في حُكم قضائي بارز، أكدت محكمة التمييز التجارية، برئاسة المستشار أنور بورسلي، عدم قبول الدعاوى القضائية الخاصة بالعقارات إلا بعد التأشير عليها من السجل العيني بوزارة العدل.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن هناك سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه، هما: الخطأ في تطبيق القانون، ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيانهما يقول إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي في قضائه، بعدم قبول الدعوى، لعدم تقديم شهادة دالة على حصول التأشير في بيانات السجل العيني، رغم أن عقد البيع، سند الدعوى، تضمن تكفل المطعون ضدها بتسجيل الوحدة المبيعة، خصوصاً أنه قام بسداد كامل الثمن، رغم إنذاره لها كي تقوم بالتسجيل، إلا أنها رفضت ذلك، مما يكون الحكم معيباً بما يستوجب تمييزه.
عدم رجعية القانون
وأضافت أن هذا النعي مردود، حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن الأحكام الموضوعية لا تسري على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على تاريخ العمل بالقانون المقرر لتلك الأحكام، إذ يحكم تلك الوقائع والمراكز القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها، سواء في نشأتها، أو في إنتاجها لآثارها أو انقضائها، كما يطبق منذ نفاذه بأثر مباشر على الآثار المستقبلية التي تترتب على المراكز القانونية السابقة، إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين، ما لم ينص على خلاف ذلك، ولا يستثنى من ذلك إلا آثار التصرفات المبرمة تحت سلطان القانون القديم، إذ تبقى خاضعة له، ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام، عملاً بنص المادة 179 من الدستور، والمادة الثالثة من القانون المدني.حقوق غير منتقلة
وتابعت أنه كان من المقرر بنص المادة 11 من القانون رقم 21 لسنة 2019 بشأن نظام السجل العيني والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 26/ 5/ 2019، «أن جميع التصرفات من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية أو نقلها أو تغييرها أو زوالها، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لأي من تلك التصرفات، بما في ذلك الوقف والوصية وحق الإرث يجب قيدها في السجل العيني». ولفتت المحكمة إلى أنه يترتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة لغيرهم، ولا يكون للتصرفات غير المقيدة أي اثار سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن.وأشارت إلى أن المادة 14 من ذات القانون نصت على أنه «يجب أن تتضمن الدعاوى التي تتعلق بالحقوق أو التصرفات الواجب قيدها ما يفيد طلب إجراء التغيير في بيانات السجل العيني، ولا تُقبل الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير في السجل بمضمون هذه الطلبات».60 يوماً
وأوضحت أنه في المادة 15 منه، «يُمنح المدعون في الدعاوى المشار إليها في المادة السابقة، والتي تكون قيد التداول أمام المحاكم في تاريخ العمل بهذا القانون، ولم تسجل صحيفتها مهلة 60 يوماً تُحسب من التاريخ المذكور بطلب التأشير بمضمون الطلبات سالفة البيان، وإذ لم تقدم في أول جلسة بعد انتهاء هذه المدة بحصول هذا التأشير توقف الدعوى، ولا يجوز استئناف السير في الدعوى إلا بعد تقديم ما يفيد بإجراء التغيير في بيانات السجل بمضمون الطلبات المؤشر بها».الطعن بلا أساس
وذكرت «التمييز» أن مفاد هذه النصوص، آنفة البيان، أن الدعاوى المتعلقة بالحقوق والتصرفات المشار إليها في المادة 11 من ذلك القانون إذا رفعت بعد العمل بقانون السجل العيني، فإن المشرع في المادة 14 منه أوجب على المدعي فيها اتخاذ إجراء معين، هو تضمين الطلبات الواردة في الدعوى طلباً إضافياً بإجراء التغيير في بيانات السجل العيني، والتأشير في السجل العيني بمضمون تلك الطلبات، وتقديم شهادة تدل على حصوله.وبينت أنه بالنسبة للدعاوى المرفوعة قبل العمل بهذا القانون ولا تزال منظورة حتى تاريخ العمل به، فإنه إعمالاً بالمادة 15 من هذا القانون لا يجوز الاستمرار في نظرها إلا بعد قيام «المدعي» فيها بالإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة خلال مهلة 60 يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون.وأضافت أنه لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن أقام دعواه في 3/ 11/ 2020، أي بعد سريان قانون السجل العيني، والذي بدأ العمل به وسرت أحكامه بعد سنة من تاريخ نشره وفقاً للمادة 32 منه في 26/ 5/ 2020 بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المتضمن بيع المطعون ضدها الأولى له العقار محل التداعي له وإلزام المطعون ضدهما بتسجيل العقار باسمه وإصدار الوثيقة الرسمية المثبتة لهذه الملكية، ومن ثم فإن الدعوى تخضع في رفعها للقيود الواردة في قانون السجل العيني، آنفة البيان، وإذا لم تتضمن صحيفتها ما يفيد طلب إجراء التغيير في بيانات السجل العيني، أو تقديم شهادة دالة على حصول التأشير في السجل بمضمون هذه الطلبات، فإنها تكون غير مقبولة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بسببي الطعن على غير أساس.