الحرب الباردة تشتعل من جديد
عادت الحرب الباردة، وتعني قعقعة بوتين النووية أنها يمكن أن تتحول إلى حرب «ساخنة»، بل حتى مشعة، ويجب أن تتصالح أوروبا مع هذا الواقع وتنفذ التغييرات الطويلة المدى التي يتطلبها التكيف معها.
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
وكما يبدو، فإن الاتحاد الأوروبي بعيد كل البعد عن أن يكون قوة عظمى، فرغم أنه يؤخذ على محمل الجد من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية، فإنه أضعف بكثير من الناحية الجيوسياسية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الانقسامات والصراعات الداخلية، إذ أدت كارثة الحرب العالمية الثانية إلى إطلاق عملية توحيد أوروبية انتهت بإنشاء الاتحاد الأوروبي، الذي يتمتع بحرية الحركة والعملة المشتركة والسوق الموحدة، ولكن التكامل السياسي الأعمق لم يبدُ ممكناً على الإطلاق.ولأن حقيقة اندلاع حرب باردة الثانية بدأت تفرض نفسها، يجب أن تتغير تلك الأمور، فالتكامل السياسي هو بالضبط ما يجب أن تحققه أوروبا ما لم ترغب في العيش في ظل التهديد المستمر والمنهك بالهجوم العسكري والابتزاز النووي، فلن يظل حلف الناتو، مع تطميناته الأمنية، قوياً إلا إذا تمكن الأوروبيون من تعزيز جانبهم في الجسر عبر الأطلسي، ولا يمكنهم تقديم مساهمات أكبر للدفاع المشترك والردع إلا من خلال التضافر السياسي.وبالطبع، أكدت الحرب العدوانية التي شنها بوتين على أوكرانيا مدى أهمية الولايات المتحدة بالنسبة إلى قدرات أوروبا الدفاعية، ولكن رئاسة دونالد ترامب أثارت تساؤلات جدية بشأن مصداقية التزامات الولايات المتحدة على المدى الطويل، ويعتمد الرئيس، جو بايدن، تماماً مبدأ التضامن عبر الأطلسي، ويقف وراء الناتو؛ لكن هل سيفعل ذلك شاغل البيت الأبيض القادم؟ كما أن التهديد الجديد على الحدود الشرقية لأوروبا سيحرك مركز ثقل الاتحاد الأوروبي شرقا، مما يمنح تلك الدول الأعضاء دورا أكبر في تضافر الاتحاد، وإلى جانب كونه مجتمعاً قانونياً وسوقاً مشتركة، سيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يصبح مجتمعاً أمنياً وإن كان متشابكاً تشابكاً وثيقاً مع الناتو، وهي عملية بدأت بالفعل مع محاولة فنلندا والسويد الانضمام إلى التحالف.وفي الوقت الراهن، تتمثل المهمة العاجلة في درء التهديد الحاد المتمثل بخروج الحرب عن السيطرة وامتدادها إلى أوروبا، ولكن على المدى الطويل، سيكون من الضروري أن يجري الأوروبيون التغييرات المؤسسية اللازمة لإنشاء إطار أمني فعال.هل كان بوتين يدرك ما كان يفعله عندما أصدر الأمر بغزو أوكرانيا؟ ربما لن نعرف أبداً على وجه اليقين، ولكن الآن بعد أن قضى على الأمل في السلام، سيتعين على الأوروبيين التكيف مع الوضع، ومرة أخرى ينبغي ألا نستهين بقيم الحرية والديموقراطية والأمن التي تتمتع بها القارة.* وزير خارجية ألمانيا ونائب المستشار من 1998 إلى 2005، كان زعيماً لحزب الخضر الألماني لما يقرب من 20 عاماً.«يوشكا فيشر - بروجيكت سنديكيت »
الحرب العدوانية التي شنها بوتين على أوكرانيا أكدت مدى أهمية الولايات المتحدة بالنسبة إلى قدرات أوروبا الدفاعية