تمددت الاحتجاجات الإيرانية، التي تدخل أسبوعها الرابع اليوم، إلى مدن ومناطق جديدة، وتواصلت المسيرات الليلية في العاصمة طهران وشيراز وجزيرة كيش وبلوشستان وسنندج، بينما بثت السلطات اعترافات لفرنسيين موقوفين بالعمل لمصلحة الاستخبارات الفرنسية، في خطوة وصفتها باريس بـ «المسرحية المثيرة للاشمئزاز».
نظم محتجون إيرانيون مسيرات ليلية في عدد من المدن الإيرانية الرئيسية، بينها العاصمة طهران وشيراز وأصفهان وكرج، إضافة إلى كردستان وبلوشستان، في حين تمدد الحراك الشعبي الذي يدخل أسبوعه الرابع اليوم، إلى جزيرة كيش، الواجهة السياحية الأولى في البلاد.وأضرم المتظاهرون النار في إعلانات تحمل صورة للمرشد علي خامنئي في الأحواز، وهتف المحتجون بشعار الموت للدكتاتور من فوق الأسطح والشرفات وعبر نوافذ المنازل في مختلف حارات طهران ليل الأربعاء ـ الخميس.وأغلق الطريق الرئيسي لمدينة كرات سرباز في بلوشستان مع تجدد الاحتجاجات الليلية، وفي سنندج عاصمة كردستان إيران، أضرم المحتجون النار في الشوارع استعداداً للتظاهرات الليلية.ووفقاً لتقارير تلقتها «إيران إنترناشيونال»، نشرت على الشبكات الاجتماعية، واصل المحتجون كتابة شعارات مناهضة للنظام على جدران المباني والمؤسسات الحكومية، كما تظهر النساء في الشوارع دون أوشحة بأماكن مختلفة.ونشرت مجموعة من الناشرين الإيرانيين المستقلين في الخارج بياناً، كتبوا فيه: «لقد تجاوز الشعب النظام وقوانينه. الأمر متروك للكتاب والناشرين الإيرانيين للوقوف إلى جانب الحركة المحبة للحرية، وتجاوز الرقابة والرقابة الذاتية، والمساعدة في الطبع دون تدقيق وإذن».
لجم وفتنة
وفي حين رأى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن «الولايات المتحدة وزمرة المنافقين ومناوئي الثورة حاولوا تحقيق أغراضهم وأهدافهم من خلال تأجيج اضطرابات بجامعة شريف الصناعية، واصلت قوات الأمن الانتشار بكثافة عند الجامعات بمدن عدة، في ظل تكثيف جهودها لقمع الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد توقيفها من شرطة الآداب بسبب مخالفتها قواعد ارتداء الحجاب الإلزامي.وانتشرت الشرطة في جامعات مدن أرومية وتبريز ورشت والعاصمة طهران، لأنها باتت تمثل مواقع محورية للاحتجاجات التي تحولت من التنديد بقمع الحريات الشخصية إلى المطالبة بإسقاط النظام مع تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.من جهته، اتهم وزير الداخلية أحمد وحيدي «الأعداء سواء الحكومات التي تقدم الدعم للإرهابيين أو الإرهابيين الذين يتربصون بالشعب الإيراني من خارج الحدود» بالعمل على استهداف «الوحدة بين الشيعة والسنة» في محافظة سيستان وبلوشستان في جنوب شرق البلاد.وقال وحيدي، خلال زيارة خاطفة لمدينة زاهدان مركز سيستان وبلوشستان، التي شهدت اضطرابات سقط خلالها نحو 83 قتيلاً بينهم 5 من رجال الأمن خلال احتجاجات بمحيط مركز شرطة ترددت أنباء عن قيام قيادي باغتصاب فتاة من الأقلية البلوشية السنية به بعد توقيفها للتحقيق معها بشأن قضية قتل، إن «الأعداء لا تروق لهم الوحدة بين الشيعة والسنة وبين البلوش وغيرهم لذلك يعملون على استهداف هذه الوحدة».اعترافات متلفزة
وفي خطوة تركز على دعم الرؤية الحكومية التي تتهم عناصر خارجية بتأجيج الاضطرابات، بث موقع قناة العالم التلفزيونية الرسمية الناطقة بالعربية، أمس، ما وصفه بأنه اعترافات بالتجسس أدلى بها فرنسيان اعتقلا في مايو الماضي بإيران.وتقول سيدة تتكلم بالفرنسية في الفيديو إنها تدعى سيسيل كولر، وإنها ضابطة استخبارات في عمليات الإدارة العامة للأمن الخارجي (دي جي إس أو)، جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي.وفي التسجيل ذكرت المرأة أنها وزوجها جاك باري كانا في إيران لـ «تهيئة الظروف للثورة وإسقاط النظام الإيراني». وكانا، بحسب تصريحاتها، يمولان الإضرابات والتظاهرات بل ويستخدمان السلاح «إذا لزم الأمر لمحاربة الشرطة».وأوضح الرجل، الذي ظهر في الفيديو وتحدث بالفرنسية، أن المديرية العامة للأمن الخارجي تهدف إلى «الضغط على الحكومة» الإيرانية.اشمئزاز فرنسي
في المقابل، وصفت وزارة الخارجية الفرنسية خطوة إيران بأنها «مسرحية غير لائقة ومثيرة للاشمئزاز وغير مقبولة ومخالفة للقانون الدولي».وأضافت الوزارة، في بيان، أن «هذه المهزلة تكشف عن ازدراء السلطات الإيرانية للكرامة الإنسانية»، مطالبة بـ «الإفراج الفوري» عن الفرنسيين سيسيل كولر وجاك باري.وفي 11 مايو الماضي، أعلنت طهران توقيف فرنسيين «دخلا البلاد بهدف إثارة الفوضى وزعزعة استقرار المجتمع».ودانت السلطات الفرنسية الاعتقال معتبرة أنه «لا أساس له»، فيما أفاد مصدر نقابي فرنسي بأن سيسيل كولر المسؤولة في نقابة الفدرالية الوطنية للمعلمين وزوجها جاك باري كانا يزوران معالم سياحية في طهران عند اعتقالهما.وأكثر من عشرة من مواطني دول غربية معظمهم من مزدوجي الجنسية محتجزون أو عالقون في إيران فيما تعتبره المنظمات غير الحكومية سياسة احتجاز رهائن للحصول على تنازلات من قوى أجنبية.عقوبات أوروبا
ويأتي ذلك في وقت أكد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس، أن التكتل يدرس فرض عقوبات إضافية على إيران، فيما تقول جماعات حقوقية إن الآلاف اعتقلوا وأصيب مئات في حملة قوات الأمن الإيرانية ضد الاحتجاجات المتواصلة.وتزامن ذلك مع دعم حوالي 650 شخصية ثقافية وفنية ألمانية انتفاضة الشعب الإيراني.