ماذا بعد؟
المرحلة القادمة تتطلب جدية في الإدارة الحكومية والرقابة البرلمانية وجودة حقيقية في التشريع، بعيداً عن المجاملات التي دمرت مجالس متعاقبة ودمرت الكويت، فبعد أن أحسن الشعب الاختيار في الانتخابات أصبح اليوم دور السلطة والنائب والوزير حسن العمل لترتقي الكويت إلى مكانها الصحيح في مقدمة الدول على جميع الصُّعد.
بعد السنوات العشر الماضية، العشرية السوداء، التي تعدت بها قوى الفساد على الكويت بأقبح وأخبث الممارسات اللا دستورية بداية من التحويلات والإيداعات، ثم سرقات الصناديق، وكذلك التواطؤ على الدستور والتعدي على الديموقراطية الكويتية، أتى الشعب الكويتي ليسجل كلمته الحرة في يوم 29/ 9 ويسقط بها كبار أدوات قوى الفساد وينجح بها أغلبية تشريعية من النواب الذين رفعوا رايات الإصلاح والوطنية في حملاتهم الانتخابية.فقد نجح هولاء النواب في اختبارهم الأول من قبل الشعب في صناديق الاقتراع، لكنّ أمامهم تحدياً أعظم وهو تحدي إعادة بناء دولة من جديد، فبعد عشرية الهدم أمامهم اليوم مسؤولية البناء وعلاج الجسد السياسي الذي تراكمت فيه أورام الفساد وسوء الإدارة عبر السنوات، وهذه المسؤولية تتطلب من النواب الثبات على الموقف وتحمل المسؤولية التي كلفوا بها من الشعب.واقع أمرنا هو أننا «ملينا» من الشعارات الرنانة والوعود الوهمية التي لا تنتهي بأفعال حقيقية، وعجزنا في محاولاتنا المتكررة عن الاستبدال بأسماء فاسدة أسماء مصلحة لنجد بعضهم، مع الأسف، ينقلبون على المبدأ والثوابت التي انتخبناهم على أساسها، ولذلك أصبح من واجب النواب اليوم استبدال «نهج» التكسب والمحاصصة الذي أكل عليه الدهر وشرب بنهج إصلاحي جماعي متكامل، فلا يُكتفى بالتغني بالوطنية إنما المطلوب أن تكون الوطنية بالفعل نبراس عملهم.
فما أسهل أن تعلو أصواتنا ونحتج ونصرخ بلا مضمون لأجل التكسب، وما أصعب أن نترجم تلك الاحتجاجات والاعتراضات إلى برامج عملية جماعية تجمع النواب، رجالا ونساء، لتترسخ تصوراتنا العملية ونرى أحلامنا الوطنية تتحول إلى واقع وطني ملموس. ولذلك، هذه رسالة إلى النواب الثقات بأن يرسموا برنامجاً تشريعياً وفق إطار زمني محدد قائم على إصلاح انتخابي مبني على القوائم النسبية المغلقة، وإصلاح سياسي يضمن وجود هيئات وأحزاب سياسية حقيقية، وإصلاح تشريعي نلغي به القوانين التي تعدت على حرية المواطنين، وأعدمت مستقبل العديد من الأحرار كقانون المسيء، إضافة إلى الإصلاح الاقتصادي والمالي لتعود الكويت كما كانت درة الخليج.والرسالة أيضا إلى السلطة، فقد أثبت أبناء الوطن ومنذ 100 عام إيمانهم الراسخ بالمشاركة الشعبية والديموقراطية، فهذه فرصة تاريخية لكم لترتقوا بالكويت إلى نظام ديموقراطي حقيقي قائم على رئيس وزراء وحكومة تعمل وفق مشروع ورؤية صادق عليها الشعب عن طريق الانتخابات لنضمن لها الاستقرار السياسي والمشاركة الشعبية التي تستحقها الكويت ويستحقها أبناؤها. المرحلة القادمة تتطلب جدية في الإدارة الحكومية والرقابة البرلمانية وجودة حقيقية في التشريع، بعيداً عن المجاملات التي دمرت مجالس متعاقبة ودمرت الكويت، فبعد أن أحسن الشعب الاختيار في الانتخابات أصبح اليوم دور السلطة والنائب والوزير حسن العمل لترتقي الكويت إلى مكانها الصحيح في مقدمة الدول على جميع الصُّعد.