وثيقة لها تاريخ: كوت «طَلَب» اشتراه بن غيث مع أرض للشيخ مبارك وأصبح يُعرف بـ «كوت الغيث»
يُوجد في الحي القبلي (جبلة) بمدينة الكويت القديمة كوت يسمّى «كوت الغيث»، والكوت هو أرض كبيرة محاطة بسور من الطين ويوجد فيها مجموعة من قلبان المياه (الآبار). ويعتبر كوت الغيث من أشهر أكوات مدينة الكويت، فما هو تاريخه، ولماذا سمّي بـ «كوت الغيث»؟كنت أبحث عن معلومات عن هذا الكوت، وكذلك كوت آخر بجانبه هو كوت «المزيد» منذ عدة سنوات، ووجدت بعض المعلومات القيمة في كتاب «أكوات مدينة الكويت» للأستاذ خالد طعمة الشمري، وكذلك بعض المعلومات المنسوبة إلى الأستاذ محمد يعقوب البكر، إضافة إلى مقابلة تلفزيونية مع الملا عمر الملا عام 1968.ويقول الشمري في كتابه «كوت الغيث أو كوت بن غيث سمّي بهذا الاسم نسبة إلى أسرة الغيث، وكان يُطلق عليه قديماً كوت طَلَب العنزي، حيث كان مالكه قبل أن يبيعه على ابن غيث بمبلغ 300 ريال فرنسي، وفق ما ذكره الملا عمر الملا، ويقع الكوت اليوم في فندق مريديان، وفق ما ذكره الباحث محمد البكر».
ولا يفوتني أن أشير أيضاً إلى الكتاب القيّم الذي ألّفه الأستاذ مفلح علي جبر الجبر وعنوانه «حول تاريخ المياه في دولة الكويت»، وهو كتاب جامع وشامل لكل الآبار القديمة المعروفة في مدينة الكويت وخارجها. ولم يذكر الجبر في كتابه كوت الغيث، ولكنّه أشار إليه بآبار طَلَب. أيضاً من المصادر المهمة فيما يتعلق بتاريخ المياه كتاب د. فاطمة حسين العبدالرزاق وعنوانه «المياه والسكان في الكويت»، وصدر عام 1974.ذكرت كل ذلك كمقدمة لمعلومات أريد أن أضيفها لما ورد في التاريخ عن كوت الغيث، حيث أهداني أ. صلاح الغيث، أخيراً، وثيقتين و»كروكي» أو مخططاً لكوت الغيث، وفيهم معلومات جميلة ومؤكدة عن هذا الكوت الجبلاوي. لكن قبل ذلك أود أن أشير إلى أن المرحوم الملا عمر بن علي الملا بن محمد الملا (مواليد عام 1868)، في مقابلته التلفزيونية مع المرحوم المؤرخ سيف مرزوق الشملان عام 1968، ذكر معلومات مهمة فيما يتعلّق بكوت الغيث وأكوات أخرى وموارد المياه في الكويت قديماً وبوابات السور الثاني لمدينة الكويت.من هذه المعلومات أنه ذكر العديد من قلبان الفترة التي عاشها مثل القلبان الموجودة في الشامية كقلبان خِرْ حمود، وخِرْ جناعي، وقلبان النويّف، والحملي، والوقيان، والهويدي، وغيرها الكثير، كما وصف قلبان النقرة والعديلية وحولّي. أما عن الآبار التي كانت موجودة داخل مدينة الكويت فقد تحدّث عن قلبان الرميلة التي كانت ملكاً لعيدان المجلّي وقلبان شرق وقلبان جبلة، ومنها كوت الغيث.ويقول المرحوم الملا عمر الملا إن شخصاً اسمه طَلَب العنزي باع قلبانه في جبلة على ابن غيث وأن بن غيث اشترى أرضاً مجاورة لكوت طلب مباشرة من الشيخ مبارك الصباح، وأصبح الكوت بعد ذلك يُعرف بأنه كوت الغيث. في المقال المقبل سأعرض لكم وثيقة من وثائق كوت الغيث، وهي وثيقة أعتقد أنها تُنشر للمرة الأولى، وفيها معلومات تاريخية جميلة تستحق من الباحثين المهتمين في هذا الأمر دراستها بشكل دقيق وعلمي.