من المتوقع أن تشهد جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية البرازيلية منافسة قوية، وسط أجواء متوترة، ولاسيما في ولاية ميناس جيرايس، التي يعادل حجمها مساحة فرنسا، وكان يُنظر إليها لعقود على أن لها قولا فصلا في الكثير من تلك المناسبات. وتُعرف تلك الولاية باسم «البرازيل الصغرى»، لأنها تعكس تركيبة مختلف فئات المجتمع، وبالتالي ومنذ منذ عودة البلاد إلى الديموقراطية بعد فترة الدكتاتورية العسكرية التي استمرت من عام 1964 إلى عام 1985، لم يجلس أي مرشح على كرسي الرئاسة من دون أن يفوز في ميناس جيرايس.
ومن المفارقات أن الرئيس المنتهية ولايته، جايير بولسونارو، كان قد تعرّض لمحاولة اغتيال في تلك الولاية لينجو من الموت بأعجوبة، بعد أن مزقت سكين المعتدي «المختل» بطنه في سبتمبر 2018.ويبدو أن تلك الحادثة قد أثرت على التصويت لبولسونارو، مما يجعله يحقق فوزا ساحقا في تلك الولاية، وبالتالي الفوز بولاية رئاسية أولى، زعم كثيرون بعدها أنها كانت ولن تتكرر مرة أخرى.لكن، وفق تقرير لصحيفة التايمز البريطانية، فهناك انقسامات حادة تسود تلك الولاية بشأن الاختيار بين الرئيس اليميني وبين المرشح اليساري، لويس لولا دا سيلفا، الذي حكم البلاد لولايتين بين عامي 2003 و2010، ولم يستطع أن يرشح نفسه في الانتخابات الماضية، بسبب اتهامات وجّهت له بالفساد قبل أن يجري إسقاطها عنه، بسبب خلل في إجراءات المحاكمة.وينسب إلى المرشح اليساري الفضل في انتشال 20 مليون برازيلي من براثن الفقر، وأن فترة حكمه شهدت ازدهارا اقتصاديا مقبولا نسبياً، مما جعل البلاد في مقدمة الاقتصادات الناشئة.في المقابل، هناك من يرى في تلك الولاية أن بولسونارو هو الأحق بالحكم، ومنهم فريدريكو كوتينيو دي سوزا دياس (37 عامًا)، الذي يدير مزرعة مساحتها 200 فدان لتربية الماشية وزراعة فول الصويا.ويقول ذلك المزارع وهو يقف جانب كتلة من أكياس السماد الروسية الصنع: «لقد أنقذنا الرئيس من الموت جوعا»، في إشارة إلى إعلان البرازيل وقوفها الحياد بشأن الحرب في أوكرانيا، مما جعل موسكو لا توقف تصدير الأسمدة إلى تلك البلاد التي تشكّل الزراعة جزءا مهما من اقتصادها.ويرى كوتينيو في قرار بولسونارو تخطيطًا جيدًا للاقتصاد، بينما صوّر منافسه لولا كرجل محاط بالمثقفين الذين لا يفهمون الحقائق الاقتصادية التي يواجهها المزارعون.وتابع بإعجاب: «بولسونارو مثل (رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة) مارغريت تاتشر التي كانت ضد الفكر الاشتراكي، ونجحت في محاربته».وعن مخاوف إقدام بولسونارو على التشكيك بنتائج الانتخابات في حال فوزه منافسه، تقول عمدة مدينة جويز دي فورا، مارغريدا سالوماو، وهي من أنصار لولا، إنها لم تر دليلاً على تصاعد العنف السياسي في المدينة.لكنها ترى أيضًا أنها لم تُفاجأ من أن فريق بولسونارو بدا أكثر ثقة بالفوز من خصومه، رغم عدم انتقال أي مرشح في تاريخ البلاد من المركز الثاني في الجولة الأولى إلى الفوز في الجولة الأخيرة.وقالت سالوماو: «أنا مقتنعة تمامًا بأنّه فاشي، وفوزه سيكون سيناريو سيئا بالنسبة إلى مستقبل للبلاد».وختمت: «مؤيدو الرئيس الحالي يشبهون أنصار (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب في أميركا، الذين ينكرون الخسارة، لأنهم يرون أنفسهم فائزين».
دوليات
«البرازيل الصغرى» قد ترجّح النتيجة بين لولا وبولسونارو
10-10-2022