وضع المستشارون الدستوريون للسلطة رئيس الحكومة في وضع لا يحسد عليه، فهم أفتوا بطريقة «ماذا تريد ونحن نفصل لك»، رئيس الحكومة التي لم تحلف اليمين الدستورية كان يريد المزيد من الوقت لاختيار أعضاء الوزارة، بعد أن انتقد عدد كبير من الأعضاء الكثير من المرشحين للوزارة، حين ثبتت الرؤية الشرعية أن هلال انتقاء الوزراء بالمحاصصة لم يتغير، وأن الأمور على «حطة إيدكم» فلا طبنا ولا غدا الشر، وكانت النتيجة أن دخلت الدولة في دوامة التفسير القانوني الصحيح للمواد الدستورية 87 و106.

وتزاحم فقهاء لم يرتق الكثير منهم لمرتبة الأستاذية بكلية قانون هارفرد الشدادية في وضع التفسير الصحيح، كل واحد منهم هو محكمة دستورية قائمة بذاتها، وكل واحد منهم تلبست ذاته أرواح عثمان خليل عثمان ووحيد رأفت وعثمان عبدالملك.

Ad

ليس المهم ما سبق عندما تمسك كل فريق برأيه بينما أظهر رئيس الوزراء مرونة وتفهماً لتجاوز سوء التفسير أو سوء الفهم لنصوص دستور محنط لنصف قرن لم يتغير ولم يتبدل بنصوص توائم تغير الحياة السكانية، وبكل الأحوال تخبرنا التجارب السابقة في علوم التفاسير الدستورية الكويتية أن الذي تريده السلطة «يصير» في النهاية، من مرسوم الصوت الواحد إلى قوانين المدونات وغيره من مواد تخنق حريات التعبير وممارسات تكبل حقوق الشخصية زج بها في قوانين الدولة من سنوات ولم يكترث لها لا نواب الأمة ولا أهل الحكومة، بل دفعوا بها.

الآن ليس هناك من ضرورة غير النظر بعمق لواقع الدولة الاقتصادي والاجتماعي وتجاوز مرحلة المراوحة والتردد بين ماذا يريد هذا أو ذاك من شيوخ السلطة أو نواب الأمة في اختيار الوزراء وأيضاً كل المناصب القيادية في دولة من «صادها عشى عياله». الدنيا من حولنا تئن من تضخم اقتصادي وكساد قادم لن يفرق بين دول متقدمة ولا نامية، بينما هنا الكل غارق في بحيرة قضايا الدولة الكويتية العظمى وكأنها جبل لا تهزه رياح التغيير في العالم، ويا رب تعز أسعار النفط العالية التي لن تدوم للأبد، لنلتفت لغيرنا ونتعلم بعضاً من دروسهم.

حسن العيسى