تفجير جسر القرم... إعلان حرب لموسكو و«بداية» لكييف

روسيا تعيّن قائداً سابقاً لقواتها في سورية لقيادة حرب أوكرانيا... وتصريحات بايدن تثير ارتباكاً

نشر في 09-10-2022
آخر تحديث 09-10-2022 | 00:05
تلقت روسيا، أمس، ضربة نوعية، بعد تفجير استهدف جسراً يربط شبه جزيرة القرم بالأراضي الروسية ويشكّل طريقاً أساسياً للإمداد إلى جنوب أوكرانيا، التي ألمحت بوضوح إلى أنها تقف وراء الهجوم الذي تم بشاحنة مفخخة، في حين بادرت موسكو إلى إعلان تعيين قائد جديد لقواتها بأوكرانيا، في مؤشر إلى نيّتها تصعيد القتال هناك.
مع استمرار مواجهة روسيا سلسلة من الانتكاسات العسكرية منذ بداية سبتمبر، تلقت موسكو أمس ضربة نوعية جديدة تمثلت بانفجار شاحنة مفخخة على جسر القرم، المعروف بـ «جسر كيرتش»، وهو الطريق الأساسي للإمدادات الروسية الى شبه جزيرة القرم، ثم الى جنوب أوكرانيا، والذي بدأت موسكو بناءه بعد الضم غير الشرعي لشبه الجزيرة عام 2014.

وبعد يوم من احتفال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعيد ميلاده السبعين، ألحق الانفجار أضرارا بالغة بالجسر الذي يعبر مضيق كيرتش، وانهار مسربان خاصان بالسيارات، بينما توقفت حركة القطارات بعد تعرّض السكة الحديد لأضرار في مكان الهجوم الذي يعدّ الخامس للقوات الأوكرانية في القرم.

وأعلنت اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب أنه تم تفجير الشاحنة فوق الجسر خلال مرور قطار لنقل خزانات الوقود، مما أدى إلى اشتعال 7 خزانات منها»، مشيرة إلى أن «مسارين طرقيين انهارا جزئيا، وإلى أن قوس الجسر لم يتأثر».

وأضافت اللجنة أنهم العثور على 3 قتلى «يُعتقد أنهم ركاب سيارة كانت قرب الشاحنة التي انفجرت». وأضافت أن المحققين توصلوا إلى تفاصيل عن الشاحنة المسجلة في منطقة كراسنودار بجنوب روسيا وصاحبها الذي يجري حاليا تحديد محل إقامته.

وأكد رئيس شبه جزيرة القرم، سيرغي أكسيونوف، أن الحادث أدى إلى انهيار جزء من الطريق على الجسر، مما أدى إلى قطع أوصال الجزء الممتد من منطقة تمان إلى القرم، مشيرا إلى أن الجزء الآخر من الطريق آمن وسالك ولم يتضرر، موضحاً أن خدمة العبارات عاودت العمل بعد توقف.

واتهم رئيس برلمان القرم الذي أقامته روسيا، فلاديمير كونستانتينوف «مخربين أوكرانيين» بالوقوف وراء الهجوم.

وفي حين أغلقت السلطات الروسية المطارات الواقعة في جنوب البلاد وعلّقت حركة القطارات من جزيرة القرم وإليها، حتى 31 الجاري، قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها التي تقاتل في مناطق ميكولايف وكريفي ريه وزابوريجيا بجنوب أوكرانيا يمكن أن تتلقى جميع الإمدادات التي تحتاجها عبر الممرات البرية والبحرية القائمة، رغم تضرر الجسر.

وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أن بوتين «أصدر تعليماته لرئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة حكومية للوقوف على أسباب الحادث وإزالة تداعياته بأسرع وقت ممكن».

ورأت نائبة رئيس مجلس الدوما، إيرينا ياروفايا، أن «الهجوم بمنزلة إعلان حرب» ضد بلادها. بدوره، قال نائب رئيس مجلس الدوما، أوليغ موروزوف «إن حربا خفية تشنّ على روسيا وإن الهجوم الإرهابي المعلن منذ فترة طويلة على جسر القرم لم يعد مجرد تحدّ، بل هو إعلان حرب بلا قواعد».

ودعا النائب الروسي أوليغ موروزوف الى ردّ «مناسب»، مؤكدا أن «هذا النوع من الهجمات الإرهابية سيتضاعف» إذا لم يتم ذلك.

شماتة أوكرانية

وبعد الانفجار، تحدثت أوكرانيا بسخرية، وأطلقت نكاتاً من دون أن تصل إلى حد إعلان مسؤوليتها.

فقد أفادت وزارة الدفاع بأن تدمير الطراد «موسكوفا» في البحر الأسود في أبريل، والذي كان يعد رمزا آخر للقوة الروسية في شبه جزيرة القرم، وجسر كيرتش «هو إسقاط لرمزين سيئي السمعة للقوة الروسية في القرم». وتساءلت على «تويتر»: «ماذا ينتظر الروس أيضا؟».

وقال مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، إن تفجير القرم هو «البداية، ويجب تدمير كل شيء غير شرعي»، وأضاف: «إن كل شيء سرقته روسيا من أوكرانيا يجب استعادته ويجب طردها من كل المناطق التي احتلتها».

أما رئيس ديوان الرئاسة الأوكرانية، أندريه إيرماك، فقد نشر على «تويتر» رسماً تعبيرياً لجسر وسط سحب من الدخان.

من جهتها، نشرت أجهزة الأمن في كييف على «تلغرام» قصيدة تم تحويرها للشاعر الأوكراني تاراس شيفتشينكو حول «الشمس التي تشرق على الجسر المحترق».

أما صحيفة البريد الأوكراني، فقد أعلنت أنها تستعد لاصدار طوابع تحمل صورة «جسر القرم أو بشكل أدق ما تبقى منه».

وكانت إدارة البريد الأوكرانية قد طبعت في وقت سابق طوابع تحتفل بتدمير الطراد «موسكفا» وأخرى تظهر دبابة روسية يجرها جرار أوكراني. وتم بالفعل طباعة طابع للجسر المحترق.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن موقع استوني أن وزير الخارجية الإستوني، أورماس رينسالو، أكد أن استهداف الجسر كان «عملية نفذتها قوات أوكرانية خاصة». وأضاف: «بالتأكيد إستونيا ترحب بذلك، وتهنئ القوات الخاصة الأوكرانية».

قائد جديد

ميدانياً، أعلنت القوات الروسية تحقيق مكاسب في شرق أوكرانيا، بعد سلسلة انتكاسات مريرة على جبهات عدة، لكن يبدو أن كييف تحتفظ بزمام المبادرة، ودعت الجنود الروس إلى اختيار الاستسلام.

وعلى خلفية سلسلة من الانتكاسات المريرة على الأرض، ومؤشرات استياء متزايدة في أوساط النخب بشأن إدارة النزاع، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أنه بقرار من وزير الدفاع، تم تعيين جنرال الجيش سيرغي سوروفيكين قائدا للقوات الروسية في أوكرانيا.

يذكر أن سوروفيكين كان قائدا لمجموعة القوات الروسية في سورية، كما تولى قيادة القوات الجوية الفضائية الروسية.

وأثبت غزو روسيا لأوكرانيا أنه «حرب مسمومة» بالنسبة لكبار جنرالات الجيش الروسي بعد فصل 8 قادة على الأقل أو إعادة تعيينهم أو تهميشهم، وفقا لصحيفة واشنطن بوست.

يأتي ذلك في وقت ذكرت الاستخبارات البريطانية أن القيادة العسكرية الروسية تتعرض لضغوط بشكل متزايد من «جهات فاعلة متنوعة داخل النظام الروسي» في ضوء الانتكاسات، التي تعانيها قوات البلاد في أوكرانيا.

وفي هذا السياق، انتقد نائب رئيس الإدارة المدنية والعسكرية الموالية لروسيا في خيرسون، كيريل ستريموسوف، وزيرَ الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، واتهمه، ضمنيا، بالمسؤولية عن الخسائر التي تكبّدتها القوات الروسية أخيرا في جبهات شرق أوكرانيا وجنوبها.

نهاية العالم

ومع تصاعد حرب التصريحات المتبادلة بين موسكو والغرب إزاء خطر التهديد النووي، قلل البيت الأبيض و«البنتاغون» من حدة التصريحات التي أطلقها الرئيس جو بايدن عن «نهاية العالم». وجددت واشنطن تأكيدها أنها لم ترصد أي مؤشرات إلى أن روسيا تستعد لاستخدام وشيك لأسلحة نووية. بدوره، جدد وزير الخارجية سيرغي لافروف التزام بلاده بضرورة تجنب اندلاع حرب نووية، في سلوك بات يثير قلق مراقبين أشاروا الى نفي موسكو المتكرر نيتها غزو أوكرانيا قبل بدء عمليتها هناك في فبراير الماضي.

وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن بوتين «لم يتخذ قرارا باستخدام الأسلحة النووية حتى الآن»، مضيفة أن «واشنطن تواصل التعامل مع تهديداته النووية على محمل الجد، وستواصل مراقبة الوضع، لكن ليس لديها أي معلومات عن حدوث تغيير بشأن هذا الوضع».

من ناحيته، انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تصريحات بايدن في خطوة قالت «ديلي ميل» إنها أحدث شرخ في معسكر الغرب.

وكان ماكرون قال تعليقا على سؤال عن تصريحات بايدن: «من الضروري التحدث بحذر بشأن التهديد النووي. يجب أن نتحدث بحكمة عند التعليق على مثل هذه الأمور».

back to top