بعد سبعة أشهر على بدء الحرب مع أوكرانيا، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية، وهو يُصِرّ على ضم أربع مناطق أوكرانية محتلة بعد تنظيم استفتاءات صُوَرية، وفي غضون ذلك، أكد بوتين للغربيين أنه لا يخدعهم حين يهدد بإطلاق حرب نووية.لكن رغم استمرار الحرب وإعلان التعبئة، لا يزال العمل اليومي الاعتيادي مستمراً في الوزارات والإدارات الروسية، حيث يسنّ المسؤولون القوانين والتشريعات ويحضرون الاجتماعات، وقد بدؤوا يناقشون كيفية التعامل مع الاقتصاد في زمن الحرب.
اتضح استعداد الكرملين لخوض حرب مطولة في مسودة الميزانية بين العامين 2023 و2025، فهي تثبت أن الإنفاق على الجيش الروسي هذه السنة سيصل إلى 5 تريليونات روبل تقريباً (86.1 مليار دولار)، بدل 3.5 تريليونات وفق الخطة الأصلية، حتى أن الإنفاق قد يتجاوز التوقعات الأولية خلال السنوات اللاحقة، وفي الوقت نفسه، بدأ الكرملين يزيد الإنفاق على الشرطة خوفاً من توسّع احتجاجات المعارضين على الأرجح.يوضح مصدر في وزارة المالية: «نحن ننتقل اليوم إلى اقتصاد الحرب، فجميع القطاعات المرتبطة بالتنمية أصبحت ثانوية، بما في ذلك البنية التحتية، والتعليم، والصحة، ولا نفع من مراجعة أرقام الميزانية للعامين 2024 و2025 لأن الوضع يتطور بسرعة فائقة في هذه المرحلة».يضيف هذا المصدر الذي يحضر اجتماعات الكرملين بانتظام: «يشعر الجميع بالتوتر اليوم، ومن الواضح أن الحرب لن تنتهي في أي وقت قريب».يقول مصدر مقرّب آخر من الكرملين كان قد عمل مع بوتين لسنوات عدة: «بوتين يختار التصعيد دوماً، وسيتمسك بهذا الخيار خلال المراحل الشائكة وصولاً إلى استعمال الأسلحة النووية».لكن رغم خطورة الكارثة المرتقبة، لم يعد أحد داخل النخبة الروسية يحاول إقناع بوتين بوقف الحرب، ويكرر الرئيس الكلام نفسه عن محاصرة روسيا من الأعداء ومكائد حلف الناتو، وبالتالي لا جدوى من التكلم معه.يقول مدير تنفيذي في شركة خاصة كبرى، وهو من معارف رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين: «لا تدعم السلطات الروسية في معظمها الحرب، فجميع المسؤولين الذين يقيمون مقارنات مع الحرب العالمية الثانية في العلن يفعلون ما هو متوقع منهم بكل بساطة، فهم يتخذون موقفاً دفاعياً، وكان بعض المسؤولين يظن أن «رب العمل» [إشارة غير رسمية إلى بوتين] قادر على توحيد المجتمع، لكن اقتنع الجميع الآن بأن الواقع مختلف، إنها مشكلة شائعة في المجتمع الروسي: نحن نحاول دوماً أن نجد طريقة للتحايل على سوء الوضع بدل الاعتراض عليه».رغم كل شيء، يظن الكثيرون حتى الآن أن الحرب ستنتهي قريباً، ويقول مصدر مقرّب من كبار المسؤولين: «حتى هذه اللحظة، يحاول الناس أن يقنعوا أنفسهم بأن هذا الوضع كله مؤقّت، فقد بدأت التطورات تزداد خطورة اليوم، وهو أمر إيجابي لأنه يشير إلى انتهاء الأزمة في مرحلة أبكر».لكن يفضّل آخرون الرحيل، فهم يغادرون بهدوء بعد تنظيم أمورهم، فيسحبون أموالهم ويتخذون الخطوات اللازمة لإدارة ممتلكاتهم، ويجد المسؤولون الحكوميون، سواء كانوا يدعمون الحرب في أوكرانيا أو يعارضونها في أوساطهم الداخلية، صعوبة في تحديد الهدف النهائي للحرب ونتائجها المحتملة، ويقول واحد من كبار المسؤولين: «يجب أن نحقق الفوز طبعاً، إنه خيارنا الوحيد، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق هذه النتيجة في أسرع وقت». تعليقاً على ما يمكن أن يحصل إذا خسرت روسيا، يقول مصدر مطّلع إنه لا يستطيع تخيّل هذا السيناريو، فهو يكرر المواقف التي تنشرها الحملات الدعائية الروسية: يريد الغرب أن يدمّر البلد، وتعني أي هزيمة في الحرب مع أوكرانيا نهاية روسيا.* «فريدة روستاموفا ومكسيم توفكايلو - موسكو تايمز»
مقالات
بوتين يختار التصعيد في جميع الظروف
09-10-2022