نظرية الصراع الثقافي في تحليل العلاقات الدولية
الصراع الثقافي يعد إشكالية كبرى في الواقع الدولي خلال هذه المرحلة، مما يؤسس لنوع جديد من العلاقات الدولية لا مجال فيها لمراعاة الخصوصية الثقافية للشعوب، في محاولة لفرض القيم والأفكار، مما سيخلق نوعا من الصراع، الذي قد يؤدي إلى بروز أشكال جديدة للعنف والتطرف.
إذا أردنا أن نصف واقع العلاقات الدولية اليوم، فإننا سننطلق من الصراع الثقافي في شرح عملية التفاعل داخل المنظومة الدولية، فالثقافة تشكل عنصرا أساسيا في بنية كلية يتشابك فيها الثقافي بالاقتصادي والسياسي بالاجتماعي.فالصراع الثقافي، أصبح أحد الأبعاد الأساسية التي تحرك العلاقات السياسية والاقتصادية على مستوى الشعوب والأمم، وحينما نتأمل الأحداث والتحولات المتسارعة التي تجري في العالم، نجد أن الصراعات والحروب الإثنية والعرقية والقومية التي ظننا أنها أصبحت من الماضي لا تزال تتصدر المشهد الدولي، وتقف خلف العديد من مظاهر العنف والتعصب، لتتحول إلى أداة لفرض أنماط وأفكار وسلوكيات من الأطراف القوية لتنميط البنى الثقافية، وفقا لأولوياتها انطلاقا من وجهة نظرها وتبعا لأهدافها ومصالحها.انطلاقا من هذه الحقيقة، نستطيع القول إن الصراع الثقافي ينحو تدريجيا ليصبح محركا للتفاعلات الدولية، وعنصرا تفسيريا للتحالفات الجديدة؛ في تعويض تام لمفهوم الأيديولوجيا الذي ظل مسيطراً لفترة طويلة على السياسات الدولية، خصوصا مع طرح العديد من المفكرين أطروحات مثل، نهاية التاريخ وصدام الحضارات وما تلاها من تأثيرات أدت إلى تحكم القيم الثقافية والحضارية في اختيارات الدول والتكتلات الإقليمية والدولية، وعنصرا محددا لخطابات السياسيين.
وبالتالي، فإن الصراع الثقافي يعتبر إشكالية كبرى في الواقع الدولي خلال هذه المرحلة، مما يؤسس لنوع جديد من العلاقات الدولية لا مجال فيها لمراعاة الخصوصية الثقافية للشعوب، في محاولة لفرض القيم والأفكار، مما سيخلق نوعا من الصراع، الذي قد يؤدي إلى بروز أشكال جديدة للعنف والتطرف.* باحثة في العلاقات الدولية