شعارات سياسية لغوية زائفة
يحرص المرشحون في الانتخابات البرلمانية على وضع شعار لحملاتهم الانتخابية فتكون جزءاً من فكر المرشح الذي يمثل رؤيته، ويعد دور الخطاب في السياسة أمرا حاسما نظرا لاستخدام هذه الشعارات السياسية كوسيلة للدعاية السياسية للمرشح، وتستخدم الشعارات السياسية للدعاية وإقناع الناخبين، وتُعرَّف الدعاية بأنها محاولة منهجية متعمدة لتشكيل التصورات والتلاعب بالإدراك وتوجيه السلوك لتحقيق استجابة تعزز النية المرغوبة لدعاة الدعاية، ونظرا لوجود العديد من العوامل التي تحدد تكوين المعتقدات والمواقف والسلوكيات، يتعين على القائم بالدعاية جمع قدر كبير من المعلومات حول الجمهور المستهدف. في الواقع، يقوم المرشحون السياسيون ببناء سلوكيات ومعتقدات معينة لجمهورهم، وبالتالي فإن استخدام هذه الشعارات السياسية هدفها التلاعب بالجمهور، وبتعبير عن ذلك فإن مهمة الناخب الآن هي تفكيك ما يعنيه النص والصورة في ذلك الشعار الانتخابي، فيقوم المرشح بعقد ندوات خطابية لتمكين الناخب من التعرف على رؤية المرشح وتطلعاته، فما على المرشح إلا أن يقوم بالصراخ للجمهور وتلك صفة من صفات الخطاب السياسي، ويأتي بعد هذا حفل عشاء فاخر ليستمتع الجمهور بولائم الطعام. من الناحية اللغوية، يستخدم بعض المرشحين آيات قرآنية، وخطابات الحنين للماضي الجميل، والوعد لمستقبل أفضل، لجذب وإقناع الناخب، كما يستخدم بعض المرشحين اللهجة الكويتية للتقرب من الناخب، علاوة على ذلك، يميل بعض المرشحين لاستخدام ضمائر الجمع في شعاراتهم، من مثل (نبيها) (نعيده) (احنا) أو استخدام ضمائر المفرد لوضع حق التصويت للناخب (أنت) (صوتك) (أنتم). وأكدت دراسة أجريت في الأردن حول الشعارات الانتخابية أن الشعار الانتخابي الأردني يظهر بشكل رئيس التفوق الذكوري في المجتمع، حيث يقتصر دور المرأة على كونها ربة منزل وأمّاً، أما الشعارات في انتخابات مجلس الأمة الكويتي فكانت في الماضي محصورة بأسماء المرشحين فقط، وهذا يؤكد أن العلاقات الاجتماعية تؤدي دورا أكثر أهمية في السياق السياسي في الكويت، فمن وجهة نظر لغوية، لم تستخدم الملصقات فقط أداة سائدة في الحملات الانتخابية، ولكن أيضا الاستخدام المتنوع للخصائص اللغوية والمرئية واللغوية في شعارات الملصقات السياسية يعد مثالا رائعا للنص متعدد الوسائط في السياق السياسي.
وفي دراسة أجريتها على انتخابات مجلس الأمة 2016، أثبتت أن الشعارات الانتخابية تعد أدوات مهيمنة يستخدمها المرشحون لتمثيل الهوية السياسية وبناء مواقفهم السياسية، وتؤكد الدراسة أن الشعارات السياسية في الكويت لا تكاد تؤثر على اختيار الناس ومواقفهم من التصويت، فالشعارات مهمة بالتأكيد في أي حملة انتخابية، لكن المرشحين في الكويت يشغلون بالفعل مناصب مميزة ولديهم ناخبيهم، ولعوامل مثل العلاقات الاجتماعية والعلاقات القبلية مواقف مباشرة وأكثر قوة في توجيه مواقف الناخبين الكويتيين، وفي كل انتخابات، كما أثبتت الدراسة أنه لا توجد فروق بين شعارات المرشحين الذكور والإناث، فكلاهما يستخدم شعارات مشابهة في محاولات الإقناع. وفي النهاية، يدرك الناخب بعد التصويت وبعد الصراعات والهواش في قاعة عبدالله السالم أن كل هذه الشعارات كانت زائفة، وما هي إلا فقاعات تذهب أدراج الرياح، لتمر أربع سنوات يشتكي فيها الناخب الكويتي من أوضاع البلد، ويعود الناخب بعد أربع سنوات (إذا لم يبطل المجلس أو يحل) إلى التصويت من جديد أملاً بكويت أفضل.