مصر... سعر الدولار يسارع الهبوط في السوق الموازي
«المركزي» يدرس إطلاق مشتقات مالية جديدة للتحوّط من انخفاض الجنيه
قالت وكالة «بلومبرغ» إن البنك المركزي المصري يخطط للسماح بإطلاق مشتقات جديدة للعملة المحلية، لتعزيز السيولة في السوق المحلي، وإتاحة الأدوات للتحوّط ضد مخاطر تقلب الجنيه المصري، بعد هبوطه إلى أدنى مستوى رسمي.
بينما يشهد سوق الصرف في مصر حالة من الاستقرار والهدوء الحذر، إلا أن السوق الموازي (السوق السوداء) يشهد حالة من الارتباك، وصدمة شديدة مع زيادة المعروض من الدولار بنسب كبيرة خلال الساعات القليلة الماضية.يأتي ذلك في الوقت الذي يراقب فيه السوق، القرارات الجديدة التي تصدر عن البنك المركزي، وما تعلنه البنوك المحلية من إجراءات. وفي إطار الحفاظ على مستوى السيولة بالعملات الأجنبية، قررت بعض البنوك تحديد سقف مسحوبات العملاء بالدولار. فيما لجأت بنوك أخرى إلى طرح شهادات دولارية بعائد سنوي يصل إلى 5.3 في المئة.وخلال الساعات الماضية، شهدت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختصة بمتابعة حركة الدولار وسوق الصرف في مصر، العديد من المنشورات التي تتضمن معروضات كبيرة من الدولار للبيع. وفي المقابل، انخفضت طلبات الشراء بنسب كبيرة.
في السوق الرسمي، استقر سعر صرف الدولار بين 19.66 جنيهاً كأعلى سعر للشراء، مقابل 19.59 جنيهاً كأقل سعر، بينما استقر سعر البيع عند مستوى 19.71 جنيهاً كأعلى سعر، و19.67 جنيهاً كأقل سعر.وفي 5 بنوك بقيادة البنك الأهلي الكويتي، ومصرف أبوظبي الإسلامي، استقرت الورقة الأميركية الخضراء عند مستوى 19.66 جنيهاً للشراء، مقابل 19.69 جنيهاً للبيع.وقاد البنك التجاري الدولي والمصرف المتحد، 7 بنوك، حيث بلغ سعر صرف الدولار على شاشاتها مستوى 19.63 جنيهاً للشراء، و19.69 جنيهاً للبيع.وفي 5 بنوك بقيادة البنك الأهلي المصري وبنك مصر، سجل سعر صرف الدولار مستوى 19.61 جنيهاً للشراء، و19.67 جنيهاً للبيع. فيما استقر سعر صرف الدولار لدى البنك المركزي المصري عند مستوى 19.60 جنيهاً للشراء، و19.71 جنيهاً للبيع.وكان أقل سعر لصرف الدولار في 9 بنوك بقيادة بنك الشركة المصرفية العربية الدولية «سايب»، وبنك المشرق، عند مستوى 19.59 جنيهاً للشراء، مقابل 19.69 جنيهاً للبيع.وفيما يتعلق بتقييد سقف المسحوبات، أعلنت بنوك التجاري الدولي – مصر، وإتش إس بي سي – مصر، وبنك مصر وبنك أبوظبي الأول – مصر، تلك الحدود في خطوة قالت مصادر مطلعة، إنها تهدف إلى الحفاظ على السيولة بالعملة الأجنبية.وتهدف تحركات البنوك إلى تخفيف الضغط على الأصول الأجنبية لدى البنوك. ومن المرجح أن تتحرك البنوك لتخفيف الضغط على صافي أصولها الأجنبية، والتي تعرضت لضغوط في الأشهر الأخيرة.كما تستهدف هذه الإجراءات تضييق الخناق على السوق الموازية. وتشير تقارير إلى قيام البعض (شركات وأفراد على حد سواء) بجمع الدولار - أو استخدام بطاقات الائتمان لشراء كميات صغيرة من الإمدادات الحيوية التي لا يمكنهم استيرادها أو العثور عليها في المتاجر.وكشف الخبير الاقتصادي، هاني جنينة، في حديثه لـ»العربية.نت»، أن الجنيه تعرض لـ 3 ضغوط خلال العقدين الأخيرين، وذلك قبيل كل تحرك حاد في سعر الصرف الرسمي. في يناير 2003، انخفض سعر الصرف من مستوى 4.6 جنيهات إلى 6 جنيهات مقابل الدولار الأميركي بعد ضعف تدريجي من 3.4 جنيهات إلى 4.6 جنيهات خلال عامي 2001 و2002. وقبل ذلك بعامين عانت مصر شبه كساد اقتصادي بسبب انفجار فقاعة عقارية في أواخر التسعينيات.وأوضح جنينة أن الدرس الاقتصادي المهم في هذه المرحلة حدث بالمصادفة البحتة، حيث إن تفاقم الديون المتعثرة في عدد كبير من البنوك الكبرى خلال هذه الفترة، أدى إلى ضعف النمو في السيولة، وبالتالي تراجع الطلب المحلي، ما تسبب في تحسن تلقائي في ميزان المعاملات الجارية.وذكر جنينة أن الضغط على صافي الأصول الأجنبية لم يكن حادا في هذه المرحلة. فمنذ يونيو 2000 حتى ديسمبر 2002، أي قبل خفض سعر الصرف في يناير 2003، انخفض صافي الأصول الأجنبية من 6 إلى 3.8 مليارات دولار.أما الأزمة الثانية، في 3 نوفمبر 2016، فتم الإعلان عن تعويم الجنيه مقابل الدولار، وانخفض سعر الصرف من مستوى 8.88 جنيهات إلى حوالي 13 جنيهاً في نفس اليوم.وللمرة الثانية، كان الانخفاض في صافي الأصول الأجنبية مؤشراً قوياً سابقاً للحدث، فقد انخفض صافي الأصول الأجنبية من حوالي 16 مليار دولار في يونيو 2014 إلى صافي التزامات أجنبية تساوي 13.7 مليارا في أكتوبر 2016.وأخيراً، في 2022، تم تخفيض سعر الصرف بحوالي 18 في المئة خلال مارس الماضي، وارتفع سعر صرف الدولار من مستوى 15.75 جنيهاً إلى نحو 18.50 جنيها في ذلك الوقت، ومازالت الضغوط مستمرة على الجنيه المصري حتى الآن.وللمرة الثالثة، يسبق هذا الخفض في سعر الصرف تراجع حاد في صافي الأصول الأجنبية. ففي يونيو 2021، بلغ صافي الأصول الأجنبية نحو 16 مليار دولار، وانخفضت إلى صافي التزامات أجنبية بلغت 3.3 مليارات في فبراير الماضي.«لذلك، فإن الشركات التي تريد أن تتحوط من تقلبات سعر الصرف، يجب أن تتابع تطور هذا الرقم بصورة شهرية واتخاذ إجراءات تحوطية في حال الهبوط المستمر والحاد لأكثر من شهر على التوالي»، بحسب الخبير الاقتصادي هاني جنينة».كانت بيانات البنك المركزي المصري، قد أشارت أن صافي الالتزامات الأجنبية اتسع إلى ما يقارب 20 مليار دولار في أغسطس الماضي.وهبط صافي الأصول الأجنبية إلى سالب 385.9 مليار جنيه في نهاية أغسطس من سالب 367.8 مليار جنيه في الشهر السابق. وارتفعت في يوليو بواقع 2.27 مليار جنيه بعد تراجع لتسعة أشهر.وقالت وكالة «بلومبرغ» إن البنك المركزي المصري يخطط للسماح بإطلاق مشتقات جديدة للعملة المحلية من أجل تعزيز السيولة في السوق المحلي، وإتاحة الأدوات للتحوّط ضد مخاطر تقلب الجنيه المصري، بعد أن هبط الجنيه إلى أدنى مستوى رسمي قريبًا.وبموجب الخطة ستقوم البنوك بتوفير عقود محلية «للجنيه» غير قابلة للتسليم تسمى NDF، وستسمح للشركات والمستثمرين بالمراهنة والتحوّط ضد تقلبات العملة المصرية؛ بهدف بناء سوق محلية أكثر شفافية وذات مصداقية لبناء توقعات بشأن تحركات العملة، وفقا لأشخاص على دراية بالموضوع.وبحسب «بلومبرغ»، فإن الخطة تستهدف توفير وسيلة للحماية من تقلبات العملة للشركات المحلية في حال تبنّت مصر سعر صرف رسمي أقل. حتى الآن، تتبنى البنوك المحلية في مصر السعر الفوري للصرف فقط.