما يحتاج إليه النواب في عملهم التشريعي والرقابي مثل تقديم اقتراحات القوانين المفيدة وتقديم الأسئلة والاستجوابات ولجان التحقيق والكلام في المناقشة العامة ببلاغة حوارية أسوة بالبرلمانات العريقة دون الخروج على أحكامهما باستخدام الفوضى والصراخ أو الإساءة بالألفاظ أو تقديم الاستجوابات غير الدستورية، فكل هذه الأساليب التي كانت تمارس في المجلس الماضي كانت مخالفة للقسم وضارة بمستقبل البلاد.ثالثاً- مكافحة الفساد: يمكن قياس أداء المجلس القادم بمدى نجاحه في اكتشاف عمليات الفساد بالأدلة وتقديمها للقضاء، كما كان يتم في مجالسنا السابقة، حيث جعلتها تلك المجالس موضوعها الأساسي مثل قضية الناقلات ومكتب لندن للاستثمار وسرقات استثمارات إسبانيا والتجاوزات على أملاك الدولة وغيرها، حيث تمت المحاسبة واسترجاع كثير من الأراضي والأموال المنهوبة، كما يجب على المجلس أيضاً وقف الهدر وتقليص المصروفات غير الضرورية في الميزانية والوقف الفوري للتفاوت الهائل في المكافآت والتقاعد الاعتباري للنواب وغيرهم من المسؤولين، وإيقاف التشريعات الضارة والمهدرة للمال العام.رابعاً- زيادة إيرادات الدولة: وهو مقياس مهم، فالمجلس عليه أن يبحث السبل ويقدم القوانين التي تزيد الإيرادات غير النفطية لتنويع مصادر الدخل، وهو شعار يرفعه معظم المرشحين لكنه لم يطبق في المجالس الأخيرة، فكانت المصروفات تزداد باستمرار، أما الإيرادات غير النفطية فوقفت في محلها منذ سنوات طويلة (أقل من ملياري دينار)، واستمر الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل وهو خطر محدق بالمستقبل. خامساً- تحقيق العدالة بين المواطنين: وهو أيضاً من متطلبات الشريعة والدستور فيجب على الأعضاء عدم التدخل في الشؤون التنفيدية والقضائية (المادة 115)، فعليهم محاربة الوساطة والمحسوبية والتعيينات البراشوتية بإجراءات واضحة وتشريعات دقيقة لا تتخلل إليها الوساطة أو الاستثناء، وبذلك تتحقق العدالة بين المواطنين في التعيين في الكوادر والترقية والوظائف القيادية.سادساً- الإصلاح الاقتصادي: ويندرج تحت هذا العنوان قدرة الحكومة والمجلس على تحقيق التنشيط والتوازن بين القطاعين العام والخاص وتوجيه التعليم ليخدم حاجات العمل لتوفير فرص عمل منتجة لمئات الألوف من الكويتيين الداخلين إلى سوق العمل وإنشاء مؤسسات وشركات تنموية تستقبلهم وتزيد إيرادات الدولة، بالإضافة إلى تحرير الأراضي وكذلك الحل العلمي والعملي لمشكلة الإسكان، وتبسيط الإجراءات الحكومية وميكنتها والاستغلال الأمثل للبترول بدلاً من تصديره خاماً لتحقيق المزيد من الإيرادات والوظائف.سابعاً- الخلاصة: يجب في نهاية كل دور انعقاد من الأدوار الأربعة أن نحصي القوانين الإسلامية التي شُرعت، وعدد حالات الفساد والتجاوزات التي اُكتشفت، ومقدار أبواب الهدر التي أُلغيت من الميزانية، وعدد حالات الوساطات التي أُوقفت، ومبالغ الإيرادات المالية التي أُضيفت إلى ميزانية الدولة، وكم هي مؤسسات القطاعين العام والخاص التي أنشأت الوظائف المنتجة للكويتيين ونسب تعديل التركيبة الوظيفية في القطاعين.
هكذا يكون التقييم
بعد غياب فصلين تشريعيين غابت فيهما التشريعات الإسلامية والإيرادات المالية الإضافية وغيرها من المواضيع التي كنا ننجزها في السابق يعود بفضل الله السلفيون للنجاح في هذا المجلس، فنسأل الله لهم التوفيق والسداد والعودة بالمجلس إلى مثل الإنجازات السابقة بالتعاون العلمي مع زملائهم، وهم لا شك قادرون على ذلك بتوفيق من الله تعالى.