دشن الملتقى الثقافي موسمه الحادي عشر، بإقامة محاضرة حول كتاب «نظام التفاهة»، تأليف المفكر العالمي د. آلان دونو، ترجمة وتعليق د. مشاعل الهاجري، وقدَّم الأمسية د. حامد الحمود، وشارك في الحضور عدد من رواد الملتقى والمهتمين بالشأن الثقافي، كما حضر جمع كبير من الأدباء والأكاديميين والمثقفين.في البداية، قال الأديب طالب الرفاعي، مؤسس ومدير الملتقى: «تحية من القلب لمؤسسي وأصدقاء الملتقى، الذي ما كان له أن يستمر لولا الزملاء الأفاضل الذين أخلصوا له منذ تأسيسه حتى الآن، وتفاعل وتفضُّل الصحافة الكويتية والعربية، وعلى الأخص الصفحات الثقافية، لتكون لسان حال الملتقى، وصلته الأهم بالساحة الثقافية المحلية والعربية».
وأضاف الرفاعي: «الملتقى كان، ولم يزل، يمد أيادي التعاون مع المؤسسة الرسمية (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب)، والمؤسسة الأهلية (رابطة الأدباء الكويتيين)، وكذلك مع كل ملتقى أو مجلس قراءة، هو شمعة صغيرة في ساحة الثقافة الكويتية». وتابع: «في الموسم الجديد، الملتقى عازم على تناول قضايا فكرية وثقافية وفنية عصرية مُلحَّة، من بينها القضايا المرتبطة باهتمام وتوجهات الشباب، واستضافة وزير الإعلام والثقافة في حوار مفتوح، واستضافة شخصيات فكرية عربية وعالمية عبر منصة زووم، والتكريم السنوي لإحدى الشخصيات النابهة في الفكر والثقافة الكويتية، وأخيراً الملتقى بصدد ترتيب موقعه على (تويتر) و(إنستغرام)، وبالتالي نقل فعالياته إلى جمهور عربي أوسع». وعن كتاب «نظام التفاهة»، قال الرفاعي: «يُنظر لهذا الكتاب بوصفه أحد أهم الكتب الفكرية التي ظهرت خلال السنوات العشر الماضية، وهو يناقش باختصار سيطرة (التفاهة) على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الممارسة الإنسانية، وخاصة في حقل التعليم، وصلته بالاقتصاد، وانعكاس ذلك على الحياة الاجتماعية للأفراد».
هل للتفاهة نظام؟
بدوره، ألقى د. الحمود كلمة بعنوان «مراجعة كتاب نظام التفاهة»، وقال: «عندما شاهدت غلاف الكتاب، تساءلت بيني وبين نفسي: هل للتفاهة نظام؟ لجأت إلى القاموس، فوجدت أن معناها نقص في الأصالة أو الإبداع أو القيم، والذي كان قريباً من ظني، لكن مع ذلك هناك سلوكيات أو عادات مجتمعية عندما تزاول تشجع الفرد على أن يكون النظم السياسية والاقتصادية، والتي رغم نجاحاتها وتفوقها الاقتصادي، فإنها تتطلب أن يكون الشخص تافهاً، بمعنى أنه لنجاحه في هذه الأنظمة يتطلب منه أن يفقد حاسته النقدية». ومن ثم تحدَّث د. الحمود عن الكاتب، وقال إن الدكتور آلان دونو – أستاذ للاقتصاد في جامعة بمقاطعة كوبيك الكندية، وقد درس الاقتصاد في جامعة باريس. ويرى د. الحمود أن الكتاب مناسب جداً لطلبة الدراسات العليا في «العلوم الاجتماعية»، ليكون مرشداً في انتقاء أطروحاتهم. وفي حديثه عن د. الهاجري، قال: «بذلت د. مشاعل جهوداً في ترجمة الكتاب، واستعانت بالنسختين الفرنسية والإنكليزية للتأكد من دقة ترجمتها. د. مشاعل لم تترجم الكتاب فقط، بل وضعت مقدمة تبلغ ستين صفحة يمكن تطويرها لكتاب. كما أنها للتسهيل على القارئ العربي، وضعت هوامش وشروحات يمكن أن تطور إلى مرجع، لمعرفة الكثير عن المثقفين الأوروبيين وغيرهم الذين اقتبس منهم آلان دونو، فشرحت لنا معاني مثل Kleptocracy، والذي نعيشه في الكويت أكثر من كندا، ووضحت معاني مثل البنيوية والتفكيكية، ومئات أخرى من المصطلحات والتعريفات بالكتاب والمفكرين، وأعانتنا بربط موضوع الكتاب بأفكار مشابهة من التراث العربي الإسلامي».من جانبها، تحدثت د. مشاعل الهاجري عن بعض النقاط، وقالت: «أنا لست مترجمة، لكنني أستاذة بجامعة الكويت. كلما قرأت كتاباً لافتاً بمادته وأفكاره، أقوم بترجمة فصل أو فصلين لطلبتي في الدراسات العليا، وكتاب (نظام التفاهة) هو أحد الكتب التي لفتت نظري، وبالفعل ترجمت فصلاً منه، ومن ثم وضعت الفصل المترجم في مدونة لي على الإنترنت، حيث أضع ترجماتي فيها، وبشكل أو بآخر أطلعت دار (سؤال) عليه، ومن ثم ألحوا عليَّ كثيراً لترجمة الكتاب، وبعد سنة وافقت».وأوضحت أنها قارئة، وليست مترجمة أو كاتبة، وأنها تكتب أبحاثاً علمية أكاديمية، وتترجم، وأنها لا تقوم بنشر كتاباتها، باستثناء الشأن الأكاديمي، وبعض الأشياء القليلة جداً تجد طريقها للنشر، وأغلب الأفكار والمواد التي تكتبها لا تنشرها. وعن كتاب «نظام التفاهة»، بينت أنها نشرته بروحية القارئ، وليس الكاتب، لافتة إلى أن كثيراً من الأشياء التي يجدها القارئ في الكتاب، مثل: الهوامش والاستفاضات، هي أسلوبها في الكتابة، وفي ذلك قالت: «أنا أكتب مثلما كنت أتمنى أن أجد مترجماً يكتب، وتلك الطريقة التي أحبها في القراءة، فإذا وجدت مصطلحاً توجد فيه إشكالية، أحب ألا أتوقف عن قراءتي، وأبحث في الصفحات الأخيرة».الكتاب لمس وتراً في الشعور العربي
أكدت د. مشاعل الهاجري، أنها بعد ترجمة الكتاب ونشره لم تتوقع أن يلاقي هذا الصدى الكبير، مضيفة: «لا أدَّعي أن مقدمة الكتاب استثنائية، ولا أدَّعي أن الكتاب غير مسبوق في بابه، لكنني أشعر أنه لمس وتراً ما في الشعور العربي، مثلما لمس بداخلي كقارئة. أعتقد أنه لمس نفس الوتر من الخليج إلى المحيط». وتحدثت عن الترجمة الإنكليزية للكتاب، قائلة إنها جيدة جداً، لكنها لا تكفي للقارئ العربي، لأنها كتبت من زاوية القارئ الإنكليزي، والترجمة الإنكليزية واجهت تحديات مثلما واجهت تحديات في ترجمتها للعربية، ومنها أن بعض الكلمات لا يوجد لها ترجمة في القاموس العربي. وأشارت الهاجري إلى أن البعض يعتقد أن المقدمة طويلة، مبينة: «هي ليست طويلة. كل ما في الأمر أن القارئ العربي ليس معتاداً على حجم تلك المقدمات، فالكتب الإنكليزية عادي جداً أن تكون المقدمة بهذا الحجم».