أحياء البصرة الراقية «لا تنام»... والصدر يحظر تبادل القصف مع «فصائل طهران»
ارتفعت أصوات أهالي البصرة بالشكوى بعد استمرار الاشتباكات الليلية قرب «قصور صدام»، المطلة على نهر «شط العرب» وسط المدينة، حيث تتعرض الفصائل الموالية لإيران والمقيمة داخل تلك القصور، لقصفٍ استمر طوال الأسبوع، بينما ترد هي بالأسلحة المتوسطة، وتوجه المدافع الرشاشة إلى الجهة الأخرى من النهر، كما يتضح من مقاطع فيديو مقلقة يتداولها الأهالي كل ليلة.وتقول الفصائل إن الجناح المسلح في التيار الصدري المعروف بـ «سرايا السلام»، هو الذي يقصف مقر «الحشد الشعبي» بقذائف الهاون وصواريخ كاتيوشا، لكن الصدريين يردون بأنهم ملتزمون بمنع الاقتتال الداخلي، مؤكدين أن هذه الهجمات تشنها عشائر سقط أبناؤها في اشتباكات الأسابيع الماضية بين التيار وفصائل منضوية سياسياً مع الإطار التنسيقي الموالي لطهران، وتريد هذه العشائر الانتقام.وتقع القصور الرئاسية في واحد من أجمل تفرعات شط العرب قرب مدخل أبي الخصيب، ويحيط بها أرقى أحياء المدينة مثل البراضعية ومناوي باشا والجزائر، وتتضمن تلك المناطق مقرات لأهم شركات البترول الكبرى، وقنصليات مهمة مثل القنصليتين الإيرانية والكويتية، فضلاً عن أحياء المسيحيين العراقيين التقليدية وكنائسهم.
وقال وجهاء معروفون في المدينة، إنهم وجّهوا نداءً إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للتدخل لوقف الهلع والقلق بين المدنيين، ويستعد نائب سابق في البرلمان وشيخ قبيلة بني تميم لتنظيم مؤتمر يجمع العشائر والوجهاء الاجتماعيين والدينيين، لإطلاق نداء إلى كل الفصائل بترك البصرة، لأن المجموعات المسلحة تضخمت كثيراً داخل النسيج العشائري المتمركز شمال المدينة، خصوصاً بعد أن عادت بغنائم حربية وذخيرة كثيرة من حرب تنظيم داعش التي استمرت نحو أربعة اعوام، ما ترك آثاراً عميقة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، في البصرة التي تعد أكبر مركز تجاري في البلاد، وفيها الموانئ الوحيدة ونحو 80 في المئة من الاحتياطي النفطي والغازي. ونشر مقتدى الصدر، أمس، بياناً أعلن فيه تجميد سرايا السلام جناحه العسكري، باستثناء لواءين منه يعملان في حماية المراقد الدينية في سامراء شمال بغداد. وقال الصدر إن على حكومة مصطفى الكاظمي أن توقف، في المقابل، النشاط المسلح لباقي الفصائل، خصوصاً عصائب أهل الحق، التي تشكل مع نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق، أبرز خصوم التيار الصدري في الخلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة.وتقول مصادر سياسية، إن التهدئة في بغداد منذ الاشتباكات الخطيرة التي شهدتها المنطقة الخضراء نهاية أغسطس الماضي، انتقلت إلى البصرة على شكل «اشتباكات اختبارية»، إذ يحاول كل طرف أن يختبر ردود الطرف الآخر؛ استعداداً لأي اشتباك محتمل إذا نجح نوري المالكي والفصائل الحليفة في تشكيل حكومة تستولي على الدولة، حسب اتهام الصدر لهم، والذي قال إنه لن يسلّم العراق مهما بلغ الثمن، إلى «التبعية والفساد»، في إشارة إلى حلفاء طهران.لكن الصدر أكد، في بيان أمس، أن «الاقتتال الداخلي حرام وممنوع»، ما يكشف حجم الضغوط الشعبية والدينية التي يتعرض لها، من الأطراف والمجتمعات التي تشعر بقلق شديد من التصادم بين الصدريين وحلفاء طهران، خصوصاً في البصرة، التي تأتي منها معظم العوائد المالية للعراق.